لماذا قتل عماد مغنية ، ومن وراء مقتله

د. علي حسين – كاتب سوري

قد لا يعرف الكثير عن عماد فايز مغنية الملقب بـ"الحاج" ،  ولكن المخابرات الأمريكية تعتقد أنه قيادي في حزب الله من مواليد 7 ديسمبر 1962 لبناني من أصل فلسطيني وإنه كان أحد الحراس الشخصيين لياسر عرفات وكان له دور رئيسي في التخطيط لحادث تفجير معسكرات القوات الفرنسية في بعلبك و تفجير السفارة الأمريكية في بيروت أثناء غزو لبنان 1982 ، كذلك تفجير السفارة العراقية في بيروت وفي 1985 تم اتهامه في حادثة اختطاف طائرة تي دبليو أي الرحلة 847 التي كان ضحيتها أحد ضباط البحرية الأمريكية روبرت شيتم بالاشتراك مع اثنين آخرين هما حسن عز الدين وعلي عطيوي . وهناك جائزة لمن يدل عليه والتي ارتفعت من 5 مليون دولار إلى 25 مليون دولار بعد إحداث سبتمبر 2001 ، عندما كان اسمه على رأس قائمة من 22 اسم وزعتها الولايات المتحدة ، وهذه الجائزة دعي إيران لترحيله من الأراضي الإيرانية خوف الانتقام الأمريكي في حينها بعد تفجيرات نيويورك وواشنطن. في عام 1996 ، نشرت صحيفة "ويب هوستنك راتن" عن علاقة بين تفجيرات مجمع الخبر السعودي والذي أسفر عن قتل 19 أمريكيا وبين عماد مغنية. وفي عام 2002، نشرت صحيفة "دي فيلت" الألمانية عن دور بارز لعماد مغنية في عملية تمويه كبيرة بغية تهريب قيادة منظمة القاعدة من أفغانستان وعلى رأسها أسامة بن لادن وذلك بإشاعة خبر دخول بن لادن إلى باكستان. ومن الجدير بالذكر أن عماد على لائحة المطلوبين للعدالة في دول الإتحاد الأوروبي. وعماد مغنية يشرف بنفسه على ترسانة الأسلحة التي تصل من طهران بصناديقها إلى مطار دمشق ، دون السماح حتى للجمارك السورية الإطلاع عليها ، وتذهب برفقة الاستخبارات السورية عن طرق عدّة إلى مخازن حزب الله في لبنان، ومغنية يعرف الكثير ومطلوب للعدالة الدولية ، فلا بدّ التخلص منه بأسرع مايمكن قبل أن يصير أمره مُحرجاً ، سواءً تمّ ذلك بالاتفاق مع حزب الله أو من عدمه ، لأن مثل هذه الأمور لاتحتاج إلى الأذن ، فقط قوات الاستخبارات هي التي تُنفذ عندما يأتيها الأمر من رأس الهرم المتسلط .

اغتيل ليل أمس الثلاثاء 13شباط 2008 عماد فايز مغنية القيادي العسكري البارز في حزب الله اللبناني بالعاصمة السورية دمشق، بتفجير سيارة في حي كفر سوسة ... وعلى الفور اتهم نظام آل الأسد جهاز الموساد الإسرائيلي باغتياله ، كما وردد حزب الله نفس السنفونية التي رددها نظام آل الأسد من أن جهاز الموساد وراء عملية اغتيال عماد مغنية ، وهي كذلك نفس الأسطوانة المشروخة التي قالها قتلة الحريري عندما اغتيل في الـ 14 من شهر شباط من العام 2005 ،  لكن مئات التساؤلات دارت وتدور الآن عن دور نظام آل الأسد  ومصلحته في مقتل الحريري وعماد مغنية  ناهيك عن أن الامن على الارض كان بيد المخابرات السورية ، وهل يعقل أن تغتال إسرائيل أهم قيادات في حزب الله والحليف الأقوى للمخابرات السوري والإيرانية ؟ ، وهل يعقل أن يغتال عماد مغنية في منطقة كفر سوسة وهي محاطة بسياج أمني لا يستطيع أحد الأقتراب منه لوجود مقار الأجهزة الأمنية في المنطقة ؟ وهل ومن السذاجة سيقبل الشعب السوري واللبناني مقولة النظام السوري وحزب الله أن إسرائيل وراء عملية اغتيال القائد العسكري لحزب الله ؟ ، وربما آصف شوكت وراء عملية الاغتيال للحصول على الفدية التي رصدتها الولايات المتحدة الأمريكية لرأس عماد مغنية ؟ ،  واذا سلمنا فعلاً أن جهاز الموساد  الإسرائيلي وراء العملية فإنه لمن دواعي الخزي والعار لنظام بشار الأسد ومسؤول أجهزته الأمنية آصف شوكت ، أن يتمكن جهاز الموساد من تنفيذ عمليات نوعية بهذا المستوى داخل العمق السوري والذي يدعي النظام بإنه محصن ومتين ، وهل من الممكن أن يتم استهداف قيادي عسكري بأهميه عماد مغنيه وسط العاصمه السوريه بالرغم من الاحتياطات الامنيه الافتراضيه التي تتخذها السلطات السوريه وحتى مرافقه في منع وقوع هذا الامر .

اذاً  من وراء اغتيال عماد مغنية ؟ ، وكما تساءل الكاتب مؤمن كويفاتية  لماذا قتل بهذا اليوم ؟ ، ولماذا التزامن في تشيعيه مع الذكرى الثالثة لاغتيال الشهيد  رفيق الحريري رحمه الله ؟ ، هل هي صدفة ؟ ، أم أنها الأيدي القاتلة الحقيقية هذه المرّة هي التي نفذت حادثة تفجير مغنية ، لاشك إن قتل رجل كعماد مغنية لابدّ أن يكون مُتصاحباً مع أمر جلل لرجل ذاع صيته ، ولم يجدوا مُناسبة ولا توقيتاً أفضل من هذا اليوم العظيم الذي يتمّ الإعداد له من قوى الاستقلال والتحرر للتغطية على الجريمة السياسية ، وللإدعاء على إسرائيل حيناً وأمريكا وأُوربا أحياناً أُخرى لشحن شارع الأتباع والأزلام والعملاء في هذه المُناسبة التي لاشك من المفروض ان تُغضب حزب الله ولكن باتجاه مِن هذه المرة ؟ ،  ومثلما يقولون : "ضرب عصفورين بحجرة واحدة "، فمن هو الذي يستطيع اختيار الوقت والمكان وقوّة التأثير غير النظام السوري وحده ؟ ، ويطرح حازم صاغية السؤال ويقول : من قتل عماد مغنية ؟ ، ربما ينبغي أن يطرح السؤال بطريقة مختلفة : لماذا قرر نظام آل السد تصفية مغنية ؟ ، أي ما هو ثمن رأس مغنية بالنسبة للنظام السوري ؟ ، علماً أن لعماد مغنية قيمة رمزية كبيرة في نظر الأمريكيين والإسرائيليين .

اذاً كل المعطيات وكل الشبهات تحوم حول نظام بشار الأسد وجهاز أمن حزب الله ، وعلينا الا ننسى التقارير التي نشرت قبل شهرين تقريباً عن خلافات داخل بيت حزب الله ، وأن نعيم قاسم سيتولى قيادة حزب الله ، وأن السيد حسن نصر قيد الأقامة الجبرية ، هذا ما يعطي بصيص ضوء في نفق مظلم ، ويؤكد أن عماد مغنية لم يقتل أو يغتال صدفه ، بل أن هناك خطوط متشابكه ومتقاطعة تواصلت فيما بينها لهدف واحد الا وهو الخلاص من شخصية قيادية مهمة في حزب الله ، ويمكن أن يكون عماد مغنية كبش فداء لتخفيف من حدة الضغوط التي يتعرض لها النظام السوري ، وببساطه فإن نظام آل الأسد مستعد  للتضحية برجل مثل عماد مغنية تخفيفاً للضغوط التي يتعرض لها ، كما فعل سابقاً مع رئيس الوزراء السابق محمود الزعبي ووزير الداخلية غازي كنعان ، وكل ذلك يتزامن وفي كل مرة مع تقدم عمل المحكمة الدولية للتحقيق بجريمة اغتيال الشهيد الحريري ، ونظام آل الأسد على استعداد تام للتضحية بكبش جديد اذا كان ذلك يخدم تعطيل المحكمة ، أو يبعد عنه شبح المثول أمام المحكمة الدولية ، ونتوقع أن يكون الكبش السمين في الجولة القادمة العميد رستم غزالة ، واذا حصل ذلك فالى  جهنم وبئس المصير.