أيّها الأحرار: الحرّية تبقيكم بشراً

أيّها الأحرار: الحرّية تبقيكم بشراً،

ولقمة العيش تبقيكم مخلوقاتٍ حيّة، وحسْب!

سامي رشيد

[email protected]

· الناس يموتون كل يوم ، في سبيل لقمة العيش : في مناجم الفحم في الصين ، وفي الصيد في البحار الهائجة ، وفي مغامرات الهجرة غير الشرعية ، إلى دول الغرب وغيرها ، وفي العمل ضمن ظروف صحية سيّئة ، في الأوطان وخارجها .. وفي مغامرات السرقة والسطو ، التي تعرّض أصحابها للموت ، وفي الارتزاق لدى بعض الدول والعصابات ، الذي يضع المرتزق فيه دمه على كفّه .. وكل ذلك من أجل لقمة العيش ! وما الذي تفعله لقمة العيش ، سوى أن تبقي الإنسان على قيد الحياة .. أيْ : مجرّد مخلوق حيّ ، كسائر مخلوقات الله الحيّة !؟

· العبد ، قديماً ، كان يكاتب سيّده على حرّيته ؛ فيعتقه لقاء مبلغ من المال ، يدفعه له العبد من أجرة عمله ، ثمناً لهذه الحرّية ! وقد يَهرب العبد من سيده ، طلباً لحريته ، فيسمّى (آبِقاً) ! وله عقوبات ، يحدّدها كل مجتمع ، حسب طبيعته وأعرافه وتقاليده ! وقد تصل العقوبة حدّ الموت !

· العبد دابّة حيّة ، إذا كان فرداً .. وقطيع من الدوابّ ، إذا كان شعباً !

· الحرّية تستحقّ أن يضحّى ، في سبيلها ، بالحياة .. لأن حياة الإنسان بلاحرّية ، هي دون حياة الحيوان الأعجم !

· كثير من الأفراد ، في كثير من الدول والمجتمعات ، يؤثرون الحياة على الحرّية ، إذا وضِعوا في حالة اختيار بينهما ! إلاّ أن الذين يَعرفون معنى الحرّية ومعنى العبودية ، يؤثرون الموت ألف مرّة ، على ساعة عبودية واحدة ! وهؤلاء قلّة ، في العادة ، في كل مجتمع بشري . إلاّ أنهم ، هم ، روح هذا المجتمع ! فإذا قبِلوا لأنفسهم ما تقبله الأكثرية ، من المحافظة على مجرّد الحياة ، ولو مغموسة بالعبودية والذلّ ، فقد حكموا على أنفسهم ، وعلى مجتمعهم ، بموت بشع ، دونَه الموت الطبيعي العادي !

· مايحتاجه شعب سورية ، للتحرّر من نير الطغيان ، هو ألوف قليلة من أبنائه ، تَخرج في شوارع المحافظات الرئيسية : في كل محافظة ألف ، أو أقلّ ، أو أكثر.. تخرج هاتفة ضدّ الطغيان ! فاعتقال العشرات ، سهل على أجهزة الرعب والقمع ! أمّا اعتقال الألوف فصعب ، لاسيّما إذا كانت منتشرة في سائر نواحي البلاد ! لأن الألف الواحدة في المحافظة وزنها وزن محافظة ! وهي تختلف عن الألف المجموعة مع ألف ثانية ، في محافظة واحدة ! وتحرّك عشرة آلاف ، في عشر محافظات ، يعني تحرّك عشر محافظات ! وهذا ، بدوره ، يختلف عن تحرّك عشرة آلاف في محافظة واحدة ، مع بقاء المحافظات الأخرى ساكنة هادئة ؛ ممّا يغري الطغاة ، بمحاصرة المظاهرة الوحيدة ، وتمزيق شملها ؛ بقتل بعض أفرادها ، وحبس بعضهم ، وتشريد الباقين ..!

· الذين أقدموا على عقد اجتماعاتهم في دمشق ، تحت سمع الوحوش الأمنية وبصرها ، هم أناس شجعان ، أحرار حقيقيون ؛ لأنهم يعرفون مصيرهم ، أو يتوقّعونه ! فهل من المروءة ، أو الخلق ، أو السياسة ، أو الحكمة.. تركهم يعانون وحشة السجن وعذابه، دون خروج مَن يناصرهم ، في شوارع سورية ، حتى لو تعرّض الخارجون لمصير كمصيرهم ..!؟ هذا إذا كان في المجمع أحرار آخرون غيرهم !!