ذاكرة العراق ستحتفظ بالجميع

ولكن شتان بين بني طارق وبني مالك

شهاب عبد العزيز

من المعروف أن ذاكرة التأريخ تحتوي كل شيء ، فهي لا تفرق بين غث وسمين، ولا بين شريف وغير شريف، ولا بين مؤمن وزنديق. الكل نجدهم في ذاكرة التأريخ، والأسوأ من ذلك فإننا ربما نجد شخصاً لا يستحق الاحترام حقاً نجده من رجالات عصره، بينما يقبع آخر في زوايا بعيدة من صفحاته رغم دوره الكبير في تغيير مجرى الأحداث، والقاريء الساذج هو وحده من يقرأ التأريخ بهذه الصورة مكتفياً بما يُكتب له دون تحليل أو نظر أو مقارنة أو إعمال فكر، فهو يعتمد الخلاصة التي وضعها غيره.لكن المتفحص الحكيم هو الذي سيجيل نظره في الزوايا وفي أنفاق التأريخ ليستخرج الدرر، ويعيد صياغتها وفق المؤشرات التي تنتشر هنا وهناك، وبالنتيجة النهائية سينصف الجميع ويأخذ كل ذي حق حقه.

ما أكثر الغث في عراق ما بعد 2003 وما أقل السمين، ما أكثر الكلاب وأقل الأسود، ما أكثر النفعيين وأقل المضحين، وستحوي ذاكرة التأريخ كل هؤلاء بل ستحوي حتى الكلاب التي تفتش الداخلين إلى المنطقة الخضراء، ستذكر طارق الهاشمي وإبراهيم الجعفري ولكن شتان بين الهاشمي المدافع عن حقوق الإنسان وبين الجعفري سفاح سامراء، ستذكر صباح الساعدي وتذكر بهاء الأعرجي، ولكن شتان بين الساعدي النزيه وبهاء السارق، ستذكر نديم الجابري وستذكر جلال الدين الصغير ولكن شتان بين الجابري المعتدل والصغير الطائفي،  ستذكر عبد الستار أبو ريشة  وتذكر حميد الهايس ولكن شتان بين أبو ريشة الشهيد والهايس القبيح.

إن دخول التأريخ بشرف لن يكون بالخداع والكذب والتزوير، التزوير ربما يخدع أو يفرض أمراً ما في وقته لكنه لا يمكن أن يمر عبر فلاتر التأريخ، ولكن تبقى هناك حالات قليلة ربما لن ينصفها التأريخ وهي قليلة جداً، لكن ليتذكر الجميع أنه إن كانت حالات قليلة تُمرر عبر التأريخ فإن أبواب الجنة لا يمكن أن تُفتح لمخادع مهما بلغ مكره ودهاؤه لأن الأمر حينئذ ليس بيد ليس بيد دولة  القائد العام للقوات المسلحة وليس بيد فخامة رئيس الجمهورية ولا المخابرات ولا العصابات، ولا بيد علي ولا عمر ولا الزبير ولا الحسين ، هناك الأمر كله لله.