كيف نحاصر العدوّ
أ.د. حلمي محمد القاعود
[email protected]
لا
شأن لنا الآن بما يصدر عن هؤلاء النائحات النادبات من كتّاب النفاق والتبعية حول
شيطنة " حماس " وتحويلها إلى العدو الاسترتيجى لمصر والأمة العربية ، بدلاً من
العدوّ الفاجر الذي يتلذّذ مع مطلع كل صباح بخنق الشعب الفلسطيني في عقاب جماعي ،
لم يشهد له التاريخ مثيلاً من قبل ، مع استخدام أحدث الوسائل وأحطها في قتل أفراد
هذا الشعب البائس على مدار الساعة سواء بالطائرات إف 18 أو الدبابات الميركافاة أو
المدفعية الثقيلة ، وكأنه يواجه جيشا مسلحا في ميدان قتال !
الشعب الفلسطيني المظلوم يواجه بلحمه العاري ، وحشية نازية يهودية ، تغوّلت في ظل
التواطؤ العربي الخسيس ، والدعم الآثم المجرم من قبل المجتمع الاستعماري الصليبي
بقيادة الولايات الأمريكية المتحدة ، وأصوات النائحات النادبات التي تعلن أن الخطر
الفلسطيني ، بل الإسلام ، هو الأولى بالمكافحة ، وليس النازية اليهودية المتوحشة
التي تستبيح أرضنا كل يوم بالألوف الذين يدخلون سيناء صباح مساء دون تأشيرة دخول ،
ويعيثون في الأرض فسادا بالعري والسكر والعربدة والمخدرات دون أن ينوح أو يندب صوت
منافق عميل !
نحن
الآن في حاجة ماسة إلى محاصرة العدو النازي اليهودي في فلسطين المحتلة ردا على
إجرامه ودمويته ضد أشقائنا الفلسطينيين العزل الجوعى..
وقد بدأ اللاعب " محمد أبو تريكة " في كوماسى ،أول خطوة في حصار القتلة اليهود
الغزاة حين كشف عن الفانلة التي يرتديها وعليها " تعاطفاً مع غزة " ، فأفقد الغزاة
القتلة صوابهم ، لدرجة أن رفعوا صورته من محرك البحث " جوجل " الموجود على الشبكة
العنكبوتية ( الإنترنت ) ، وأخذوا في ملاحقته على مستوى " الفيفا " والإعلانات ،
والكاف ، لتدمير مستقبله وتأديبه وجعله عبرة لغيره ( راجع تحليل الصحفي محمد
القاعود ؛ الأسبوع – 2/2/2008م ) . ويوم كشف أبو تريكة دموية الغزاة النازيين
لملايين المشاهدين ، فإنه بدأ حصار العدوّ ليكون في موقف الدفاع لأول مرة ، بل
ليكون في قفص الاتهام أمام الضمير الإنساني ، ولكن هذا لم يعجب الأشاوس والنشامى من
كتّاب العار والذلة ، الذين هاجموا اللاعب صاحب الضمير الحي ، وتناسوا ما فعله
اللاعب الغاني العميل " جون باستيل " الذي رفع العلم اليهودي الاحتلالي احتفالاً
بفوز بلاده على نظيره التشيكي في كأس العالم 2006م بألمانيا ، وكافأه الغزاة
النازيون اليهود على فعلته الشنيعة التي أيد فيها – ضمنا – دمويتهم ووحشيتهم –
باحترافه في فريق نيوكاسل يونايتد الإنجليزي !
إن
حصار القتلة الغزاة اليهود أمر ممكن بل واجب وطني وقومي وديني ، وأعتقد أن المنوط
به القيام بالحصار هو الشعب العربي والمسلمين جميعاً في مشارق الأرض ومغاربها ،
وأصحاب الضمير الحي في أنحاء العالم .. أما الحكومات والإدارات المسئولة عن الشعوب
العربية والإسلامية ، فلا أمل فيها ولا رجاء ، لأن بعضها يستقوى باليهود لتثبيت
مركزه ووجوده ( انظر مثلاً عزم الجنرال مشرف على الاعتراف بالكيان النازي اليهودي
ليضمن البقاء على الكرسي ، والتجاوز عن شبهة اشتراكه في قتل بى نظير بوتو! ) .
الأمل في الله أولاً وآخراً ، ثم في الأفراد والشعوب التي تستطيع أن تفعل الكثير في
مجال محاصرة العدو وفضحه وكشفه أمام العالم . ومن العبث إقناع دول الطوق والهامش
التي تصالحت مع العدو النازي اليهودي ، بوقف العلاقات السياسية والاقتصادية
والسياحية معه ، فقد خرج بعض كتاب السلطة ، ليقولوا : تريدوننا أن نخسر ولا نجد من
نبيع له الغاز ؟ أو إنكم تريدون أن تعود الجيوش النازية اليهودية لتحتل سيناء
وتجتاح الأردن ؟
الخوف والجبن والذعر ، أمام الغزاة هو الذي يحكم التصوّر الحاكم في العالم العربي .
أما المقاومة ، ولو بالحصار ، فغير واردة إطلاقاً .. مع أن الغزاة وسادتهم
الصليبيين ، أساتذة في فن الحصار وخنق من لا يرضون عنه . يُحاصرون إيران وكوريا
وسوريا والسودان .. وفرضوا الحصار لعقود على ليبيا والعراق ؛ علما أن الحصار كل
مجالات الحياة ( ومنه حصار غير منظور يعرفه المعنيون ) .. ولكن لا أحد من المسئولين
في عالمنا العربي الذي يملك النفط والمال والغاز والشرعية والأسواق والعقول الناضجة
؛ يؤمن بمحاصرة العدوّ حتى يرضخ للقانون الدولي ويكف عن مقارفة الإجرام !
شعوبنا تستطيع أن تفرض حصاراً من نوع آخر ، بقدراتها وإمكاناتها ، ففيها العناصر
المؤهلة من رجال القانون والمحاماة والمثقفين الحقيقيين ، الذين يمكنهم ملاحقة
مجرمي الحرب اليهود قضائيا ، منذ جرائمهم في الثلاثينيات حتى اليوم ؛ وكثير من
المجرمين اليهود يتولى الآن المسئولية في الكيان النازي اليهودي ، مما يحرمهم من
الخروج وتجاوز حدود فلسطين المحتلة .. وهذه خطوة مهمّة تذكر العالم بالمجرم وجريمته
!
إقناع التجار والسماسرة ممن يسمونهم رجال الأعمال ، بالكفّ عن التعامل مع الكيان
الغاصب ، وإلا جوبهوا بالحصار من جانب الشركات والمؤسسات الوطنية والقومية
والإسلامية ، فلا تتعامل معهم ، لا تبيع لهم ولا تشترى منهم .
التجار الشرفاء في أرجاء العالم العربي يستطيعون عدم التبادل التجاري والاقتصادي مع
تجار الدول الداعمة للعدو ومؤسساتها.. وسوف أضرب مثالا واحدا على ذلك : تجارة
السيارات ، حيث يستورد العالم العربي سنويا بمليارات الدولارات أحدث الموديلات..
وهذه السلعة متوفرة في أماكن أخرى . ( هيا نحي المقاطعة الفعالة لكل ما ليس له بديل
) .
الضغط على المؤسسات الدولية التي تجرى فيها لقاءات خارج المؤسسات الرسمية بعدم
استضافة الغزاة أو استقبالهم أو مشاركتهم في الأنشطة التي تمارسها هذه المؤسسات
وتقديم جرائمهم وعدوانهم دليلاً حياً ، ومسوّغاً أساسياً في رفض الاستقبال
والمشاركة .
المطالبة بالتعويضات المالية عن جرائم القتل والهدم واللصوصية والاستغلال لثروات
الشعوب والأفراد على مدى أيام الاحتلال وسنواته الطويلة ، وهى جرائم لا تسقط
بالتقادم ، وكما يفعلون مع الألمان ويستنزفونهم حتى يومنا ، ويوجهون سياستهم بسبب
ما يُنسب إلى هتلر ، فينبغي أن يحاسبوا على جرائمهم ويدفعوا الثمن غالياً ..
وأعتقد أن كثيراً من أبناء الشعب العربي سيسهمون في تقديم المعلومات والإسهامات
والجهود لكشف جرائم العدوّ وفضح عملائه وأنصاره وتقديمهم جميعاً داخل القفص ،
ليكونوا عبرة لمن يعتبر ..
ثم
إن لدينا أعدادا هائلة من مستخدمي الإنترنت في أرجاء العالم العربي ؛ يمكنهم
الكتابة إلى الصحف الأجنبية بما فيها صحف العدو نفسه – ولو لم تنشر - عن الجرائم
اليومية والقديمة التي تقطر دما من أيدي الصهاينة ، وباللغات المختلفة ، مع إرفاق
الصور الدالة كلما أمكن .
قد
يستهين البعض بمثل هذه الجهود في محاصرة العدوّ ، ولكنها ستكون لبنة في بناء جدار
عريض حول القتلة النازيين ، والضغط على الحكومات العربية – وفيها عناصر صالحة بلا
ريب – لتكون أكثر شجاعة وتواجه الإرادة النازية اليهودية ، بإرادة عربية إسلامية
أكثر صلابة وقوة وقدرة على المواجهة بالحصار الاقتصادي والسياسي والسياحي
والاجتماعي .. ومن ثمّ الحصار الآخر الذي نحلم به ، ويعرفه جيل الأمل والنصر
المنشود بإذن الله .