مأساة حماة : وطن أسير.. وجرح راعف
عبدالله القحطاني
هل يستطيع آل أسد ، الادّعاء ، أو الزعم .. بأن حكمهم هو حكم وطني !
ربّما .. ونحبّ أن نصدّق ! فمَن لايحبّ أن يصدّق ذلك ، مِن شعب سورية كله !؟
لكن مامعنى الوطنية لديهم ..!؟ وهل عندهم مفهوم خاصّ لها ، مثل مفهومهم للديموقراطية الخاصّة ، التي اخترعوها ، وصاروا يحكمون بلادنا بموجبها !؟
فإذا قبِل آل أسد ، العودةَ إلى معنى المصطلح ، ومناقشته .. لمعرفة قربهم منه ، أو بعدهم عنه ..عدنا إليه ، لنرى أين هم منه ، ومن معانيه المعروفة ، كلها ، لدى البشر جميعاً .. سواء أكان في تعاملهم مع الوطن ، أم مع الشعب ، خلال ثمانية وثلاثين عاماً ، مِن حكمهم الميمون لبلاد الشام !
وإذا قالوا : لا..لاحاجة بنا إلى الدخول في مثل هذه الفلسفات غير المجدية .. نحن حكّام وطنيون ، وحسْب .. وحكمنا حكم وطني ، وحسْب .. ولاشيء لدينا ، وراء ذلك ، نقوله .. ومَن لم يعجبه كلامنا ، فليضرب رأسه بجدار صلب ..!
إذا قال آل أسد هذا الكلام ، قلنا لهم : حسناً .. فأنتم ، إذن ، تصرّون على أن تكون لكم مفهوماتكم الخاصّة الشاذّة .. بل المناقضة لكل ماتعارف عليه البشر ! كاللصّ المشهور بلصوصيته ، الذي يدّعي الأمانة ، والفاجر المجاهر، الذي يدّعي الشرف ، والقاتل المحترف، الذي يدعي البراءة ..! وهذا يعني ، بالضرورة ، أن يعيد النظر بكم ، كل من لا يعرفكم على حقيقتكم ، من المخدوعين بإعلامكم ، وزيفكم ، وشعاراتكم !
وإذا كان من مسلّمات الفكر الإنساني ، أن مِن أوجَب مهمّات الحاكم الوطني :
ـ حماية البلاد من العدوان الخارجي ( وربّما لايعدّ احتلال الجولان عدواناً خارجياً ، ولا تعدّ نزهات الطيران الإسرائيلي ، فوق سورية ، عدواناً خارجياً .. في نظر حماة الأوطان الأشاوس !).
ـ ورعاية شؤون المواطنين ، داخلياً ، وتأمين حاجاتهم الأساسية ، وحفظ حقوقهم الإنسانية والوطنية ، وحماية أنفسهم وأموالهم ، من العدوان ، والعبث ، والتخريب..!
نقول : إذا كانت هذه من أوجب مهمّات الحكم الوطني ، في حدوده الدنيا :
ـ فأين تقع حماة ، من هذا كله !؟
ـ وأين تقع سورية ، كلها ، من هذا كله !؟
ـ وأين يقع شعب حماة ، وشعب سورية ، من هذا كله !؟
فإذا لم يكن لديكم جواب ، سوى الثرثرة الحمقاء ، التي يردّدها قطيع الببغاوات ، في وسائل إعلامكم .. فلا بدّ من أن يحزم شعب سورية أمره ، ويصرّح بحقيقة ماأنتم عليه ، وما صِفتكم ، بالنسبة لسورية وشعبها ..!
ونقول هنا :
ـ إن سورية بلد محتلّ أسير، في أيدي عصابة من اللصوص المغامرين القتلة .. وإن شعب سورية ، شعب أسير لدى هذه العصابة ! بَيدَ أن القوّة التي تأسره بها العصابة ، وتذبحه بها ، هي عسكر بلاده ، والسلاح هو سلاح بلاده ، والمال الذي يشترى به السلاح ، هو مال بلاده!
وبناء عليه :
ليست حماة ، وحدَها ، هي الجرح الراعف ، منذ ثمانية وثلاثين عاماً .. بل سورية كلها ، وطناً وشعباً وحضارة !
ولن ندخل في إحصاءات ، حول أعداد المواطنين ، الذين قتلتهم الأسرة الميمونة ، من شعب سورية .. وحول أعداد الذين سجنتهم ، وأعداد الذين شرّدتهم ! ومَن أراد معرفة شيء من ذلك ، فليسأل أيّ مواطن سوري ، داخل سورية ، أو خارجها .. ليطّلع على مالم يعرف ، من حقيقة الحكم الأسدي الميمون !
كما لن ندخل في إحصاءات ، عن الأموال التي نهبتها أسرة أسد ، وماتزال تنهبها ، صباحَ مساءَ ، مع أقاربها ومحاسيبها ، وأزلامها وأعوانها ! بَيدَ أنا ننصح مَن أراد المعرفة ، بالعودة إلى سؤال المواطنين السوريين ، عن ثروات آل أسد ، وآل مخلوف ، وآل شاليش ..! وعمّا ورِثه حافظ أسد من أبيه ، وورّثه بنيه .. وعمّا ورِثه جميل أسد من أبيه ، وأبقاه تركة متنازعاً عليها ، بين زوجته وبنيه ! ( والتركة ، محلّ النزاع ، ليست كبيرة ، على كل حال .. إنها خمسة مليارات دولار أمريكي .. حسب الإحصاءات المتداولة في وسائل الإعلام ، والوثائق المعروضة أمام القضاء ! أمّا باقي التركة ، الذي نال كل فريق حقّه منه دون نزاع .. فلا يخضع للحساب ، لأن المحاسبة عليه قد تعدّ تدخّلاً في أسرار الناس الخاصّة !).
باختصار شديد : سورية وطن أسير ، وجرح نازف كبير!
ولإيضاح الصورة ، وتبسيطها .. نقول : سورية وطن أسير، وجرح هائل ، تَـنبع منه ، وتصبّ فيه ، مجموعة جراح نازفة ، منذ ثمانية وثلاثين عاماً .. وماتزال ! ولايدري أحد ، إلاّ الله ، حتّامَ يستمرّ النزف :
ـ القتل اليومي ، صبْراً ، بأشكاله المختلفة في السجون .. بلا حرية ، ولا دواء ، ولا كرامة..نزف !
ـ قتل المواطنين ، في المدن والأرياف والبوادي : قتل الأجساد جوعاً ، وحرماناً من ثمن الدواء .. وقتل النفوس إهانةً ، وإذلالاً ، ورعباً .. نزف !
ـ قتل المشرّدين قسراً : قتلهم بمشاعر الحزن والأسى والغربة ، والبعد عن الأهل والوطن ، وحرمان موتاهم من القبور داخل بلادهم .. نزف !
فما الذي بقي من مآثر ( الحكم الوطني !) ، لم يقدّمه آل أسد لشعب سورية !؟ وما الأيادي البيضاء ، التي لم ينعِم بها آل أسد ( فرسان الحكم الوطني!) على وطنهم سورية ، وعلى أبناء وطنهم ، شعب سورية !؟
بل : أيّ نوع من أنواع الحقد ، والبطش ، والتنكيل .. ضدّ شعب سورية ، لم يتفوّق فيه آل أسد ، على عتاة المستعمرين المحتلّين ، عبر التاريخ الإنساني .. بما في ذلك ما تصبّه عصابات الصهاينة من عذاب ، على شعب فلسطين الصابر، الأبيّ الجريح !؟
ثمّ .. ماذا ينتظر شعب سورية !؟ وماالذي بقي لديه ، ممّا يمكن أن يخسره ، في ظلّ هذا (الحكم الوطني !) الأصيل النبيل ..!؟