السياسة الداخلية والخارجية بمفهوم بعض الأنظمة العربية

السياسة الداخلية والخارجية

بمفهوم بعض الأنظمة العربية

د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

من المعلوم أن الحكومات تضم بطياتها الحقائب الوزارية , وتصنف تلك الحقائب بوزارات سيادية  , وخدمية

فالوزارات السيادية والتي تضم:

 الدفاع الداخلية والخارجية

فالأنظمة الشمولية والقمعية في الوطن العربي , جرت أوطانها لفشل بعد فشل وانتكاسة بعد أخرى في أنها اهتمت بالسياسة الخارجية وأهملت السياسة الداخلية

تركيز الأنظمة تلك على السياسة الخارجية ,بتشعباتها المتعددة والمعقدة والسعي الحثيث للنجاح في مضمارها , له في الغالب مردود إيجابي , هذا المردود الإيجابي لو كان متوازيا مع السياسة الداخلية للأنظمة , لكان قدم الخير الكثير لشعوبها .

ولكن التركيز على السياسة الخارجية , الهدف منه عند الأنظمة الشمولية هو :

عدم التفريط في التأييد الخارجي للبقاء , ومزاولة التسلط والإستمرار في الفساد والإفساد

توجد أمثلة حية وواضحة عشناها ونعيشها اليوم , مبنية على الإهتمام بالخارج في القادة الذين يشار إليهم في البنان, من الشعوب العربية والتي لاتنضوي تحت حكم ذلك القائد فهي تشيد به وبصموده ومقاومته وعنفوانه

بينما شعبه الذي ينضوي تحت حكمه لو أعطي الحرية بالرأي أو الكلام , لوجد ذلك القائد لايمثل إلا نفسه , وما شعاراته إلا جوفاء فارغة لامعنى لها , والمهم عنده النظام

وبناءا على ذلك دأب الحكام العرب الثورييون بشكل خاص على نهج الأسلوب القمعي في الداخل والتهاون والتنازل عن كل مقدس , أو كل كرامة للشعب والوطن , في مقابل التأييد الخارجي ولو كان ذلك التأييد من عدو للشعب والوطن والعقيدة

في الأزمة التي نشأت بين العراق والكويت 1990 والذي أدى إلى احتلال العراق لدولة الكويت , وأعقبها حرب التحرير, وحشدت الدول العربية قواتها مع القوات العالمية بزعامة أمريكا , لتحطيم العمق الإستراتيجي الشرقي للدول العربية , وحطمت العراق وأعيدت للعصر الحجري , بمساعدة جيوش الدول العربية , وكله كان سببا وخوفا على الأنظمة من أن تفقد الدعم الخارجي وتسقط بين ليلة وضحاها

ولولا خوف الأنطمة من سقوطها , لأنها تعلم أنها لاتمثل إلا نفسها والمسافة بينها وبين الشعوب العربية تمتد بامتداد الأفق , لكان من السهل عليها أن تعمل بطرق الإقناع والمصالحة بين الدولتين ولكانت انتهت الأزمة بدون خسائر تذكر

وتحولت الجيوش العربية وأسلحتها وقوامها واستراتيجيتها لهدفين اثنين

حماية النظام ,وتحقيق أهداف الدول الخارجية المؤثرة وتحت طوع أمرها في الهدف الذي تريد أن تحققه لمصلتحها بعيدا عن مصلحة الوطن الذي تنتمي إليه بالأصل

ومن الأمثلة الحية أيضا في الذاكرة , اشتراك الجيش المصري في الحرب اليمنية , وتخلية الجبهة المصرية من القوات الفاعلة لتضيع تلك القوة في الدفاع عن الشيوعية في اليمن , إرضاءا للإتحاد السوفييتي , وتحقيق أهداف إسرائيل وبقاء النظام بعيدا عن تهديد ضباط الجيش المصري

وتحويل الصراع في الداخل إلى حرب شعواء بين الأمن والشعب , واستنزاف قوة البلد لتكون النتيجة من وراء تلك الأنظمة , سقوط القدس الشريف والجولان والضفة الغربية وسيناء بيد العدو الصهيوني

وضمن بذلك الزعماء والقادة بقاؤهم على رأس النظام , وليس المهم أن تخسر البلاد الأرض , وإنما المهم أن يبق النظام أو الحزب قائما ولم تستطع إسرائيل النيل من النظام

في كتاب سورية لاخبز ولا حرية للكاتب الأمريكي ( ألن جورج) يقول فيه إن الرئيس حافظ الأسد كان بارعا في السياسة الخارجية , ولكنه كان لايهتم بالسياسة الداخلية , إلا عندما يرى أن الأمر قد يكون مؤثرا على نظام حكمه

في نظر معظم الشعب العربي , أن الرئيس بشار الأسد بارع ويمثل النمط المقاوم للمخططات الأمريكية والصهيونية وسورية مازالت الجدار الذي تتحطم عليه كل المخططات العدوانية , فهو شيء مشرف لكل مواطن عربي بشكل عام وسوري بشكل خاص 

فلو سلمنا جدلا بهذا الرأي , من وجهة نظر أولى في البراعة للنظام بالسياسة الخارجية ,وكيف استطاع النظام فك طوق العزلة المفروضة عليه من الخارج فهل هذا يكفي المواطن السوري؟

في مقال للدكتورة بثينه شعبان (الدستور 5/5/210 ) تحت عنوان ياليت قومي يتعلمون..........!..

(إن تغيير مفهوم عدم الاكتراث بالشقيق إلى مفهوم نصرة الأخ والشقيق الطالب للعدالة والحقوق المشروعة هو المفهوم الذي على العرب أن يتعلموه اليوم وهو المفهوم الضروري ، ليس فقط لتحرير شعب فلسطين من الوحشية الإسرائيلية ، وإنما لبقاء وعزة العرب جميعا في جميع أقطارهم.)

فالدكتورة بثينة شعبان تطرح الفكرة وكأن سورية ليست معنية بالأمر ,وهنا لابد من توجيه الكلمة إلى مستشارة الرئيس السوري للشؤون السياسية , ونقول لها

إن إصلاح البيت وأهله أولا وليس عدم الإكتراث بالأخ والإبن الشقيق ثانيا

فهل يستطيع النظام أن يتوجه بسياسته للداخل ولو قليلا حتى يضمد جراحه من الداخل ليكون عنده جسم سليم يستطيع مقاومة العدو القادم من الخارج , أو الذي لم يصل بعد

النظام السوري عمل بكل جدية ونشاط وصفقات سرية وعلنية ومحادثات مباشرة وغير مباشرة مع الكيان الصهيوني من أجل الوصول للسلام بين الطرفين

أليس الأولى بالنظام السوري أن يرى شعبه مالذي يريده أولا ؟

المعارضة السورية بجميع تفاصيلها ومكوناتها , في الداخل والخارج تنادي بالإصلاح ووحدة الصف وتجاوز الخلاف للوصول إلى نصرة الأخ والشقيق الطالب للعدالة والحقوق المشروعة

فلماذا النظام لايمد يده للمعارضة ,من أجل جمع الشمل كالتي تسعى إليها المعارضة السورية ؟

فمتى الأنظمة تتعلم من أصدقائها وأعدائها ., وحدة الصف الداخلي لتكون البلاد قوية متضامنة مع بعض

ولكن الدول القوية عندما ترى أن الآلاف من مواطني الدول العربية يفرون إليها طالبين الحماية من القمع والظلم والفساد في البلاد العربية , فعندها تلك الدول لن ترحم تلك الأنظمة من الإستذلال , لأنها تعلم أنها موجودة بدعمها لابدعم شعوبها

وموجودة بقوة أمنها وجيشها والموجهة للشعوب التي تحكمها , من هنا هزلت الأمة العربية عند الدول القوية ,ولعل هذا الإنحدار يمثله المحققون الأمريكوون في العراق مع عناصر المقاومة , في فشلهم بالحصول على معلومات بقولهم للمتهم:

إذا لم تعترف فسوف نحولك لعند العراقيين ليحققوا معك , لأنهم يعرفون ويعرف المتهم أن الداخل لعند العراقيين لن يخرج أبدا

فمتى يبرع الحكام العرب في السياسة الداخلية كما برعوا في السياسة الخارجية في الإبقاء على الدعم الخارجي للأنظمة المستبدة.