إلى أين يسير إعلامنا العربي

د.مراد آغا *

[email protected]

عندما أنعم علينا الغرب بالاقمار الصناعيه ودخول أول الفضائيات والاطباق اللاقطه تنفس أكثرنا الصعداء بعد عصور من الاعلام الرسمي احادي القطب والشكل أو كما يحلو للكثيرين تسميته باعلام ودع واستقبل وحيا واستنكر والذي كان يفرض وقسرا رؤيه أشخاص وشخصيات تتكرر مرارا وتكرارا حتى حفظها أبناء بلادها عن ظهر قلب من حكام ومسؤولين وما لف لفهم  من مطبلي القطب الواحد الأوحد

بعد تنفسنا الصعداء على مبدأ حريه الاستقبال والاطلاع على مايجري من حولنا بدأنا نفكر مقارنه ببني البشر حول مالدينا ومالديهم وحرياتنا وحرياتهم ومستوى دخلنا ومستواهم وكل مايخطر على بال في عالم انفتاح اعلامي بدأ يتسع تدريجيا حتى وصلنا الى عالم التدرج نحو العولمه وازاله العراقيل أمام حريات تنقل المعلومات والافكار السياسيه عبر انشاء أول فضائيه عربيه اشتقت مدرستها من المدرسه الانكليزيه أي الجزيره وليده ال بي بي سي البريطانيه والتي كان يفترض لها أن تنشأ بأموال سعوديه ولكن تردد هذه الاخيره لأسباب تعنيها أدخل قطر في مجال المنافسه وأعطت الجزيره صفاره البدء بنوع من الحريه الفكريه السياسيه كسرت المألوف في عالم الصمت والخوف العربي

وبعد ندم السعوديه على اضاعه فرصه الجزيره تمت فبركه العربيه على غرار الجزيره لكن الاولى كانت قد قطعت شوطا وباعا كبيرا في مجال الحريه والاعلاميه أو على الاقل المسموح بها بحيث لم تمكن الثانيه أي العربيه من اللحاق بها لحد الساعه بالرغم من سباق البذخ وضخ الاموال بين قطر السعوديه كل على صنيعته الاعلاميه

المهم ودون الخوض في مدى الحريه والخطوط الحمراء لكل من قنواتنا الفضائيه العربيه فان دخول الانترنت مرادفا للفضائيات جعل كسر آخر ماتبقى في جدار الصمت والظلام الاعلامي العربي أمرا مؤكدا

لكن الحريات لم تقف عند هذا الحد بل بدأ التحلل والتحرر الاخلاقي والفكري يتخذ منحى مبرمجا وممنهجا عبر قنوات الدعاره المقنعه وقنوات الهشك بشك والتي وصل عددها الى المئات مقابل قنوات التعليم الديني والاجتماعي والثقافيه محترمه المضمون والقالب والتي تعد على أصابع اليد

ناهيك عن أن الهجوم الاعلامي والتجاري عبر القنوات التجاريه والصفحات العنكبوتيه وتلاعبها بالعقول والقلوب والجيوب حتى افراغها من آخر ماكان فيها من دنانير ودراهم

حتى الاطفال لم ينجو من فتك الاعلام التجاري حيث يحرض الاطفال في أكثر من قناه على ارسال الرسائل الخاصه ال اس ام اس عبر الهاتف الجوال بحيث وصلنا الى حاله فراغ فكري ومادي لم يسبق له مثيل في عالمنا العربي المترنح أصلا في ضياع فكري وأخلاقي وعجز اقتصادي حيث تتقاذفه رياح الاعلام الغربي الممنهج بحيث وصل ترنح العقول العربيه الى حد مواز لترنح راقصات الهشك بشك يمينا ويسارا في توجه فكري فوضوي لانحسد عليه

المهم أن كل ما تم ادخاله الى عالمنا العربي لحد الساعه من حداثه ومعلوماتيات وحريه تنقل للفكر والافكار لم يقدم شيئا في بلاد يرزح حوالي نصف سكانها تحت خط الفقر ناهيك عن الكم الهائل من الاميين والعاطلين والطوابير الهائله على أبواب السفارات بحثا عن الرزق في بلاد يوحي اعلامها لانساننا العربي بأنها جنات الخلد على وجه اليابسه ممايؤدي وبمقارنه هذا الانسان البسيط مابين حاله المزري وحال أقرانه في بلاد الغرب الى حاله هستيريه من محاولات الهروب من البلاد وبكل طريقه ووسيله وتكفي نظره على شمال المغرب العربي المحاذي للشواطئ الاسبانيه لأخذ فكره أكثر من واضحه عن المعاناه في سبيل الهروب من الواقع

الحريه الاعلاميه في بلادنا العربيه اليوم هي سلاح ذو حدين

أولهما هو معرفه مايحصل حولنا وهذا وان وصلنا اليه لم يغير من واقع الحال شيئا بل على العكس زاد من حده المعاناه والكبت العربي على مبدأ

ان كنت لاتعلم فهي مصيبه ... وان كنت تعلم فالمصيبه أعظم

ثانيهما أدت حاله العلم بالشيئ الى عمل سبر واحصاء لتفكير الانسان العربي وكيفيه ردود افعاله عبر استفتاءات واستقصاءات الرأي العربيه بحيث يمكن لمعاهد الدراسه الغربيه وحكوماتها واستخباراتها تحضير الداء والدواء المناسب لكل بلد على حده وكيفيه التعامل مع عقول البشر في تلك البلاد

لكن الذي لم يكن في الحسبان في فتره وعصر حريه انتقال الفكر والافكار وتبادلها هو اطلاع الانسان الغربي على عالمنا العربي والاسلامي عن قرب واعجاب الكثيرين وخاصه من الطبقه المثقفه في تلك البلاد بالحضارتين العربيه والاسلاميه الامر الذي أدى في حالات كثيره الى أسلمه هؤلاء الاشخاص ناهيك عن ايضاح وشرح موقف الانسان العربي من الازمات والمشاكل وقضايانا الشائكه والمزمنه كالقضيه الفلسطينيه وغزو العراق وغيره واستدراج عطف الرأي العام العالمي لقضايانا وبخاصه مواضيع حقوق الانسان والظلام والظلم الفكري والاجتماعي والاقتصادي الذي يرزح تحت نيره أغلب أفراد المجتمعات العربيه

هي أمور قد تكون قد أدت في مجملها الى اعاده التفكير في تنظيم الاعلام العربي وتحرك المعلومات في هذا العالم

لكن مانترقبه هو معرفه أي من المواضيع التي ستطرق ونوعيه التقنين والضبط الذي سيحصل هذا ان حصل

هل سيتم ارجاع الفضائيات السياسيه الى عصر اعلام ودع واستقبل أم ستترك لها هوامش حرياتها الحاليه

أم هل ستضبط قنوات الدعاره المقنعه والهشك بشك وسيحد من خطرها على عقول وجيوب الانسان العربي

أم أن الضبط سيكون وحسب الارشادات والاوامر الغربيه على قنوات الارشاد الديني وفرض تضييق عليها مواز لاطلاق يد فضائيات هشك بشك امعانا في حل أوساط وعقول الشباب العربي

هل سيتوقف الاعلام العربي الذي يبث بالانكليزيه ولغات عالميه اخرى عن البث لماقد سببه ويسببه من تعاطف مع قضايانا ومؤيدين لها في العالم الغربي

هل سينجح من فشلوا في ازاله الحدود العربيه العربيه وكان آخر فشلهم هو في اعاده بناء حدود غزه مع سيناء هل سيتمكن هؤلاء فعلا من ترشيد حريه الفكر والتفكير لصالح الانسان العربي أم أن المؤتمر لايعدو عن كونه ترسيخا آخر للجدار العازل والفاصل مابين أبناء الامه العربيه ومابين هذه الامه والعالم الخارجي اللهم باستثناء ماهو هدام ومبرمج

سنترك الاجابه على هذه التساؤلات لمؤتمروزراء الاعلام العرب ولما سينتج عن هذا المؤتمر على أرض الواقع هذا ان نتج شيء أصلا.

               

*حركه كفى