انتشار مرض السرطان جنوب الخليل

بين نفي وتأكيد

انتشار مرض السرطان جنوب الخليل

تحقيق: هيثم الشريف/فلسطين

[email protected]

 في بلدتي يطا والظاهرية اللتان تبعدان قليلا جنوبي الخليل ذات الطبيعة الجميلة، استيقظ أهالي البلدتين ذات يوم، ليجدوا أن المرض يفتك بهم كما قال المواطن "ن،ه" من بلدة يطا"عندما يكون هنالك أربعة مصابين أو ثلاثة مصابين في العائلة الواحدة !!إذن هذا شيء واضح".

 وعلل أسباب هذا المرض قائلا"السبب الرئيسي لمرض السرطان هو الإشعاعات النووية الصادرة عن مفاعل ديمونا، ومكب النفايات النووية، إذ أنها مواد مشعة مخبأه في الباطون" .

 وأضاف يقول" في منطقة عرعرة، ومنطقة الليقية، ومنطقة السبع، يأخذوا أقراص أسمها(اللوغول) مضاده للإشعاعات النووية، وكافة المسؤولين يخافون التحدث حول هذا الموضوع ، خوفا من ملاحقة إسرائيل لهم!! من ماذا يخافون لا أعرف؟؟.

 الدكتور محمود سعادة من بلدة الظاهرية قال"لا يوجد معدل طبيعي للسرطان مثل مقياس ريخت، لكنني أأكد أن هنالك حالات إصابات بالسرطان غير موثقة لدى وزارة الصحة، من خلال سفر المصابين للأردن، حتى أن بعض التقديرات والتي نسبت لمستشفى الحسين في الأردن، قالت أن عدد المراجعين سنويا يقارب الـ 500 مصاب بالسرطان من الضفة .

 وأضاف سعادة "لدي عائلات بكاملها لديها عقم، وأحيانا يصل عدد المصابون بالعقم 7 أشخاص في العائلة الواحدة نتيجة لهذا الإشعاع، كما أن هنالك أكثر من 6 حالات إجهاض مرت علي كطبيب، خاصة إذا ما أشرنا إلى أن أكثر من إمرأه أجهضت خلال شهور من6-4مرات، وأنا أأكد أن هناك أكثر من 100حالة سرطان، و40حالة عقم، و13حالة إجهاض وأكثر، إضافة إلى 115حالة تشوه.

 وتحدث الدكتور محمود سعادة من بلدة الظاهرية جنوب الخليلعن سرطانات غريبة الشكل شاهدها من خلال من يراجعون عيادته" المواطن "أ.أ"من الظاهرية والد احد الأطفال المصابين أتى بابنه البالغ من العمر سنتين وثمانية أشهر ، الذي تبين انه مصاب بالسرطان منذ كان عمره سنة وثمانية شهور، وأن مسحاة السرطان في الجسم كبيرة ، حيث أثبت الفحص أن السرطات تغلغل في جسم الطفل لعمق 12 سم و8سمة في الظهر أي بطول 20 سم ، حيث بدأ الأمر على شكل نقطة في ظهره، إلى أن أصبح شكلها مثل تمرة القرع، وهو نمو غير طبيعي للأمعاء!!!، كما أن أم من الظاهرية (أم محمد) أحضرت ابنها البالغ من العمر 3سنوات، وتبين انه مصاب بالسرطانات منذ عام ونصف!!

 أيضا أشار"خ.م" والد الطفل البالغ من العمر5 شهور، أن نجله يعاني من مرض السرطان في عينيه"لا يرى" حيث تم نقله إلى مستشفى هداسا في القدس، وبعد فحصه رفض المستشفى استقبال الحالة!! وتم نقله إلى الأردن، حيث أخبره الأطباء أن هذا الخلل ناتج عن تعرض الطفل إلى إشعاعات .

 كما ذكر المواطن(ر.ع) أن نجله "م" 5سنوات يعاني من مرض السرطان في الدم، حيث تم نقله إلى مستشفى في الولايات المتحدة، بعد أن فشل في علاجه في فلسطين، حيث اُخبر من قبل الأطباء في أمريكا أنه تعرض لإشعاعات، وأن المنطقة التي يسكن بها، يوجد بها نشاط إشعاعي، وسأله الأطباء عن مكان إقامته، وعندما اخبرهم بالموقع، أكدوا صحة التشخيص.

 وأتبع الدكتور سعادة قائلا" كل هذه الشهادات الحية، دليل على وجود أنواع من السرطانات النادرة بالمنطقة، وهي واجبة البحث والتمحيص، حتى أن هناك طفل وُلد ونصف وجهه أحمر، كما تم اكتشاف سرطان الثدي لدى عجوز، إضافة إلى أن هناك أطفال يولدون دون أيدي، ومنهم من يولد بتشوه في وجهه أو جسمه، عدا أن الرجال في جنوب الخليل، يعانون من تساقط الشعر بشكل كبير.

 ورغم تلك الشهادات فإن هنالك من قلل من أهمية حالات المرض هذه، رافضا اعتبارها ظاهرة، ومن بين هؤلاء الدكتور نبيل السيد مدير صحة محافظ الخليل "بالنسبة لعدد حالات السرطان في محافظة الخليل، فهي أقل من المعدل الطبيعي، إذ أن معدل مرض السرطان في فلسطيني هو 68 مصاب لكل مئة ألف، والخليل نستطيع أن نقول أنها أقل من غيرها وهي في المرتبة الرابعة بعد بيت لحم ونابلس ورام الله، حيث تبلغ النسبة لكل مئة ألف62 مصابا، ثم ما أشيع حول أن المصابين بالآلآف، هذا غير صحيح، فالإحصائيات الدقيقة هي أنه في السموع 17 حالة إصابة،وفي الظاهرية42 حالة ، أما في يطا 76 إصابة، وكل تلك الإصابات هي ضمن المعدل الطبيعي".

 وختم الدكتور نبيل السيد مدير صحة محافظ الخليل حديثه بالقول "ثم أنه لا يمكن أن تكون هناك حالات اصابة غير مسجلة لدى وزارة الصحة إذ لا يمكن للمرضى إلا أن يمروا على الصحة لحاجتهم إلى التحويلات داخليا أو خارجيا".

 وقد وافقه الرأي مدير الطاقة النووية والوقاية الإشعاعية في سلطة الطاقة والموارد الطبيعية أحمد أبو صبحة عدم وجود وجود مستويات إشعاعية أعلى من المعايير الدولية "تم الفحص من خلال مختبرات وزارة الطاقة، وتمت بعض الفحوص للجرعات الهوائية في الهواء من خلال الأجهزة الخاصة المحمولة، وتبين أنه لا يوجد لدينا مستويات إشعاعية أعلى من المعدلات الطبيعية.

 إلا أن مواطنين آخرين أكدوا بل وحددوا عددا من الأماكن التي استخدمها الجيش الإسرائيلي لدفن النفايات النووية، ومنها بحسبهم ، مكب بني نعيم، حيث قالوا أن شاحنات إسرائيلية كبيرة كانت تفرغ حمولتها داخل مغارة كبيرة ، وأن مدخلها أغلق بإحكام، من خلال صبّ قطع إسمنتية موهت بلون الصخر، وأُحكمت ببراغي كبيرة، كذلك الأمر بمنطقة تسمى بالجرن الصغير.

 حتى أن بعض السائقين قالوا أنهم كانوا ينقلون من تلك المناطق ، براميل زرقاء فارغة عليها إشارات وعبارات غريبة، ويتم بيعها في سوق الخليل!! دون أن يعرفوا ما كانت تحتوي؟؟؟

 من جهته قال الدكتور خليل ذباينة، الحامل لشهادة الدكتوراه في الفيزياء النووية والتلوث الإشعاعي أن الأجهزة المستخدمة من قبل سلطة الطاقة قديمة، ولا يمكن التحسس بها، حتى وان وضعناها في منطقة ملوثة إشعاعيا، وأضاف يقول" لقد قمنا بدراسات على الغطاء النباتي في جنوب الخليل، وأخذنا عينات من التربة، وأرسلناها للفحص في مصر، حيث أكدت الفحوص أن هنالك مناطق جنوب الظاهرية وجنوب يطا وجنوب السموع ، تحوي نسبة إشعاع عالية نسبيا، حتى أن بعض النسب فوق المعدل الطبيعي بعدة أضعاف.

 وأضاف ذباينة " يوجد لدينا جهاز، حصلنا عليه بدعم من البنك الدولي، وهو من احدث الأجهزة التي تقاس بها الإشعاعات الطبيعية ، وما يؤخر عملنا به أن الجهاز بحاجة إلى غاز النيتروجين للتبريد، لان سعرالعبوة يصل الى 300 شيقل في الأسبوع، وحال حل هذه المشكلة سنكون مستعدين لإعطاء من يريد خريطة إشعاعية عن المنطقة .

 هذا وكان الباحث الإسرائيلي أفنر فينغوش من جامعة بنغوريون، قد أكد من خلال بحث نشر في إسرائيل أن النشاط الإشعاعي ناجم عن وجود مواد مشعة مثل اليورانيوم، و غاز الرادون واأد أنها ظاهرة تشمل الأردن وشبه جزيرة سيناء " وجدنا كثافة أكثر بعشر مرات من المعدلات الطبيعية في طبقات المياه الجوفية من الراديوم.

 وعلى اثر هذه الدراسة حذر 15نائبا بمجلس الشعب المصري، من احتمال تلوث المياه الجوفية في المناطق المتاخمة لإسرائيل بالإشعاعات الخطيرة الناتجة عن الأشطة النووية الإسرائيلية، وطالبوا بإرسال فريق علمي على مستوى رفيع ، يضم كافة التخصصات العلمية والزراعية والصحية إلى سيناء، للقيام بعمليات بحثية وتحليلية عاجلة، لعينات من المياه والتربة والمزروعات، وكذلك لقطعان المواشي في هذه المناطق المحتمل تضررها، لبحث نسبة الإصابة بالإشعاع النووي.

 كذلك كان الخبير النووي الإسرائيلي موردخاي فعنونو كان قد دعا الأردن لإجراء فحوص طبية لسكانه المقيمين في المناطق القريبة من الحدود مع إسرائيل، لمعرفة مدى تأثرهم بالإشعاعات، من اجل توزيع الأدوية الضرورية لهم، كما فعلت إسرائيل مع سكانها المقيمين قرب مفاعل ديمونة، حيث وزعت أقراصا وقائية من الإشعاع النووي سميت ب"اللوغول".

 

 بدوره قال الناطق الإعلامي باسم مجلس محلي عرعرة في بئر السبع سابقا صقر أبو صعلوك ومدير عام وكالة نبأ للإعلام "تم توزيع اللوغول على سكان عرعره في النقب وضواحيها، بعد أن تنكرت بداية إسرائيل للعرب، حيث ووزعتها باديء الأمر في ديمونة ويرحم، حيث اُخبر السكان انه في حالة تسرب إشعاعي وإعلان ذلك في وسائل الإعلام ، فإن على كل مواطن التهام حبة لوغول لمنع دخول الإشعاعات داخل الجسم.

 حتى أن الدكتور سفيان التل المستشار الدولي الأردني في شؤون البيئة الأردنية كان قد قال"أن مفاعل ديمونة ، قد أنتج أربعة ملايين طن من النفايات، دفن منها48% بصورة رسمية و52% بصورة غير رسمية.

 أيضا الطبيب الإسرائيلي ميخائيل شابيرا من مستشفى هداسا، كان قد أكد أن هنالك انتشار لسرطان الدم في جبل الخليل على نحو غير طبيعي، وذلك من خلال أعداد المصابين المحولين لمستشفى هداسا وخاصة من بلدة يطا كما قال.

 كذلك فإن المكتب الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، كان قد حذر من خطورة الإشعاعات النووية الصادرة عن مفاعل ديمونة الإسرائيلي الموجود في صحراء النقب، حيث جاء في المذكرة المعممة على الدول العربية أن الدراسات والأبحاث التي أجرتها مراكز الرصد المتخصصة، قد أكدت وجود تسرب إشعاعي نووي من مفاعل ديمونة النووي، اثر تعرض المفاعل لمشكلات وأعطال فنية مؤخرا،بسبب انتهاء فترة العمر الافتراضي للمفاعل النووي الذي أقيم عام1964 بدعم وتمويل من فرنسا.

 ونظرا لكثرة الحديث عن موضوع الإشعاع وتأثيره على الصحة العامة، وازدياد القلق لدى بعض المواطنين من انتشار الأبراج على اختلاف أهدافها، قال الدكتور عدنان جودة مدير دائرة الإشعاع البيئي في سلطة البيئة"موضوع الإشعاع وتأثيره الصحي على الإنسان، العلم حتى الآن لم يتوصل لنتيجة نهائية بخصوصه، وبالتالي فإننا نضع شروط احترازية، منها عدم وضع الأبراج في مدارس ورياض أطفال قريبة من البرج.

 وأشار جوده إلى وجود آلية واضحة للتعامل مع شركة جوال، وإصدار شهادات بيئية " نحن نتعامل حاليا مع الأبراج قيد الإنشاء، أما القائمة، سنتابعها هي ومحطات التلفزة، والاذاعات، بالرغم أنه وبكل صراحة وشفافية فإنه لا يوجد لدينا أجهزة قياس، وحاليا نقوم بحسابات نظرية، أضف إلى ذلك أننا كنّا قد اتصلنا بالوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأعطيناهم خيارين، إما أن يزودونا بأجهزة فحص خاصة، أو يرسلوا فريق للقياس ، كما طالبنا شركة جوال بإحضار جهاز قياس لفحص الإشعاعات الناجمة عن الأبراج!!؟؟

 وقد علق المهندس عوني الزبدة رئيس الإدارة التقنية في شركة جوال ،على الاتهامات بأن لأبراج جوال علاقة بانتشار المرض قائلا"لسلطة جودة البيئة أن تفحص بالأجهزة الموجودة انه هل القوة المتفق عليها، والطريقة التي ركبت فيها، شركة جوال ملتزمة فيها أم لا ؟ حتى عند الاستيراد، تقوم إسرائيل بفحص هذه الأجهزة، وهل هي مناسبة ومطابقة للمواصفات العالمية أم لا؟ وهذه الفحوص تؤكد بالضرورة أنها لا تشكل أي ضرر لا للإنسان ولا للبيئة مطلقا، ثم انه لا يوجد أي نص أقرته سلطة البيئة أو وزارة الاتصالات يمنعنا من البناء في رياض الأطفال أو فوق أسطح المستشفيات، واستشهد على قولي بوجود أكثر من 10موافقات قد تمت لإنشاء أبراج فوق أسطح المستشفيات، وقد تم الإنشاء فعلا.

 وأضاف المهندس الزبدة"ثم انه لا يوجد نص واضح يلزم بان يكون هناك ابتعاد عن هذه الأماكن، وبصراحة إن سلطة جودة البيئة غلبتنا كثيرا بالشروط التي تضعها ، فهي أكثر من الشروط الموضوعة في بلد مثل السويد ، خاصة إذا ما قلنا بأنه لو كان هنالك خطر للأبراج بالضرورة فإن تأثير أبراج جوال أقل بعشرات المرات من تأثير أبراج الضغط العالي.

 وبين نفي وتأكيد وعدم البت بصورة قاطعة بأسباب هذا المرض الذي فتك بعدد من سكان بلدات جنوب الخليل مثل بلدة يطا والظاهرية، إلا أنه وكما يقول المثل"درهم وقاية خير من قنطار علاج.

 أضف إلى ذلك أنه تاريخيا يمكن القول أنه:

1.في عام1987قامت إسرائيل بدفن نفايات صلبة في أراضي قرية عزون قرب قلقيلية، ويعتبر هذا المكب مصدرا خطرا على المواطنين.

2. اكتشاف كميات كبيرة من النفايات السامة من بقايا كيماوية بالقرب من قرى عزون، وجيوس، وتل صوفين القريبات من قلقيليه.

3. في عام1999 تم اكتشاف250 برميلا تحتوي على مواد سامة مجهولة ومهربة من إسرائيل غلى قرية أم التوت في جنين

4.إنشاء مكب للنفايات الصلبة بالقرب من مستوطنة يافيت في غور الإردن بعد نقله من منطقة العفولة داخل إسرائيل.