العراقيون بين الاعتقال والاغتيال...
مأساة الجوع والدموع
من يتحمل المسؤولية ؟
مهدي حسين
إن الأمان الذي يبحث عنه العراقيون وينشدونه من خلال المشاركة في الانتخابات، أو أية قشة يستطيعون التمسك بها، وكل ذلك الصراخ وتلك المطالبات تجعلنا نتساءل، ما هي طبيعة الأمان الذي ينشده العراقيون؟.
وللإجابة عن هذا التساؤل نقول: إن الأمان المنشود والحلم المفقود لا يتعدى أمور ثلاثة هي:
1-إيقاف الأجهزة الأمنية الحكومية لحملات الاعتقال العشوائية واعتقال الأبرياء من المواطنين.
2-إطلاق سراح المواطنين الأبرياء القابعين في السجون لتخفيف الاحتقان الطائفي الناجم عن المعايير المزدوجة التي تعاملت بها حكومة الجعفري.
3-توقف العصابات المرتبطة بالحكومة والأحزاب الحاكمة عن الاغتيالات التي تنفذها ضد المواطنين الأبرياء الساكنين، أو الناشطين في مجال معين، ولا سيما الضباط والعلماء والكفاءات والصحوات.
هل تصدقون أن مئات الآلاف من الأحاديث والمناشدات التي تدور حول الأمان المفقود في العراق تتلخص في هذه النقاط؟!. معنى الأمر أنه إذا توقفت (الاعتقالات والاغتيالات، والعدالة في التعامل) فإن الأمان قد تحقق، ومع وجود هذه القضايا هناك ضعف في التواصل وهناك احتقان، وغض للطرف عن المجرمين وما أن تحقق الدولة ذلك فإن شبكة المعلومات ستشمل المواطنين كافة، وبالتالي تقوى لتلتف حول الحكومة وتحاصر الإرهاب وتجهضه.
إن الظلم الذي عاشه الشعب العراقي في فترة الاحتلال تتحمل جهات عديدة المسؤولية عنه، لكن حكومة الجعفري الطائفية بلون السواد الداكن ورائحة الموت النتنة تتحمل الوزر الأكبر من تلك المعاناة. فإذا قسمنا الظلم الذي قاساه العراقيون بالنسب المئوية وصنفناه إلى (دماء ودموع وعويل وجوع وطائفية وخوف وتشرد) فإن النسبة التي سيحصل عليها الجعفري وحكومته (الميليشياوية) هي تقريباً (70% دماء، و80% دموع، و85% عويل، و60 جوع، و87% طائفية، و90% خوف، و45% تشرد). أما المتبقي من النسب فتتقاسمه على التوالي: حكومة المالكي، وميليشيا جيش المهدي الإرهابية، تنظيم القاعدة الإرهابي، مع إننا لا ننسى أن النظام الإيراني هو المحرك الأساس لكل ذلك، لأن أسلوب الاغتيالات القذر لا تستخدمه بهذه الكثافة الا دولتان في العالم هما إيران وإسرائيل.
ويبقى الدور الذي يقع على وسائل الإعلام المحلية منها خاصة كبيراً في هذا المجال، فالمواطن المغلوب على أمره دائماً بانتظار من ينصفه، والإعلام إذ يدخل في جميع البيوت، فإنه في الوقت ذاته يصل إلى جميع المسؤولين، وهو بذلك يكون حلقة وصل بين المواطن والمسؤول ، ويكون خير مدافع عن المواطنين.
ومع الأداء المتميز لبعض القنوات الإعلامية الا أن المواطن مصاب بإحباط وخيبة أمل من شبكة الإعلام العراقي التي كان من المفترض أن تكون حيادية وتمثل كافة أطياف الشعب العراقي، لكنها في الواقع شبكة إعلام حكومية، تمثل رأي الحكومة في كل قضية!.
أما الجهاز القضائي العراقي فمغلوب على أمره، ولو تُرك القانون والقضاء ليأخذ مجراه وحريته دون أية ضغوط أو تهديدات لرأينا 85% من الحكومة وراء القضبان.
ولو أعلنت هيئة النزاهة جميع ما لديها من ملفات فساد، ولو أفصحت جميع دول العالم عن العقارات والأرصدة التي أودعها مسؤولون عراقيون فيها، لهرع الشعب العراقي عن بكرة أبيه إلى المباني الحكومية وأعدموا أولئك المسؤولين شنقاً، ولا أظن غيظ صدورهم سيذهب حينها.
إن الحكومة وجميع العراقيين يعرفون أن الحلول ليست بتلك الصعوبة التي يصورها المعنيون بالملف الأمني، كما أنهم يعرفون أن هؤلاء المعنيين لا يتكلمون بكل ما لديهم، لأن كلماتهم محسوبة عليهم فلا يتعدون الحدود المرسومة للتصريحات. فمن ذا الذي يجرؤ على القول أن الجعفري أو المالكي أو قيادة التيار الصدري يتعاملون بشكل مباشر مع عصابات موت يجتمعون معها شهرياً، وهذا ما أخبرني به على انفراد أحد أقارب الجعفري الذي يقطن خارج العراق، ويبدو أن الكلام وصل (عن طريق النسوان).
الكلام يطول لكن العجب كل العجب من هؤلاء المجرمين الذين يظنون أنها شطارة، وأنهم إن حصلوا على شكر وتقدير من قم أو طهران فإنهم حازوا الدنيا وما فيها، لكنهم لا يدرون إنهم إن حصلوا على فُتات في هذه الدنيا، فإنهم سيحملون تلك الأطنان من الدماء والدموع فضلاً على جبال من الذنوب والمظالم فوق أكتافهم يوم القيامة، وأن عويل الثكالى سيحاصرهم في قبورهم حتى تختلف أضلاعهم، وأن المجرم حازم الأعرجي الذي سكتوا عن فتاوى القتل التي أصدرها دون أن يحاسبوه فإنما يشتركون جميعهم معه في إثم جميع من قتل جراء فتاواه التي أباح بها سفك دماء المسلمين، فهنيئاً لهم ما جنوه في سنين حكمهم التي ستكون صفحات سوداء تأريخ المذهب الشيعي البريء من جرائمهم لكنها ألصقت به رضي الراضون أم رفض الرافضون.