الدولة العبرية المارقة لا تجد من يلقمها حجراً

محمد فاروق الإمام

محمد فاروق الإمامم

عرب يغطون عين الشمس لو اجتمعوا.. عرب يغرقون الدولة العبرية لو بصقوا.. ولكن..لا اجتماع لهم وقد جف البصاق في حلوقهم.

لم تعد للدولة العبرية من شاغل سوى تهديد سورية، وكأنها – كما يقول المثل المصري – (حيطة واطية) سهل على هذه الدولة المارقة أن تهددها وتتوعدها صباح مساء بألوان شتى من التهديد والوعيد، فبالأمس هدد افيغدور ليبرمان أحمق الدولة العبرية بإسقاط النظام والإطاحة برئيسه وعائلته، واليوم يرسل بنيامين نتنياهو رئيس وزراء هذه الدولة المارقة رسالة تحذير إلى دمشق بأنه سيعيدها إلى العصر الحجري في حال تعرضت إسرائيل لهجمات صاروخية من (حزب الله).. أمريكا أيضاً كالت لسورية جملة من التهديدات على لسان جيفري فيلتمان مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى يوم الأربعاء الماضي قائلاً: (إن الولايات المتحدة ستعتبر أي نقل لصواريخ سكود من سورية إلى حزب الله عملاً خطيراً وستبقي جميع الخيارات مطروحة على الطاولة عند النظرر إلى هذا الأمر).

جنون العظمة الذي وصلت إليه الدولة العبرية ما كان لها أن تصل إليه لولا صمت العرب وخذلانهم وذلهم وهوانهم واختيارهم مهادنة هذه الدولة المارقة والسعي لعقد سلام إستراتيجي تريده أمريكا معها.

سورية رغم كل هذه التهديدات التي تتشدق بها هذه الدولة المارقة التي تريد حياتها ووجودها لا تزال متمسكة بخيار السلام الإستراتيجي معها، وتعلن عن ذلك بمناسبة وبغير مناسبة أن السلام مع إسرائيل هو خيارها الإستراتيجي، وأنها لا تنوي بأي حال من الأحوال الانجرار إلى حرب معها، وتسعى بكل السبل لإعادة فتح باب المفاوضات غير المباشرة معها.

هذه الدولة المارقة التي لا تجد من يلقمها حجراً ويوقفها عند حدها تزداد انتفاخاً وصلفاً وجبروتاً يوماً بعد يوم، وهي في الحقيقة دولة في عيوننا هي أوهى من بيت العنكبوت، لأننا والحمد لله نعتز بالإسلام ولا نعتز بغيره لأنه من اعتز بغير الإسلام زل.

وحجم هذه الدولة المارقة هزيل في عيوننا مهما امتلكت من أسلحة الدمار والقتل، وقد جربت نفسها عام 2006 في جنوب لبنان وعام 2008- 2009 في غزة، ومرغ المجاهدون أنفها بالتراب وألقموها حجراً لم تستفق من وقعه حتى الآن.

وسورية تملك من وسائل التصدي لهذه الدولة المارقة ما يفوق ما تملكه المقاومة اللبنانية والمقاومة الفلسطينية إذا أرادت فعلاً أن تلقم هذه الدولة المارقة حجراً يفقدها توازنها ويفجر بالونها ويظهر حقيقتها أمام العالم ويجعل أمريكا تعيد سياستها في المنطقة العربية دون الكيل بمكيالين.

وفي مقدمة وسائل التصدي التي تمتلكها سورية هو قيام وحدة وطنية حقيقية شاملة في سورية لا تستثني أحداً ولا تقصي أحداً، تجمع كل الفسيفساء الوطنية السورية العرقية والدينية والمذهبية والطائفية والفكرية والسياسية.

إلغاء كل القوانين الاستثنائية الظالمة والمجحفة وفي مقدمتها القانون رقم (49)، وإطلاق سجناء الرأي، وفتح أبواب الوطن لاستقبال المنفيين والمهجرين وضمان عودتهم منصوبي القامة وموفوري الكرامة.

وقف أجهزة الأمن عن تغولها في المجتمع والدولة وحصر عملها في الغايات التي قامت من أجلها.

سن قانون عصري للأحزاب يكفل للجميع الانخراط في اللعبة الديمقراطية بحرية، ويتيح الفرصة الحقيقية إلى قيامها على قدم المساواة مع الحزب الحاكم دون أية قيود تعجيزية تعيق تأسيسها أو تحد من قيامها.

عودة الصحافة الحرة إلى ما كانت عليه لتكون عين الرقيب على أجهزة الحكم ومؤسساته ورجالاته بعيداً عن النفاق والتملق.

الفصل بين السلطات الثلاث التشريعية والقضائية والتنفيذية ومنع تسلط أي من هذه السلطات على الأخرى، في أي ظرف من الظروف.

فتح باب التطوع أمام الشباب المجاهد لتحتل المقاومة الوطنية أماكنها في مواجهة العدو الصهيوني لتحرير الجولان وردع أي عدوان من الدولة العبرية والتصدي له إلى جانب القوات المسلحة السورية النظامية.

وباعتقادي أن نظام الحكم في سورية إذا ما أقدم بشجاعة وجدية على تمتين الجبهة الداخلية وقام بتنفيذ خطوات ولادتها، فإنه سيكون الرابح الأكبر من تلك الإصلاحات، فجميع أطياف المعارضة الوطنية عينها على الوطن وليس عينها على الحكم. كما سيجد النظام نفسه جبلاً شامخاً في وجه قزم صهيوني لا حول له ولا قوة إلا التسليم لكل الحقوق السورية العادلة، وسيجد الدعم الحقيقي من كل العرب والمسلمين واحترام العالم له وسيحقق بزمن قياسي تحرير الجولان وعقد صفقة سلام متوازنة مع هذا العدو، وعندها فقط سيتحقق الأمن والاستقرار للمنطقة، وتكون سورية بالفعل عنصراً أساسياً من عناصر الاستقرار في المنطقة والإقليم والعالم.