عبقرية الحكام في نشر الفساد والإفساد

عبقرية الحكام

في نشر الفساد والإفساد

د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

من منطلق أننا شعوب عربية قنوعة جدا , هذه القناعة ولدت عندنا مايسمى :

حريتي في قناعتي, وسلامة رأسي في خلوه من التفكير بالمستقبل

فما أنا إلا من غزية  إن غوت غويت    وإن ترشد غزية أرشد

وطاعة الحاكم قبل كل طاعة ,ولا يمكن لك التقرب من العرش وما حوله ولو كان تحت قدمي الحاكم

من أين جاءت تلك القناعة , وكيف وضعت في عقول وقلوب الأمة

لا بد وحتما وكما يقولون :

من عبقرية فذة نفخت في تقاريح عقلها والبحث عن الطرق وعن الإعتمادات النفسية والفكرية , وقراءة التاريخ , والسلف والخلف وعظماء التاريخ كاستالين وماوتسي تونغ وهتلر

وفي أعماق الفلاسفة والمفكرين

كابن رشد وابن سينا وابن خلدون

ومن السابقين افلاطون وأرسطو وميللر وغيرهم الكثير

واستخلصوا من  أعماق تلك الدراسة نتائج مكيافيلي الشيطان الهارب من الجحيم , واستخلصوا من هولاكو الدروس والعبر

ومن فرعون الربوبية المدعاة

هذه العبقرية التي جمعت بين عبقرية الحكم والقيادة , وبين التجارة وسرقة رؤوس الأموال , لتكون الدافع للبقاء على العرش

ولكي لايكون كلامي ثقيلا على البعض , لذلك سوف أتحدث عن بلدي (فجحا أولى بلحم ثوره )

لقد وصف حاكم سورية الأب بالعبقرية السياسية , والتوازنات الدولية

لنتكلم عن هذه العبقرية بحديث دبلوماسي

كان في سنة 1967 وزيرا للدفاع السوري والذي أعلن البيان العسكري

وطربت له أسمع اليهود وارتجت لهوله قلوب العرب بشكل ام والسويون بشكل خاص

لقد سقطت الجولان وعاصمته القنيطرة ,تلك هي العبقرية في الحفاظ على دماء الرجال من الجيش السوري

فالإحتلال واقع لامحالة , والإنسحاب يكون السبيل الوحيد لإنقاذ الجيش , فهي فكرة مستلهمة من التاريخ من القائد العظيم سيف الله المسلول خالد بن الوليد في معركة مؤته

وبعد ثلاث سنين كان القائد الأوحد للبلاد , ومعركة تشرين سنة 1973 وصل الجيش الصهيوني لمشارف دمشق , وبعدها فك الإرتباط , وهدأت جبهة الصمود والتصدي , ليخيم عليها الصمت الأبدي المعلن والضمني

في الداخل اليد الطولى لسرايا الدفاع والصراع والمخابرات العسكرية

ومن هنا انبثقت فكرة الربوبية , والخالد والقائد الأوحد

فلا بد من إقناع المجتمع بتلك الصفات

المفكر الأوحد , القائد الأعظم , المدبر لكل الأمور

ويكفي الشعب القناعة

وشربوا القناعة , واستساغوها بعد تجارب مرة

فكانت أولاها في سجن تدمر , وأعقبها قانون الإعدام على الفكر , ليليها تهديم مدينة بكاملها فقط :39 ألف قتيل

و27  ألف مفقود , وعشرات الألوف بدون مكان , مشردين في بلاد الواق واق

وكانت العبقرية في الحفاظ على الوضع آمنا مستقرا , ليورث ابنه بعد موته بقناعة الشعب والقناعة التي أجبر عليها

نفسي ومنى عيني لو يحول الوريث تلك العبقرية لخدمة الشعب السوري , ونصيحتي كمواطن من الشعب أقول :

لماذا الخوف فكما الشعب قد اقتنع وشرب القناعة وعاش عليها ومات الكثيرون منهم على تلك القناعة , ألا يكفي ذلك للصلح مع البقية والخارجة عن قانون القناعة لكي يشربوا من نفس كأس الحياة ويحملون الكنز الدفين (فالقناعة كنز لايفنى )

, وهذه الحرية موجودة , في الظلم والفساد , في السرقة وأكل حقوق الضعفاء , تصلي تصوم , تكفر والعياذ بالله , تغتصب تهرب تنهب المال العام , الرشوة علنا والمدعومون يجولون في الساحات كل هذا وغيره مسموح إلا:

تحدثت لأحد الأتراك وعندما عرفني سوري قال , في سورية كل شيء مسموح ماعدا السياسة

ولكن كثرت الأصوات هذه الأيام معارضة سياسيا , وبدأ الدبيب رويدا رويدا , ولعل بعضهم رفض القول السابق وبدأ يؤمن بالقول

شباب قنع لاخير فيهم   وبورك بالشباب الطامحين

فلا بد من إعادة تفعيل العبقرية لإيقاف الدبيب

ومع هذه العبقرية الفذة , ومع هذا الفكر النير والمستوى العالي للحاكم ,فهل سورية تقدمت في مجال متطور واحد ؟

عندي شك في ذلك

والسبب سألت تاجرا سوريا في تركية

هل التسعيرة الجمركية ألغيت بين سورية وتركية ؟

وأي تسعيرة ...........!

عن البضائع السورية المصدرة لتركية

قال وهل يوجد عندنا شيء صناعي نصدره لتركية .........!!!؟؟؟

كل الذي نريده من الحاكم أن يتجه بعبقريته الفذة في الحفاظ على العرش , ويهب الشعب الجزء اليسير منها خدمة لصالح شعبه

حسنة صغيرة ترفع عنك بلاوي كثيرة ياسيادة الحاكم

اجعلها صدقة , أو اجعلها زكاة والزكاة لاتنقص من مال قط

فالقناعة ياشعبي العزيز مقتصرة على جهدك وما كتب الله لك من حظ ونصيب, وليست القناعة التسليم بالحقوق , وحني الرؤوس والمكوث في مؤخرة الشعوب

فالتنازل عن الحق ضعف , والتكبر على المتكبر فضيلة , وأعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر

وعبقرية الحكام عندنا ماهي إلا :

عبقرية معجونة بالظلم والحقد والشر والدم , ولن توجه تلك العبقرية لخير الوطن أبدا ,وقناعتنا :

غدا يكتشفون كوكبا جديدا يهاجرون إليه ونحن نبقى ملوك الأرض , أو يخرس البارود ونعود لحرب السيف

لعله في ذلك الزمن الذي لن يأتي أبدا, تتحرك النخوة في القلوب والعقول