ثوار آخر زمن

خليل الصمادي

[email protected]

عضو اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين/ الرياض

عجيب أمر ثوارنا الفلسطينيين إنهم يستحقون بالفعل لقب " ثوار آخر زمن"!!

وما العجب العجاب إلا لتصريحاتهم المغايرة تماما لما آمنوا به يوما ،وبنوا عليه مجدهم السياسي ، والنضالي، وياليتهم يعتذرون عما سلف ويريحونا حتى نبحث عن ثوار غيرهم ، ولكنهم ما زالوا مصريين على أنهم هم الثوار والمناضلون ولا غيرهم.

عجيب أمر هؤلاء القوم الذين ما زالوا يتشدقون بالنضال والمقاومة ليل نهار، وسلوكهم يندفع سريعا وبلا هواده نحو إسرائيل ومحاربة كل من يقاومها.

 أفهم وفي قواميس الثوريين كلها وفي العالم أجمع ، أنه يحق للثوريين القدامى التقاعد أسوة بغيرهم من الموظفين،و أن من حق  المتقاعسين عن النضال الثوري  أن يرتاحوا من عناء المسيرة ، وأن من أصبح يكفر بالمقاومة أن يعلنها صراحة ، ولا ضير من ذلك فالحرية الفكرية متاحة للجميع ، وأن من وجد أن المقاومة انتقلت من مربع الخيار العسكري إلى بعض المظاهرات والاستنكارات ، والكتابة على جدار الفصل العنصري  بخط جميل، أن يعلنها بصراحة،وله أن يبدي ما عنده من طروحات استسلامية علها تجد آذانا صاغية فله الحق بذلك فهو في عصر العولمة والقطب الواحد والتأييد المنقطع النظيرلإسرائيل؛ فيصبح حينها رجل السلام والوفاق والوئام، أو على الأقل مواطنا صالحا .

 أما من يمارس سلوكا أمريكيا أو صهيونيا ، ويتفيقه علينا ليل نهار بالمقاومة والنضال ودحر الاحتلال فتلك الطامة الكبرى التي لا يفهما طلاب التمهيدي بالمدارس الثورية القديمة!!

يدعون أنهم مقاومون مناضلون !!ويلتقون مع رموز أعداء الأمة جهارا نهارا يخططون ويكيدون وإذا خرجوا في فضائيتهم فإنهم يفتحون دفاترهم القديمة فينظرون ويتفيقهون ويمارسون شتى أنواع العهر النضالي!!

يصرخون: لا لبناء الجدار العنصري وشركاتهم الإسمنية تمده بما يحتاج من مواد بناء، يقولون لا للحصار وهم يدعمون من يحاصر ويتوسلون إليه أن يبقى الحصار مفروضا !!

 والطالمة الكبرى أنهم صاروا يبررون مخازيهم بأطروحات ثورية في نظرهم فقط!!

أصبحوا يناقضون ما كانوا قد ذهبوا إليه أيام عزهم النضالي والثوري ويضعون لوما وإدانات لا يستطيع أحد أن يفهمها ، فصواريخ المقاومة أصبحت عبثية !! لأنها تفتك بالشعب المسكين ، والشرعية الانتخابية أصبحت إنقلابا!! وهم الذين انقلبوا على الشرعية الشعبية أصبحوا يمثلون غالبية الشعب، في حكومة لم يتمتع رئيسها وحزبة إلا بنائبين أو ثلاثة،  وأما فك الارتباط الاقتصادي بالكيان المغتصب أصبح دمارا للدولة المستقلة، بربكم كيف يكون التحرير والاستقلال إنه دعوة للدول الاستعمارية القديمة بالعودة لديارنا على أن يقدم من نال الاستقلال اعتذاره لهم!! ، وحتى فك الارتباط الإسرائيلي لا يجوز حتى بالمعايير الأخلاقية ـ هذه جملة بحاجة لشرح ـ!! وأصبحوا يصرخون ويحذرون من مؤامرة سلخ قطاع غزة عن امبراطورية رام الله العظمى وإلحاقها بأرض الكنانة ، علما أن الإنقلابيين على حد زعمهم متمسكون بوحدة الضفة والقطاع ولم يفكروا يوما بهذا الترهات ، وأما الحلم الفلسطيني فحدث عنه ولا حرج ، وأصبح هذا الحلم مادة دراسية مقررة في أكاديمياتهم !! الحلم الفلسطيني في إقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس عفوا " القدس الشريف"، الحلم الفلسطينيي في الاستقلال!! الحلم الفلسطيني في تحطيم الجدار، الحلم الفلسطيني في العودة،  حتى أصبحت هذه الأحلام أحلاما بالفعل وعلينا أن ننام كثيرا علَّ مثل هذه الأحلام تخدرنا أياما أُخر.

وحتى فتح معبر رفح أصبح طامة كبرى على الشعب الفلسطيني لأنه لم يتم بالتنسيق مع أعداء الأمس أو الرباعية!! وحتى الاستقبال الرائع الذي قام به الشعب المصري لإخوانه الغزيين حولوه إلى مناكفات وتأجيج الصدوربين الشعبين الشقيقين، وادعاءات وافتراءات بالنيل من الشعب المصري الأبي ، وأما تحطيم حواجز سايكس بيكو التي تربوا على الكفر بها أصبحت جريمة كبرى في حق القومية العربية والأمة الواحدة،وأصبح نشيد:

 بلاد العرب أوطاني / من الشام لبغدان /

 من مخلفات التاريخ.

 ورفع علم فلسطيني غير مقصود من قبل مراهق سياسي على أرض رفح المصرية أصبح خيانة عظمى يعاقب عليها القانون ، وأما ما قام به اللاعب أبو تريكة من نصرة أهل غزة فسمي على حد بعض كتابهم ومعلقيهم طلبا ًللشهرة على حساب دماء أهل غزة،   واستشهاد الرموز من حماس أو أبنائهم مسرحيات أعدت باتقان ، ومحاولات اغتيال هنية كذلك مفبركات إعلامية ، واستبباب الأمن في غزة والتي شهد بها جميع من زارها أصبح فلاتا أمينا وقطع الأرجل والرؤوس والألسنة ، وإصدار أمر بإغلاق جريدة تهاجم حماس ليل نهار بسبب إساءتها لأصحاب اللحى من ممثلي الشعب الفلسطيني أصبح جريمة تقشعر منه الأبدان!!

يدعون أنهم فجروا الثورة ، وانهم أسبق في العمل النضالي من غيرهم ، وكأن الأمور تقاس هكذا ، فالمرتدون كان أكثرهم من السابقين للإسلام ولم يمنعهم ذلك من خروجهم من الدين ، وألهاهم التكاثر حتى أصبحوا يتبجحون بأن غالبية السجناء منهم ، وياليتهم يحترمون سبب سجن هؤلاء الأبطال الميامين.  

و... و... وأمور كثيرة لا تغيب عن الحصيف أصبح يضحك منها أكثر الناس ولا دليل على ذلك إلا المقارنة بلقائين منفصلين على قناة "الجزيرة مباشر" الأول مع السيد نمر حماد يوم السبت 9/2/ 2008-والثاني مع الأستاذ إسماعيل رضوان القيادي في حماس بعد يوميين بـ، 11/2/2008

والذي تابع هذين اللقائين يعرف الحقيقة،  ويجس نبض الشارع الفلسطيني والعربي، ويكشف حقيقة هؤلاء  ـ ثوار آخر زمن ـ فأكثر من عشرين اتصالا جاء لكل منهما ، واحد فقط أيد المستشار وأما في اللقاء الثاني فواحد فقط عارض الأستاذ رضوان ولم يتمكن الأستاذ رضوان من الرد لا لأنه حجته دامغة ولكن لأن أحد المتصليين من أهل غزة ومن الذين لا ينتمون لأي تيار سياسي حسب ما ادعى، وممن عايشوا أيام أحداث الحسم العسكري كفاه مؤونة الرد.