مصداقية طهران تجاه سورية
مصداقية طهران تجاه سورية
لو اندلعت حربا بين سوريه وإسرائيل
د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري
منذ تهديد وزير خارجية الكيان الصهيوني والذي أطلقه تجاه سورية ونظامها , وشبح الحرب يخيم على المنطقة , وكثرت التأويلات والتوقعات , منها المؤكد لوقوعها , وغيرها المعارض لهذا الرأي
فما الذي تغير بين سورية وإسرائيل , منذ فك الإرتباط بين الجيشين سنة 1974 والجبهة مستقرة استقرار كامل , ولا يعكر صفو فك الإرتباط إلا بطلعات متفرقة لطيران العدو الصهيوني وقصف بعد المناطق
الذي تغير بالفعل هو دخول إيران بقوة على الخط , ويبدو من واقع الأحداث أن النظام السوري أصبح يدور في فلك النظام الإيراني , وكأن الوعود الإيرانية لسورية تفي بغرض دمشق , من حيث وجود حلف قوي يضم إيران وسورية وحزب الله
وأن إيران ستقف بكامل قوتها بجانب سورية في حال إذا اندلعت الحرب بين سورية وإسرائيل وستكون الضربة القاضية للكيان الصهيوني بهذا التحالف القوي والداعم لسورية
من حيث المبدأ طهران دولة قوية , ولها أنصار كثر على المستوى الشعبي في المنطقة وخلاياها النائمة
ولكن هل يمكن أن نثق بطهران , في أنها ستقف بكل إمكانياتها بجانب سورية في حال إذا اندلعت الحرب ؟
ليس من السهل الإجابة على هذا السؤال بشكل مباشر , وإنما علينا أن نتتبع مواقف الفرس تجاه العرب , قديما وحديثا , حتى نصل لنتيجة قد تكون مقنعة للكثير
(فمنذ أن خط أول حرف في التأريخ، خط معه اعتداءات الفرس المتكررة عليها، وإلى أن أنهوا على أيديهم دولة أكد سنة (2160) ق.م. ولم يكتفوا حتى أتبعوها بسومر، ودمروا عاصمتها (أور) وأحرقوها سنة (2006) ق.م. وأخذوا ملكها ((آبي سين)) أسيراً، ليموت هناك في زنازين القهر في بلاد فارس).(د.طه حامد الدليمي) غربان الخراب في بلاد الرافدين.
المعنى أنه لم تقم دولة أو حضارة في بلاد الرافدين إلا وكان تدميرها على أيدي الفرس , هذا قبل الإسلام , وبعد الإسلام وفتح بلاد فارس ماتركوا فتنة إلا وأيقظوها في هيكل الدولة العربية الإسلامية , بداية من قتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه , ومقتل عثمان ابن عفان رضي الله عنه , وقتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه , وقتل العلويين من سلالة علي رضوان الله عليهم أجمعين
ودورهم الذليل وتعاملهم في القضاء على الدولة العباسية , بمساعدة هولاكو , واعتبر الفرس ذلك فتح لهم بعبقرية ابن العلقمي والطوسي وهم أعلام عند الفرس
يقول الخميني في كتابه ( الحكومة الإسلامية ص 128): (ويشعر الناس بالخسارة أيضاً بفقدان الخواجة نصير الدين الطوسي و أمثاله ممن قدموا خدمات جليلة للإسلام).
هذه الخدمات كانت في تدمير بغداد والخلافة الإسلامية وإبادة مجتمع بكامله , فهي خدمة جليلة للفرس كما هي الحال الآن في الخدمة الجليلة التي قدمها لهم بوش
وفي العقيدة الشيعية الفارسية ,تهيئة الأرضية المناسبة لبعث المهدي , أو كما يسمونه بالقائم
من هو المهدي عندهم؟
المهدي عندهم هو أحد أحفاد يزدجرد آخر ملوك الفرس , اسمه (خسرو مجوس) لنجم الثاقب في أحوال الإمام الحجة الغائب، 1/185
مهمة المهدي عندهم: رجل حاقد أكل جرب الحقد كبده، يقتل - أول مـا يقتل – العرب ويبدأ بقريش ! ليس بينه وبينهم إلا السيف، لا يستتيب أحداً فليس هداية الناس ورحمتهم من شأنه. بل ليس هو على دين الإسلام، إنما يأتي بأمر جديد وكتاب جديد وقضاء جديد!
وأول عمل يقوم به هدم الكعبة والمسجد النبوي وإخراج الطاغوتين أبو بكر وعمر وصلبهما مع ابنتيهما ومن ثم إحراقهما
لن أعدد مهمة المهدي عندهم أكثر من ذلك , ويكفي لدينا هذا دليلا على حقد الفرس المتأصل على العرب منذ فجر التاريخ وإلى قيام الساعة
إن المذابح التي فعلوها في العراق في وقتنا الحالي لاتقل بشاعة عما فعله ابن العلقمي والطوسي في بغداد
وهنا لابد من العودة للتساؤل الأول
إذا كان تاريخ الفرس معنا بهذه العقلية الإجرامية والحقد الدفين والذي يظهر حقيقة واقعة كلما سنحت لهم الفرصة لذلك , يمكن أن تكون هناك ثقة متبادلة بين الطرفين , أو لنقل هل من المعقول لأي عربي أو مسلم أن يثق بحكام طهران ؟
في السنين الماضية ,عندما غزا السوفييت افغانستان كان الإيرانيون الداعم الأشمل للسوفييت ضد افغانستان
وعندما أرادت أمريكا احتلال أفغانستان , كانت إيران تقدم مساعدات سخية لأمريكا في مقابل احتلال إفغانستان , وكررت نفس الدور في العراق تساعد الشيطان الأكبر كما تسميه حكومة طهران.
كما صرح بذلك أبطحي ورفسنجاني
2006 عندما نشبت الحرب بين حزب الله وإسرائيل , هل دعمت طهران حليفها حزب الله والذي ينادي ويؤمن بولاية الفقيه , أم انها اكتفت بالشعارات فقط ؟
قد تختلف المصالح بين اليهود وقم , ولكن لن تكون هناك حرب تشترك فيها طهران بجانب العرب , ولو كان النظام السوري , أو حزب الله
تلك المعارك الجانبية والتي تشترك فيها إيران بالقول وليس بالفعل , ماهي إلا تبرير مؤقت لتحقيق مصالحها هي بالذات ,ولن تقف بجانب مصلحة العرب ولا المسلمين
إن النظام السوري سيكون هو الضحية فقط ,في هذه اللعبة بين طهران وإسرائيل والغرب, والشعب السوري هو الخاسر الوحيد , فيما لو اندلعت الحرب بين الطرفين, كما حصل في لبنان 2006 وتدمير البنى التحتية للدولة اللبنانية , وتحقيق شيء واحد فقط هو:
أن إيران امتلكت وقتا أطول للسير قدما في تطوير برنامجها النووي
فهل يعي النظام السوري حقيقة النظام في طهران , أم أنه سيستمر في تفرده بالقرار بعيدا عن محيطه العربي والإسلامي ليتورط في حرب لن يكون فيها إلا الخاسر الوحيد