يبيعون مبادئهم عند بدء المفاوضات

بعد ملاحقتها سنة كاملة، المالكي يعترف بميليشيا جيش المهدي

أحمد الياسري- واشنطن

الجميع داخل وخارج العراق على اطلاع بالجرائم المروعة واسعة النطاق التي ارتكبتها عناصر ميليشيا جيش المهدي ضد المدنيين بشكل خاص، والسمة الطائفية المقيتة التي اتسم بها هؤلاء، وكلنا يتذكر الفتاوى التكفيرية التي أطلقها المدعو حازم الأعرجي في إحدى خبطه والتي ردد فيها كلمة (اقتل) عدة مرات، وقد تناقلتها في حينها العديد من وسائل الإعلام، وبثت على موقع اليوتيوب في الإنترت

">

  .  يقول المواطن "سعيد عباس" المقيم في ديترويت والذي كان يسكن منطقة أبو دشير في بغداد :" إن التغذية الطائفية التي يتغذى بها عناصر جيش المهدي هي التغذية ذاتها التي يتغذى بها عناصر تنظيم القاعدة"، ويؤكد سعيد :" إن هناك حلقات في الحسينيات ومقرات جيش المهدي تجمعهم ليتلقوا دروساً دينية طائفية أشبه بعمليات غسيل الدماغ، إذ يخرج العنصر من تلك الحلقات مليئاً بالحقد والكراهية والدموية حيث تبيح له الجهات القائمة على مشروع الحلقات قتل المواطنين السنة"، ويتابع سعيد وهو شيعي معارض لميليشيا جيش المهدي :" إن أولئك الأغبياء يصدقون كل ما يقال لهم وسيعرفون فيما بعد أن كل ما يقال لهم ما هو الا دجل وخداع وظلم كبير سيندمون عليه".

وبعد أن ارتكبت هذه الميليشيا ما ارتكبت ضد الأبرياء من العراقيين وقوّت بذلك شوكة حكومة الجعفري ومن بعدها حكومة المالكي التي ما إن استقرت وأحست بالقوة حتى شرعت بمحاربتها متجاوزة الرسائل العديدة ومحاولات التفاوض التي قامت بها الهيئة السياسية للتيار الصدري التي تمثل الميليشيا جناحها العسكري، كما تجاهل المالكي رسائل زعيم الميليشيا مقتدى الصدر، وهدد بإصدار مذكرة إلقاء قبض ضد مقتدى الأمر الذي جعل الأخير يهرب من فوره إلى إيران خفية لتصدر المذكرة بعدها، وعندما تحركت قوة لاعتقال الصدر تم إبلاغ مكتب القائد العام للقوات المسلحة بأمر المغادرة.

إن ما فعله المالكي من قتل واعتقال وملاحقة ومنع لميلشيا جيش المهدي، في بغداد والديوانية ومحافظات أخرى، تلك العمليات التي شملت فيما بعد البصرة في عملية صولة الفرسان التي قصمت ظهر ميليشيا الصدر، كل ذلك كان كما يبدو هو نتاج إحساس بالنشوة والسيطرة من قبل المالكي الذي أراد أن يفرض سيطرته المطلقة على كل مفاصل الدولة، والقضاء على من وصفهم بالخارجين عن القانون، وفي الحقيقة فإن محاربة المالكي للميليشيا جاء بعد استهدافها للقوات الحكومية، ومعلومات عن محاولة انقلاب على حكومته من قبل التيار الصدري، الأمر الذي أثار ثائرة المالكي وتجاوز كل الرسائل بالخصوص حتى رسائل بعض المرجعيات الشيعية.     

والمدهش أننا اليوم وبعد حصول التيار الصدري على 40 مقعدا في الائتلاف الوطني الموحد، أرخى المالكي قبضته، وأبدى استعداده للتفاوض مع الهيئة السياسية للتيار الصدري حول إعادة عمل ميليشيا جيش المهدي الممنوعة (الخارجة عن القانون بالأمس) للانتشار في الشوارع أمام مرأى ومسمع القوات الحكومية، الأمر الذي أدى إلى تسجيل وقفة وعلامة استفهام كبيرة من قبل أوساط سياسية محلية وعربية ودولية أمام تصريحات المالكي وسماحه لميليشيا جيش المهدي بالانتشار، حتى عبر المحلل السياسي الأمريكي روسو (من أصل إيطالي) عن هذه الخطوة بالقول: " إنها ربما ستكون القاصمة للمالكي وحزبه" وأوضح روسو: " إن جرائم ميليشيا جيش المهدي في العراق موثقة دولياً وأي تعامل مع هذه الميليشيا يجب أن يكون حذراً لأن محاكمات دولية ربما ستكون في المستقبل القريب ضد القيادات والعناصر المهمة في هذه الميليشيا بالإضافة إلى كل من يتعاون معها أو يقدم لها الدعم".

المواطن العراقي " حسام عبد العزيز" يتساءل:" هل أصبح الدم العراقي بهذا الرخص بحيث يباع ويشترى ويدفع ثمناً للمفاوضات؟، وهل من المعقول أن يسمح لسفاحين أن ينتشروا من جديد ليعيثوا في الأرض فساداً مقابل صفقة سياسية وكرسي؟".