قبل أن تنحدر المركبة في منزلقها الأخير
أيها السيد...
جان عبدالله
قالت العرب قديما …ان كلمة حق في حضرة سلطان جائر أفضل من جهاد سبعين سنة… وقيل في الكتب الدينية أيضا…من يأخذ بالسيف… بالسيف يؤخذ…..
كما أن تقويم الأعوجاج وتبيان وجه الخطأ والصواب هو حق لكل مواطن من منظار شراكته في الوطن وحصته من ترابه….ولأن نظامكم لازال يرتكب أخطاء في الحكم والسياسة والمناهج تضر بمستقبل الوطن وتهدد مركبته بالانزلاق ..وهو الذي يحكم حتى الان بالقبضة الأمنية وتحت لافتة البعث (الشبه بريئة) والذي أصبح عقدة بارزة لاتشبه بقية أجزاء الوطن رغم ما كان له في نفوس الناس من عطف واحترام زرعها أيام نشأته الأولى.
اليت على نفسي كمواطن سوري من أبناء الفرات, غساني الأصل, من أحفاد جبلة ابن الأيهم, ومن الذين يحاول حليفكم الفارسي الحاقد اخراجهم كبقية العناصر العربية من أرضهم ووطنهم, أن أكتب هذا النداء لا بدافع الحقد والكراهية لأنني لا أعرف لهم طريقا بل لأنني اتسال دائما عن سر هذا التعقيد الذي سببتموه لشعبنا وعن سر الشعارات والتأويلات الغامضة التي يقف المواطن العادي حائرا في حل الرموز التي تنطوي عليها.
وأستعجب أكثر كيف يمكن أن تسدوا اذان الشعب وتغمضوا عيونه وتكبلوا عقوله حتى لايرى تيارات التحرر والنهضة و التقدم في العالم وليبقى في معزل عنها وخارج نظامها.
ان الأسلوب الذي لازال يتبعه نظامكم في طمس معالم الحركة الوطنية وزج رموزها في السجون بعد تعذيبهم وحذفها من كتب التاريخ حتى لا يبقى في هذا الوطن من يفغر فاهه….. رغم النصائح الكثيرة التي قدمت لكم من رجال سياسة وزعماء وطنيين اخرها كانت نصيحة الأستاذ الوطني الكبيررياض الترك.
أيها السيد, أستغرب أيضا كيف تسطيع النوم وكيف تستشعر بلذة الفوة والنصر على شعبك فقط وكأننا لسنا من شعب واحد أو أبناء وطن واحد مع أن نظامكم لم يظهر مثل هذه القوة مع الأنذار التركي في تشرين الأول عام 1998 لتسليم عبدالله أوجلان فاوافق على الشروط التركية مزعورا لتجنب اي صدام بالرغم من أن الوفد التركي تصرف يومها بصلافة كان صعبا قبولها ,هذا الحقد لم يكن يعرفه الشعب السوري من قبل والذي أعادنا الى زمن أبي العباس السفاح والى دعاة الثورة العباسية الجديدة تحت ستار الهاشمية وخلف عباءة الدين.
ان المظهر الاستبدادي الذي يظهر به حكمكم اليوم قد تسبب بتدهور سمعة سورية في نظر الحكم الديموقراطي والرأي العام العالمي, كما أن ممارسته لكل السلطات التشريعية والتنفيذية قد ألقى الرعب والحقد في قلوب الغالبية العظمى من المواطنين وكأنكم أيها السيد لم تروا عواصف البرد والرعد فةق منطقتنا تنذر بتغيرات في الطقس معتقدا بأن حركة التاريخ أيام الحرب الباردة قد تؤدي دورها مرة أخرى في عهدكم كما أدتها في عهد والدكم من قبل رغم أنكم جربتم مختلف المسالك الى واشنطن, المباشرة منها عن طريق الاتصالات العصرية (أون لاين) والغير مباشرة عن طريق الكثير من الوسطاء , وبذلتم جهودا محسوسة لتطويع المشاعر للواقع المستجد من حولكم, وبديتم متجاهلين لما حدث في العراق الشقيق الذي كان حجر الزاوية في المنطقة وكان يمكن أن يكون ثاني دولة عربية ديموقراطية لو استقامت أمور الحكم فبه حتى لو لم تكن على طريقة ديموقراطية الرئيس الأميريكي جيفرسون فاليابان أيضا لم تكن مستعدة لذلك ولكنها الان بلدا ديموقراطيا, وذلك لأن الرئيس العراقي أقنع نفسه من أن خلافه مع الكويت هو مسالة عربية بحتة أو على الأقل هذا ما أوحته له السيدة ابريل غلاسبي سفيرة الولايات المتحدة في العراق انذاك.
سورية, أيها السيد كما العراق هي في دائرة المصالح الاستراتيجية العالمية ويكفي ان تطالعوا تصريح وزير الخارجية الاميريكية السابق جون فوستر دالاس من أن سورية هي أكبر حاملة طائرات ثابتة على الارض في الشرق الاوسط وتلاحظ ان الولايات المتحدة ودول الغرب عموما انغرس في اعماقهم درسا تاريخيا وهو الايقدموا تنازلات لاعدائهم لانها تساعد على زيادة خطرهم, ففي 1938 أخطأ شامبرلاين رئيس وزراء بريطانيا انذاك حينما قدم تنازلات لهنلر وتحولت التضحية بتشيكوسلوفاكيا بعدها الى حرب ضد بريطانيا وحلفائها.
وفي 1952 أخطأ دين اتشيسون وزير الخارجية الأمريكية السابق عندما قال أن كوريا تقع خارج خط الدفاع الاستراتيجى الاميركي وكانت النتيجة أن كوريا الشمالية اعتقدت ان اميركا لن تتدخل في المنطقة فأعلنت غزو كوريا الجنوبية مما اضطر الولايات المتحدة للتدخل وانقاذ كوريا الجنوبية. فالولايات المتحدة رغم أنها تجري وراء مصالحها الا أنها لم تعد تستطع خذلان الشعوب مرة أخرى, لانها تتدعي نشر مبادىء حقوق الانسان وهذا يتطلب انقاذ الشعوب لا الطغاة الذين يتحكمون بهم, والرئيس الاميريكي لايمكن أن يكون رئس مصالح فقط بل رجل مبادىء مع المصالح اذ عندما خذل الرئيس ايزنهاور 1965 شعب المجر بعد أن شجعه على التمرد ضد التدخل الروسي ثم رفض مساعدته ترك ذلك اسوأ الأثر على سمعة السياسة الأمريكية.
لذلك أيها السيد أترك أخوتنا اللبنانيون يعيشون كما يحلو لهم في بلدهم ويكفيك ما سببته لهم من ماسي ومصائب وعبث في اقتصادهم ومصارفهم,فاللبنانيون يريدون أن يعودوا الى حياتهم الطبيعية وأن يكون قرارهم بيدهم ففي بيروت ودمشق حكايات كثيرة.