حتى لا تتكرر جاهزية عام 1967
محمد فاروق الإمام
[email protected]
نقلت صحيفة (الرأي) الكويتية عن (مصادر أسمتها بالقريبة من مركز القرار في القيادة
السورية) قولها إن (إسرائيل هددت بإرجاعنا إلى العصر الحجري لأنها غير مدركة تفاصيل
جهوزية القوات السورية الضاربة أو
المقدرة التي
وصلت إليها الترسانة السورية وأسلحتها الصاروخية المتطورة، والمستوى الذي بلغه
العامل الصاروخي عند الأفواج الخاصة في المؤسسة العسكرية لمجابهة الحرب المقبلة ضد
إسرائيل، إذا كان على سورية خوضها مرغمة).
وأوضحت المصادر عينها أن (إسرائيل التي تصدّق نفسها بأنها تستطيع إعادة سورية إلى
العصر الحجري هي غير مدركة للمفاجآت التي
تخبّئها لها القيادة العسكرية السورية، تلك القيادة التي باتت مقتنعة بأن لا حرب
مستقبليَّة تجتاح المنطقة إلا وتكون سورية مشتركة
فيها).
إذا صح ما جاء في جريدة الرأي الكويتية فإن القيادة السورية تقع من جديد في أخطاء
وقعت بها في الماضي قبل حرب عام 1967، ومن جديد أقول: إذا صح ما جاء في جريدة الرأي
الكويتية فإن القيادة السورية لم تتعلم من درس جهوزية القوات السورية التي أعلنتها
قبل حرب عام 1967.
فمن تصريح لوزير الدفاع السوري آنذاك اللواء حافظ الأسد (أصبح رئيساً للجمهورية
فيما بعد) نشرته جريدة (الثورة) السورية شبه الرسمية في عددها الصادر في 20 أيار
سنة 1967 (أي قبل المعركة بـ15 يوماً) قوله: (إن الوقت قد حان لخوض معركة تحرير
فلسطين، وإن القوات السورية المسلحة أصبحت جاهزة ومستعدة ليس فقط لرد العدوان
الإسرائيلي، وإنما للمبادرة لعملية التحرير بالذات ونسف الوجود الصهيوني من الوطن
العربي) وأضاف قائلاً: (إننا أخذنا بعين الاعتبار تدخل الأسطول الأمريكي السادس)
وأكد في تصريحه قائلاً: (إن معرفتي لإمكانياتنا تجعلني أؤكد أن أية عملية يقوم بها
العدو هي مغامرة فاشلة. وهناك إجماع في الجيش السوري الذي طال استعداده ويده على
الزناد، على المطالبة بالتعجيل في المعركة، ونحن الآن في انتظار إشارة من القيادة
السياسية...).
وحتى لا يُفهم أننا نقلل من قيمة استعدادات الجيش السوري وجاهزيته إلا أننا نذكر
القيادة السورية بأن الجيوش مهما بلغت من التأهيل والجاهزية فإنها لا تستطيع التصدي
للعدوان أو خوض أي حرب إن لم تكن في عمق البلاد جبهة وطنية قوية متماسكة تشارك في
القرارات المصيرية وتردف هذا الجيش بالدعم المادي والمعنوي والنفسي وتقديم كل أشكال
التضحيات للفوز بالنصر ودحر العدوان.
الدولة العبرية لا يمكن أن تقدم حكومتها على إعلان أي حرب أو القيام بأي عدوان إلا
بعد الموافقة على مثل هذا القرار من جبهتها الوطنية التي تمثل كل الأطياف الصهيونية
التي تشكل المجتمع في الدولة العبرية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار حتى تتحمل
كلها النتائج والتداعيات.
ومن هنا فإنني أؤكد أن أي جاهزية عسكرية في سورية لا تستند إلى قيام جبهة وطنية
حقيقية تمثل الأطياف السورية المتنوعة فكرياً وسياسياً، وتمثل نسيج المجتمع السوري
بكل أعراقه وأديانه وطوائفه ومذاهبه هو عمل انتحاري لن نجني من ورائه إلا الكوارث،
والتي قد تكون كارثة حزيران عام 1967 نزهة عند هذه الكارثة التي ستحل بنا وبوطننا
سورية إذا ما اعتمد أهل الحكم في دمشق جاهزية الجيش دون جاهزية الشعب السوري
والمجتمع السوري!!
التاريخ لا يرحم ولابد لأهل الحكم في دمشق أن يعو أن سجل الذين ورطوا سورية في حرب
عام 1967 بعيداً عن الشعب السوري ومن وراء ظهره، هو سجل أسود ستظل الأجيال بعد
الأجيال تتحدث عنه وعن تلك الفاجعة التي ألحقوها بسورية والتي لا نزال وبعد ثلاثة
وأربعين سنة ندفع ثمنها، فبالإضافة إلى فقدان الجولان العزيز، وقانون الطوارئ
والأحكام العرفية، هناك: (قمع للحريات، وتعديات على حقوق الإنسان، وسجون ومعتقلات
تضم خلف قضبانها الآلاف، وفقر، وتخلف، ونفي وإقصاء، وقوانين استثنائية جائرة
وظالمة)!!
من هنا نؤكد لأهل الحكم في دمشق أن أي حرب تقدمون عليها بعيداً عن مشاركة الشعب في
قرارها، وبعيداً عن قيام جبهة وطنية صحيحة وقوية ومتينة في سورية تردف جاهزية الجيش
وتسنده، فإننا نحملكم أمام الله وأمام الشعب والتاريخ مسؤولية النتائج والتداعيات!