فاروق الشرع ليس مغفلاً

فاروق الشرع ليس مغفلاً

د.خالد الأحمد *

من البدهي أن نائب رئيس الجمهورية العربية السورية للشؤون الخارجية ، ووزير خارجيتها لمدة قد تصل ربع قـرن ، مثل هذا الرجل ليس مغفلاً ، ولاتنقصه اللغة السياسية المناسبة عندما يتكلم أمام وسائل الإعلام ....

فقد نقد السيد فاروق الشرع نائب رئيس الجمهورية العربية السورية المملكة العربية السعودية نقداً لاذعـاً ، مرتين خلال بضعة شهور ... في المرة الأولى اعتذر عن ذلك الكلام ، وفي المرة الثانية لاندري ماذا سيقول ...؟؟

وحسب فهمي أن السيد فاروق الشرع ، ينفذ سياسة مقصودة للنظام الأسدي ، ويقول ذلك عامداً متعمداً ، وفي كامل الوعي والعقل ...فلماذا يقول ذلك !!!؟؟؟

فاروق وحافظ الأســد :

لقد تعود النظام الأسدي على مليارات الخليج خلال عهد حافظ الأسـد ، وكان فاروق الشرع مؤدباً في تصريحاته يومذاك ، لأن المملكة ودول الخليج كانت تدفـع المليارات من الدولارات للنظام الأسدي ، بحجـة أنه نظام الصمود والتصدي ، نظام المواجهة ضـد الصهاينة ، وكان حافظ الأسد يستأثر بالنصيب الأول منها لحساباته الشخصية ، ويوزع القسم الثاني على أزلامه المقربين من رجالات الأسرة الأسدية ، ويوزع ماتبقى من فتات الدولارات على فاروق الشرع وأمثاله ...وكان فاروق الشرع راضياً يومذاك عن السعودية ودول الخليج كلها ...

واليوم تبين لكل ذي عقل أن النظام الأسدي ، نظام ممانعة في الصحافة ووسائل الإعلام ، وأنه يخطب ود الصهاينة ويتذلل لهم ، كما درجت عادته من التغميز على اليسار والذهاب من اليمين أو مايسمى في الفكر الإسلامي ( التقيـة ) ...

وفي هذا الصدد يقول السيد عبد الرحمن الراشد في الشرق الأوسط 14/4/2007 :
يقول إبراهيم سليمان أنه يمثل نفسه مع أنه يتحدث باسم سورية. ويقول إنها تريد التفاوض وتريد السلام. وأطلق إبراهيم سليمان جملة تصريحات ذكرت الإسرائيليين بأن سورية دولة متعقلة رفضت أن تحارب إلى جانب حزب الله في الصيف الماضي.
ولو افترضنا جدلاً أن رجل الأعمال السوري الأميركي سليمان بالفعل لا يمثل إلا نفسه، وكل الصخب المثار حول زيارته مجرد إثارة إعلامية، فهل يمكن أن ننفي ما قاله وان لا أساس له من الصحة؟ أعني هل فعلاً سورية لا تريد التفاوض، ولا تريد السلام، ولا تريد إغلاق جبهتها نهائياً ؟
 ( ومازال الكلام للسيد الراشد ) ...لا، ليس صحيحاً . فدمشق سبق أن قالت الشيء علانية، تريد التفاوض وحلاً سلمياً مع إسرائيل. وأعمالها تقول الشيء ذاته، فرفض حل نزاع مزارع شبعا، ورفض نزع سلاح حزب الله، واستضافة حماس والجهاد والجبهة الشعبية، كلها أفعال من أجل إيصال إسرائيل إلى الحل الذي تريده دمشق ، أو هكذا تبدو لي الأمور.

وكتب السيد حسن البراري في صحيفة الغد الأردنية 14/4/2007 يقول :
أخيرأً تمت الزيارة المنتظرة طويلا ً للدكتور إبراهيم سليمان، الأميركي من أصل سوري، الى إسرائيل للقاء أعضاء لجنة الأمن والشؤون الخارجية بالكنيست. وتمت هذه الزيارة على خلفية ما سرب للصحافة من لقاءات إسرائيلية سورية غير رسمية والتوصل الى صفقة شاملة. ولعدم وجود رواية اسرائيلية رسمية واحدة أرادت هذه اللجنة الاستماع إلى رواية إبراهيم سليمان الذي قام بإجراء 8 جولات من المباحثات مع ألون ليئيل، مدير عام سابق لوزارة الخارجية الاسرائيلية.
المثير أن كلاً من الحكومتين السورية والاسرائيلية تتنصل من هذه المحادثات ولا تعترف بها. ولا أعرف لماذا تتنصل سورية منها، بخاصة أنّ إبراهيم سليمان يؤكد استعداد سورية الجدي للسلام. بمعنى أن اعتراف سورية بموافقتها على المباحثات غير الرسمية وتنسيقها مع إبراهيم سليمان يساعدها على الظهور بمظهر من يريد السلام ويحقق اختراقاً آخر بعد زيارة نانسي بيلوسي لدمشق. وقد تحدى ابراهيم سليمان الاسرائيليين في أن يستجيب أولمرت للإشارات الصادرة عن سورية ويجلس مع بشار الأسد، إذ يتوقع أن السلام سيحدث خلال ستة أشهر.
   وجاء عن بدرا باخوس الفغالي في صحيفة الديـار (14/4/2007 ) مايلي :
ترى الدوائر السياسية الأوروبية أنه بغض النظر عن دقة الدور الذي لعبه رجل الأعمال ‏الاميركي - السوري الأصل إبراهيم سليمان في مفاوضات السلام بسرية إلى جانب ألون لايل ‏الأمين العام السابق لوزارة الخارجية الاسرائيلية بين أيلول 2004 وتموز 2006، فإن احتمال ‏استئناف الحوار السوري - الاسرائيلي بصورة رسمية علنية لم تعد بعيدة المنال وذلك بعد أن أاعطت الإدارة الأميركية لرئيس الوزراء الاسرائيلي أيهود أولمرت «الضوء الأصفر» الذي يسبق ‏الأخضر بانتظار النتائج العملية الملموسة من التعاون السوري مع طالب واشنطن أقلها في ‏الملف العراقي .

ونشـر موقع ( كلنا شركاء ) يوم (11/5/2007) نقلاً عن ( الحقيقة ) من دمشق مايلي :

دمشق ، الحقيقة ( خاص) : علمت " الحقيقة " من مصادر خاصة في دمشق أن الرئيس بشار الأسد استقبل في الرابع من الشهر الجاري المفاوض السوري ـ الأميركي ابراهيم سليمان على مدى ثلاث ساعات تقريباً بحضور اللواء المتقاعد محمد ناصيف ، مساعد نائب رئيس الجمهورية والمستشار الأمني الخاص للرئيس الأسد . وكان ابراهيم سليمان قد زار إسرائيل رسميا في الثاني عشر من نيسان / إبريل الماضي بدعوة رتبتها النائب اليسارية الإسرائيلية زاهافا غال ـ أون مع رئاسة لجنة الأمن والخارجية في الكنيست للاستماع إلى شهادته حول مجريات المباحثات السرية التي جرت بينه كممثل " غير رسمي " لسورية و نظيره الإسرائيلي آلون ليئيل مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية الأسبق على مدى العامين 2004 ـ 2006 ، وهو ما عرف لاحقا باسم بـ " المسار السويسري " .
مصادر " الحقيقة " أكدت أن ناصيف اتصل بابراهيم سليمان فور وصول هذا الأخير إلى واشنطن في السادس عشر من الشهر الماضي عائدا من القدس ، وطلب منه الحضور إلى دمشق لأن " القيادة السورية تريد الاستماع للتقويم الذي خلص إليه حول مجريات زيارته إلى إسرائيل " ، علما بأن دمشق كانت تنكرت لأبي سليمان وإمكانية أن تكون على صلة بهذه الزيارة بعد أن تأكدت تماما من فشلها . وفور وصوله إلى دمشق استقبله الرئيس بشار الأسد على مدى ثلاث ساعات تقريبا بحضور ناصيف ، استمع منه خلالها إلى تقويمين ، أحدهما يتعلق بانطباعاته العامة عن تفكير الإسرائيليين إزاء عملية السلام مع سوريا ، وثانيهما يتصل بالانطباعات الشخصية التي كونها عن المسؤولين الإسرائيليين الذين قابلهم . وقد استغرقت زيارة ابراهيم سليمان الخاطفة إلى دمشق أقل من يومين التقى خلالها أيضا نائب رئيس الجمهورية فاروق الشرع الذي تلقى تقريراً مماثلاً من سليمان. ولم يتمكن هذا الأخير من مقابلة وزير الخارجية وليد المعلم بسبب مشاركته في مؤتمر شرم الشيخ ولقائه وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس . وأوضحت مصادر " الحقيقة " أن المسؤولين السوريين " حرصوا على الاستماع إلى ابراهيم سليمان قبل لقاء المعلم ـ رايس من أجل تقرير السلوك السياسي والديبلوماسي الذي سيسلكونه مع الأميركيين خلال لقاءات شرم الشيخ " . وأضافت هذه المصادر أن التقويم " السلبي " الذي قدمه سليمان للقيادة السورية " دفع بهذه الأخيرة إلى إظهار بعض الافتراق عن توجهات السياسة الإيرانية بشأن الملف العراقي " .
( انتهى ماقالته الصحافة ) .‏

هذا ما تناقلته الصحف ، وهي تحلل حقيقة الموقف السوري من التطبيع والمصالحة مع الصهاينة ، والمتلخصة في تلهف وتذلل النظام الأسدي للمصالحة مع العدو الصهيوني ، في الوقت الذي يقف فيه بشار الأسد أمام مجلس الشعب الجديد لينفي أي اتصالات مع العدو الصهيوني ، كما مازالت بثينـة شعبان وأمثالها كثير ( يغمزون على اليسار ...) ويطرحون شعار المقاومة ، ويدعون إلى تحرير الجولان ، من بيروت مرة ، ومن بغداد مرة أخرى ، وربما يأتي يوم يدعون إلى تحرير الجولان من طنب الصغرى وطنب الكبرى ، كل ذلك وارد في فهم النظام الأسدي وأزلامـه ، سـوى تحرير الجولان انطلاقاً من دمشـق ، فهذا خـط أحمر أكـده ورسمه حافظ الأسـد قبل موتـه ...

وبنـاء على انكشـاف أمـر النظام الأسـدي ، وتأكد العرب جميعاً أنه يتذلل للصهاينة ، وتبين أن ليس  لـه من الصمود سوى استلام مليارات الخليج لتوزيعها على أزلامـه الذين يقهرون الشعب السوري واللبناني والأردني والعراقي من أجل بقـاء النظام في كرسي الحكم ... توقفت مليارات الخليج ....وسرعان مابحث النظام الأسدي عن مصدر آخر فوجده في النظام الإيرانـي ، فبـاع النظام الأسدي سوريا ولبنان والمنطقة كلها للنظام الإيراني ، وصارت مليارات الإيرانيين تصب في حسابات أزلام النظام الأسدي ، والنظام الإيراني لايدفع المليارات من أجل تحرير فلسطين ، أو من أجل التصدي للصهاينة ، وإنما يدفعها من أجل تصدير الثورة الإيرانية ( نشـر التشـيع ) بين أهل السـنة ، وهذا مايجري على قدم وسـاق اليوم في سـوريا الأسيرة ....ومن أول أهداف النظام الإيراني تحجيم دور المملكة العربية السعودية في المنطقة ، كي يضعف كل سند لأهل السـنة ، وينتشـر التشيع في المنطقة كلها ، ويتحقق الهلال الشيعي الذي يطوق جزيرة العرب من الشمال ....

هكذا أفهم تصريحات فاروق الشرع ، إنها توجـه إيـراني ، تنفـذه سياسة النظام الأسدي في سوريا  ولبنان ....  ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ....

               

    * كاتب سوري في المنفى باحث في التربية السياسية