إعدادية وروبابيكيا ورصاص!

آيات عرابي

في تصريح جديد لأحد أفراد التشكيل العصابي الذي نشل مصر منذ انقلاب الثالث من يوليو العام الماضي، اعلن محافظ الجيزة التابع للانقلاب عن فرص عمل في النظافة ب 30 جنيهاً يومياً، وهو تصريح يخرج من نفس سلة القمامة التي خرج منها تصريح قزم الانقلاب، صاحب الفلاتر عندما وعد اتباعه بعربات خضار يعملون عليها. وبعد أن تم اعتقال المهندسين والأطباء وبدأت موجة النزوح الجماعي للكفاءات بخروج المخترع الصغير وغيره من مصر، يجري الآن التعدي على من تبقى من عقول باستهداف الجامعات.

 الانقلاب يحاول الآن ليس فقط حصار معاقل الحراك الثوري في الجامعات، بل أن الأمر يبدو أنه يتخطى ذلك إلى محاولة تصفية كل يتجاوز عقله مرحلة لثانوية الجوية)! ويعلم الله كيف تكافح الأسرة في مصر من أجل أن تضمن لإبنها مكاناً في احدى الكليات، أبناء تلك الأسر هم قادة الحراك الثوري الآن الذين نسفوا حالة الترويع المعنوي التي حاول الانقلاب أن يصنعها عن طريق شركة فالكون، وسياسات تدمير الشباب تلك تجري على قدم وساق منذ عهد المخلوع، ولكنها الآن تطفو على السطح بقوة، ربما لاحتياج الانقلاب لوقف الحراك الثوري لطلبة الجامعات بشكل سريع.

 ولا تكمن الأسباب فقط في حاجتهم إلى وقف المد الثوري في الجامعات، بل أن الأمر يتجاوز ذلك إلى عقد شخصية، ففي فترة الخمسينات التي وُلِدَ فيها صاحب الفكاكة، حامل الهاشتاج، قزم الانقلاب، كان يُنْظرُ للطالب الجامعي على أنه وزير المستقبل، نابغة نجح في اجتياز مراحل التعليم المعقدة ليصل إلى المرحلة الجامعة بطلاسمها المرعبة. وسط تلك الأجواء كان قزم الانقلاب ما يزال طفلاً، يضربه الأطفال في الجمالية، ويبدو أن الضرب كان شديداً ووصل إلى منطقة المخ، ففشل في اجتياز المرحلة الإعدادية بنجاح يؤهله للالتحاق بالثانوية العامة، فلم يجد أهله حلاً سوى الحاقه بالثانوية الجوية التي لا تشترط مجموعاً أو تفوقاً دراسيا. ويمكننا بالطبع تصور كمّ الغل والحقد الذي يكنه شخص لازمه الفشل الدراسي منذ الصغر، نحو طلبة الجامعات، وهو يسعى دائماً لمحاولة إذلالهم عن طريق (عربيات الخضار) أو العمل في النظافة، أو عن طريق تحويل الجامعات إلى (عشش فراخ) يقف الطلبة على أبوابها ليتم تفتيشهم.

والغل الشخصي يتعدى حتى محاولة الإذلال والإهانة فثمن قنبلة الغاز الواحدة التي يتم اطلاقها على الطلبة 200 دولار للقنبلة الواحدة، تدفع من مال الشعب، أي أن رب الأسرة يدفع فواتير الغاز والكهرباء والماء لتشتري بها العصابة قنبلة غاز يزيد ثمنها على راتب عامل النظافة ليلقوها على رأس ابنه أو ابنته، ويتجاوز الأمر ذلك، فيصل في الكثير من الأحيان إلى القتل. ففي جامعة الاسكندرية اطلقت ميليشيات الانقلاب الرصاص الحي على طلبة كلية الهندسة، فأصيب الطالب عمر شريف عبد الوهاب في هندسة الاسكندرية بكسر في الجمجمة وفقد احدى عينيه وما يزال في الرعاية المركزة حتى الآن.

والانقلاب مدفوعا بالغل، يخير الطالب بين أحد أمرين، اما أن يعمل في وظيفة نظافة راتبها أقل من ثمن قنبلة غاز، او أن يحلم بـ (عربية خضار) مثل عادل امام في فيلم (سلام يا صاحبي) والذي يبدو أن قزم الانقلاب كان مدمناً له، أو أن يقتل برصاصة في الرأس. وترافق تلك الجرائم حالة من الروبابيكيا الإعلامية تبرز نماذج (حضيضية) مبتذلة من راقصات وأقلام مأجورة تمجد قزم الانقلاب. لتعيش مصر وضعاً مقلوباً، يصعد فيه الجاهل المأفون ويغيب فيه الطلبة في المعتقلات أو القبور.

 والثورة الآن وصلت إلى عنق الزجاجة ولا بديل الآن عن انتصار أحد الفريقين، فريق راسبي الاعدادية ولصوص المال العام والراقصات والمأفونين وراسبي الاعدادية المسلحين بالبنادق والدبابات، وفريق اصحاب العقول والطلبة والمهندسين، حرب بين حالة الروبابيكيا وبين الطهر والنظافة !