أن تملك صحيفة ...يعني انك قادر على أن تشتم من تشاء
أن تملك صحيفة ...
يعني انك قادر على أن تشتم من تشاء!!
البينة الجديدة – رؤية نقدية ح1
احمد الأحمدي
في واحدة من مصائب أضحوكة الديمقراطية العراقية ...انك حر في نشر وترويج كل مفردات السب واللعن والطعن والشتم , وكما تشاء( لان الديمقراطية يعني حرية , بكسر الحاء) . ولا يحتاج الامر الا "جريدة" تفصلها على المقاس الذي تريد لتثري بعد ذلك المعجم العراقي باخر ما ابتكره الفكر الديمقراطي من الالفاظ البذيئة والنابية , ولا تقلق فان حقوق الحرية الفكرية مكفولة لك في هذا الاطار حيث سيتلقف غيرك تلك الالفاظ ليرددوها بشكل ببغاوي وسيفخرون بنسبتها اليك تحت مسمى"مقتبس" فذلك جزء من الثقافة العراقية الجديدة. واذا اخذنا بنظر الاعتبار سنوات الحصار الثلاثة عشر التي مرت على العراقيين وسنوات الاحتلال الثمانية سنجد ان من المنطقي ان يكون للكتاب المروجين لثقافة السب واللعن جمهورا واسعا يستمريء ما يكتبون .ناهيك عن ان اولئك الذين يعرفون انهم يروجون بضاعتهم في وسط يتخذ من السب والطعن شعيرة من شعائر عباداتهم .
وتعد جريدة"البينة الجديدة"واحدة من اهم الظواهر التي برزت في هذا الاتجاه . وفي الوقت الذي يروج مسؤولها الافكار الديمقراطية وضرورة الثقافة الديمقراطية وغيرها من الافكار الترويجية المعدة للاستهلاك الداخلي والتي تنادي بضرورة تطبيق مبدأ ( المنصب الاعلى للمتملق الاكثر)، متخذين من سب الاخر واتهامه وشتمه وسيلة لتحقيق ذلك . واذ لم تجد تلك الدعوة اذنا صاغية في" البينة الام" بسبب عراقة الفكر الدكتاتوري فيها، والذي لا تنفع معه اشد صنوف التزلف والتملق و(التسلق) لتقلعه عن كرسي رئاسة التحرير، لا يجد "ستار جبار" سوى اسلوب الانشقاق الذي ابتدعه المالكي قبله ليؤسس جريدة تحمل الاسم القديم نفسه, مع ذكر لفظة (الجديدة) عليها في محاولة فاضحة لسرقة جمهور" البينة العتيكة" من ذوي الجيوب المتخمة باموال الشعب العراقي بعد ان اصبح العراق تحت رحمتهم . وبالتاكيد فان البينة الجديدة انما جاءت من اجل الشعب وبالشعب وللشعب , والله اكبر وليخسر الخاسرون . فالفكر الذي يحمله ستار جبار هو الفكر الانور الذي لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا خلفه , ولانه رئيس تحرير الجريدة فلا بد ان تكون له حصة الاسد في نشر مقالاته. ومن ثم لا تنشر المقالات الا تلك التي تتطابق مع افكاره ذات الصبغة الطائفية التي ازكمت منها الانوف. ف"ستار جبار" لا يدع يوما الا وينشر بين العراقين بذور الحسك والسعدان من خلال مقالاته التشاؤمية التي غالبا ما تأتي متناقضة مع بعضها, وما استفزني لكتابة هذا المقال, الا مقالته الافتتاحة في البينة الجديدة بعددها 1048 حيث يناقض نفسه مباشرة في المقالة الثانية المنشورة على الصفحة الثالثة في نفس العدد, ففي الاولى يسل الكاتب قلمه ليلعن المحيط العربي مستخدما اقذع الالفاظ متهما اياها بالوقوف خلف كل الاعمال التي تستهدف العراق، ولا يعد ذلك غريبا على الكاتب فهو من فئة تستمرؤ السب والطعن عبر التأريخ بل تتخذ من السب والطعن طقسا تعبديا تتقرب به الى الله, ولكنه يغفل دور ايران, وكأن سكين فيلق القدس واطلاعات غير موجودة , فلا يكاد يذكرها الا على استحياء (خوفا من ان يظن الناس انه طائفي )!!! وكأن ما ينضح مباشرة من قلمه لا يكفي لمعرفة الفكر المسيطر على روح الكاتب وعقله . اما في المقالة الثانية فانه يفاجائك باعجابه بقرار ابو رقيبة واصفا اياه بالعجيب عندما يقرر اعفاء التونسيين من الخدمة العسكرية شرط زيارة اوربا مرتين في السنة ولثلاث سنوات متتالية . من اجل مواكبة التطور والحداثة . بعد ذلك يعود الكاتب ليصب بؤس الكلمات وقذيع العبارات ليصف بها الشعب العراقي.
ومع اني لا استغرب الازدواجية الفكرية التي تقذف بستار جبار ذات اليمين وذات الشمال كونه يؤمن "بالتقية" اي يقول شيء ويضمر شيئا اخر ,حيث تترك التقية اثارا مدمرة على الانسان مسسببة شرخا نفسيا يصعب التخلص منه . ولكني استغرب من امر هذا الكاتب وامثاله ,فكانه جُِبل على السخط .فهو لا يرضى اذا كان خارج السلطة , ولا يرضى اذا كان داخلها , ولا يرضى اذا كان محررا ولا يرضى اذا كان رئيس تحرير.واذا كان عراقيا لا يرضى واذا حمل جنسية اخرى لايرضى , وكأنهم الشاعر الحطيئة الذي ادمن هجاء الناس يوميا وعندما لا يجد من يهجوه يهجو نفسه. فيا هؤلاء ان كنتم قد ادمنتم السخط على انفسكم .. كفوا اذاكم عن الناس.