من سيدير معبر رفح
من سيدير معبر رفح ؟
خليل الصمادي
[email protected] عضو اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين/ الرياض
كثرت الأقاويل والتحاليل في فتح معبر رفح ما بين مؤيد ومعارض ،وأما الذين يتمنون إغلاقه فهي سلطة الاحتلال وأمريكا ومن يدور في فلكهما ، وأما المؤيدون لفتحه فأغلبهم فلسطينيون أو من يؤيدوهم من الشعوب العربية والإسلامية ومحبي السلام ، ولكنهم يختلفون فيمن سيدير فتح المعبر، فهم ليسوا على رأي واحد، ولا على قلب رجل واحد، فبعضهم يريد فتحه تحت إشراف السلطة الفلسطينية مباشرة، وبعضهم يرى أن يفتح تحت إشراف ما يسمى الشرعية الدولية،، أو إدارة دولية بما فيها ممثلين عن دولة الاحتلال أو عدساتها التي ترصد حركة الدخول والخروج، وبعضهم يرى أن تشرف الحكومة الحالية الآن في غزة والتي تسمى الحكومة المقالة، أو الشرعية ،أو حكومة حماس بالاتفاق مع الحكومة المصرية مباشرة دون وسطاء، أو بالتفاق مع السلطة الفلسطينية والمصرية.
وتعالت الأصوات والأراء وكل يدعي أنه يمثل صوت الشعب أو الحقيقة أو مصلحة الفلسطينيين ، وربما تعالت أصواتهم على الفضائيات وظنوا أنهم في أصواتهم العالية قد امتلكوا الحقيقة او أنهم أقنعوا الناس بصواب رأيهم .
ويبدو أننا في عصر الأنترنت الذي يكشف الحقائق ويعطي صورة حقيقة لرأي الناس وهو أصدق من الأصوات العالية، فهذا الختراع الجديد أحرج أطرافا كثيرة احتكرت الصوت العالي فترة من الزمن لم يكن في وقتها إلا الجريدة الواحدة الإذاعة الواحدة والتلفزيون الواحد ولا صوت يعلو على صوتهم .
ففي استطلاع أجراه موقع "الجزيرة نت " من26/1/2008 إلى 29/1/2008 بسؤال محدد:
من الأفضل لإدارة المعابر في غزة؟:
السلطة الفلسطينية، أم الحكومة المقالة ، أم إدارة دولية
وبعد ثلاثة أيام من الاستطلاع جاءت نتائجه مذهلة أرضت طرفا وأغضبت أطرافا أخرى ،
فقد حصلت السلطة الفلسطينية على 14.6% وكان عدد الأصوات المؤيدة لها 2283 صوتًا ،وأما الحكومة المقالة فكان لها نصيب الأسد من عدد المصوتين فبلغت النسبة 74.3% وعدد المصوتين لها 11578 وأما الإدارة الدولية فكانت نسبة المؤيدين لها : 11.1% وعدد الأصوات التي حصلت عليها 1726
وفي استطلاع أخر نشره مركز الإعلام الفلسطيني القريب من حركة حماس كان عنوانه:
كيف تنظر إلى ما قامت به المقاومة من اقتحام معبر رفح وتحطيم الجدار؟
وكان هذا الاستطلاع من 26/1/2007 وحتى 1/2/ 2007 وفي الساعة العاشرة والتصف من مساء الخميس 31/1/ 2007 بلغ عدد المصوتين 4146 مشارك ، وأيضا جاءت نتائج هذا الاستطلاع مذهلة أرضت طرفا ,وأغضبت أطرافا ما زالوا ينظرون على شاشات الفضائيات ويدعون أنهم يمثلون الشارع ويحظون بالتأييد الشعبي ولا سيما في غزة التي تئن تحت وطأة حماس!!
أكثر من 88% قالوا : أنه عمل جريء وخطوة منه لكسر الحصار ، وأقل من 6% قالوا أنه عمل خاطئ يجر مزيدا من الضغوط على غزة، وأقل من 7% قالوا أنه عمل فيه مغامرة وكان من الأفضل أن يتم بالطرق السلمية.
قراءة في هذين الاستفتائين:
لا شك أن هناك تباينا كبيرا في النتائج يصب لصالح حركة حماس ، أو حكومة غزة، وهو بالطبع رأي غالبة الشعب الفلسطيني أو المتعاطفين معهم ، ولا شك أن عملية التزوير في مثل هذه الاستطلاعات صعبة فالمصوت لا يستطيع أن يدلي بأكثر من صوت واحد من جهاز واحد حتى تنتهي فترة التصويت، وربما يستطيع أن يصوت مرة أخرى من جهاز آخر ، وليس هذا العمل حكرا على أنصار حماس فيستطيع أي مؤيد لأي طرفي أن ينتصر لفريقه ويصوت له ، فإن حصلت خروقات فإنها تحصل لجميع الأطراف ، وأرى أن هذه الاستطلاعات بالفعل تشكل رأي عام كبير حري بأصحاب القرار السياسي الاطلاع عليها وأخذها بعين الاعتبار خير لهم من استشارة ما يسمونهم أو يسمون أنفسهم مستشاريين سياسيين أو أعضاء فاعلين في قيادة السلطة الفلسطينية أو من مؤيديهم ممن يظنون أنهم مازالوا في ساحات النضال والثورة ، والتاس تهتف بحياتهم ليل نهار.
وحري بالدول الأوروبية التي تتدعي الديمقراطية أن تطلع على مثل هذه النتائج التي لو حصلت عندهم لاحترموها وبنوا سياستهم عليها، ولا شك أن مثل هذه الاستطلاعات كشف أدعياء الديمقراطية والحرية من أصحاب القرار الذين فشل أكثرهم في الانتخابات التشريعية الأخيرة ، وفتح دفاتره القديمة ونال ألقاب مملكة في غير موضعها كتعويض عن هزيمته الساحقة وكرد اعتبار ثوري سريع لمناضل قديم انخرط في عملية التسوية المشينة ، والغريب أنهم يصدحون ليل نهار بنغمة " إعادة الانتخابات " فلست أرى أن صناديق الانتخابات التي يراهنون عليها ستجلب لهم أكثر مما حصلوا عليه في هذين الاستطلاعيين، اللهم إلا إذا وعدوا بتزوير علني مبارك ممن يدعون الديمقراطية من أوروبا او أمريكا أو من بعض العرب يضمن لهم شرعية مزيفة يعزفون عليها ردحا من الزمن ..
وقديما قال أبو تمام :
السيف أصدق أنباء من الكتب في حده الحد بين الجد وااللعب
بيض الصحائف لا سود الصحائف في متونهن جلاء الشك والريب
ولو كان أبو تمام بين ظهرانينا لرد على المنجمين والمستشاريين بقوله
"الأنترنت أصدق أنباء من الخطب ومن ادعاء المستسارين والمشعوذين ومن لفَّ لفهم ،الذين أصبحوا طلابا نجباء ينفذون أجندة أعداء الشعب ".
ونقول لهم كما قال أبو القاسم الشابي:
إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر
ولا بد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر
فأبشروا فإن من هدم الجدار يستحق أن يدير بوابته، وأما من يريد أن يشدد الحصار بحجج تعجيزية واهية فليس حظه أفضل من أبي عبد الله الصغير آخر ملوك غرناطة.