الإهانة المزدوجة للعالمين ابن باديس ومحمد الأكحل شرفاء
الإهانة المزدوجة للعالمين
ابن باديس ومحمد الأكحل شرفاء
معمر حبار
القراءة لشخصية علمية معينة، تتطلب من المتتبع نقدها حين يستلزم النقد، بغض النظر عن أن هذا النقد يجلب الرضا أو الغضب. وفي نفس الوقت يستلزم الدفاع عنها، بكل صدق وأمانة ووفاء، والاعتراف بأخطائها إن وجدت، والوقوف بقوة لكل من يسيئ إليها، حتى لو أراد غير ذلك، وأراد بعمله الدفاع عن تلك الشخصية.
هذه المقدمة، تدفع المرء إلى الوقوف مليا لما حدث مع الشيخ ابن باديس، ولعل أولها الاحتفال بيوم الوفاة على أنه يوم العلم، وكأنه عدو يحتفل بموته، شأنه في ذلك شأن المفكر مالك بن نبي، يحتفل بموته كل عام من تاريخ 31 أكتوبر 1973.
التمثال المهين.. التمثال الذي وضع لابن باديس، كان سيئا ومهينا من حيث الجلسة التي تنم عن أنه فاشل، وميلان الرأس وكأنه لايتحكم في جسده، وعيناه الذابلتان التي لا تليقان بمفكر يتوهج نارا وفكرا.
وكيفية جلوسه على الكرسي، تنم عن أنه كسول يعشق النوم، خاصة وأن الجزء الأكبر من الجسد يميل للأسفل، والجزء القليل منه يظهر جالسا.
والتجاعيد البيّنة على الوجه، وكأنه مريض أو عجوز، وابن باديس مات صغيرا قويا نشيطا. وطريقة وضع يديه وكأنه يندب وينوح. والرأس الكبير مقارنة برأس ابن باديس الطبيعي العادي. ومعروف لدى الجميع أن ابن باديس مات صغيرا، وبقي يحتفظ بسلامة الجسم وكمال أعضاءه، والصورة تظهره على أنه العجوز الهرم الفاقد لتوازنه ، وهو الذي ظل يصارع الحياة في الليل والنهار وفي الحل والترحال، ويقدم 15 درسا في اليوم، كما أخبرنا بذلك العالم الفقيه الجيلالي البودالي الفارسي من أولا فارس بالشلف حاليا، والأصنام سابقا، إبن الدروس التي كان يلقيها سنوات الثمانينات من القرن الماضي.
وأثناء المقارنة، يتضح أن الكرسي هو إلى الثراء والترف أقرب من حيث ظهره الطويل، ومكان وضع اليدين.
قف وقارن.. إن الإهانة التي لحقت بابن باديس ، عبر هذا التمثال المسيء المشين، قد سبقته من قبل إهانه من طرف أصحابه وأتباعه، للأديب البليغ الأستاذ محمد لكحل شرفاء، رحمة الله عليه، حين عرضت له صورة قبيحة فضيحة، أساءت لتلامذته وأسرته وأحبابه. وقد أفردت لذلك مقالا بعنوان "البصائر.. تحتقر الأستاذ محمد الأكحل شرفاء"، بتاريخ السبت: 09 جمادى الأول 1436هجري، الموافق لـ 28 فيفري 2015، وقلت حينها..
" الصورة تظهره في أسوء الوضعيات .. وهو يخرج لسانه.. وكأنه أحمق أو غبي .. وحاشا للأديب الفصيح، أن يكون ذلك .. الصورة لا علاقة لها بكبر السن ولا بالمرض، فكان يمكن إختيار صورة لائقة، حتى ولو في أواخر أيامه، حيث المرض وكبر السن ..".
إن الذي دافع البارحة عن الأديب البليغ محمد لكحل شرفاء، فيما يخص الإساءة التي ألحقت به من خلال إختيار صورة له لاتليق بمقامه العلمي واللغوي والأدبي، هو نفسه الذي يدافع الآن عن الشيخ بن باديس من خلال التمثال الذي أمعن في الإساءة والإهانة، وسيظل يذود عن غيرهم من أصحاب القمم، غير مكترث لما أصابه ويصيبه من شتائم وسباب.
بقيت ملاحظة في غاية الأهمية ومفادها، إن الذي يجد الأعذار لنفسه، حين يسئ لعالم ويتهم المدافع عنه بما ليس فيه، فهو مطالب الآن أن يجد الأعذار لمن قام بصنع التمثال، ويدافع عنه وعن الأسباب التي دفعته لارتكاب تلك الأخطاء المشينة في حق ابن باديس، وفي حق غيره.