خواطر مهجر قسري 3

د. عبد الله السوري

د. عبد الله السوري

[email protected]

خلاصة مانشر : كان هدف الهجرة إلى الحبشة توفير احتياطي للجماعة المسلمة ، ويسر الله لكثير من أبناء الجماعة المسلمة في سوريا واقاربهم وأنصارهم الهجرة من سوريا في مطلع الثمانينات ؛ فحفظ الله دماءهم ، ووفرهم كاحتياطيً للجماعة المسلمة ...

وفرضت علينا الهجرة قسراً فهاجرنا ، وكان ذلك من لطف الله وعنايته

ولينظر المهجرون القسريون إلى أنفسهم وأولادهم بعد ثلاثة عقود من الهجرة القسرية ، وليقارنوا أنفسهم بأشباههم في الشهادة والمهنة الذين لم يهاجروا ، وليصدقوا أنفسهم ، فماذا يجدون !!؟

وللذكرى فبعض المهجرين القسريين يعيشون في بلدان الغرب ، كشخصيات مميزة سورياً وعربياً على الأقل . وقد أفادوا أنفسهم وأولادهم وإخوانهم ، وخاصة بعد أن هيأ الله بلاد الغرب لتتقبل الإنسان المسلم ، ذكراً وأنثى ، وتوفر الحرية لكل مواطنيها ــ ومنهم المهاجرون القسريون ــ ليمارسوا حريتهم الشخصية ، وعقيدتهم الدينية ، وبالخلاصة جميع المهجرين القسريين إلى بلدان الغرب ، ودول الخليج ، والأردن ، عاشوا حياة وفرت لهم ظروفاً إنسانية أكثر من بلدهم ؛  وأحياناً أكثر بكثير ... حتى أن زملاءهم القادمين من سوريا ، ويرون أحوالهم المعيشية ، وحريتهم الاجتماعية والسياسية ؛ كانوا يتمنون لو أنهم كانوا مثلهم ....

وهناك مجموعة واحدة واجهت متاعب معيشية حاول إخوانهم مساعدتهم ، هم الأخوة المهجرين الذين استقروا في العراق الشقيق ، بعد أن مرت عليهم أيام عـز وكرامـة ، قاسوا متاعب كبيرة بعد الاحتلال الأمريكي للعراق ، ومازالوا يقاسونها ونسأل الله أن يفرج عنهم ، إنه على كل شيء قدير .

وصدق ربنا عزوجل القائل في كتابه العزيز { ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغماً كثيراً وسعة ،....} - النساء 100-

 يقول الشيخ سعيد حوى يرحمه الله في الأساس ( 1153) (( ثم حض الله – عزوجل – على الهجرة ورغب فيها ، وحرض إليها مبيناً أن المؤمن حيثما ذهب وجد مندوحة وملجأ يتحصن فيه ، ويراغم به أعداء الله ، ويجد  رزقاً واسعاً ، )) .

  ولايعني هذا أن طريق المهجرين القسريين مفروش بالورود والأزاهير دوماً ، بل واجهتم صعوبات جمة منها :

1-  الحصول على جواز السفر : حيث امتنعت السفارات السورية لمدة عشرين سنة تقريباً عن منح جوازات سفر لبعض المهجرين القسريين ، ثم فرج الله الهم ، بقرار الرئيس بشار الأسد عندما قرر أن يعطى كل مواطن سوري جواز سفر لمدة سنتين ، مهما كان موقفه ، ووضعه السياسي .

2-   الحصول على قبول أولادهم في الجامعات ، وقد عز وجود القبول حتى للذين لم يهاجروا من وطنهم ، وهيأ الله لمن توكل على الله ، ولم يخف من الصواريخ الإيرانية وهي تقصف بغداد في حرب الخليج الأولى ، أو الصواريخ ألأمريكة في حرب الخليج الثانية ، وتوكل على الله ، فدرس أولاده التخصصات العلمية العملية المرغوبة في العالم أجمع ....

 ويجب أن لاننسى نحن المهجرين القسريين أن الحكمة الربانية من تسهيل الهجرة لنا ، واستبقاءنا أحياء  هي استمرار وجود الجماعة المسلمة ، واستمرار الحركة الإسلامية في بلاد الشام ....

وأرجو من كل أخ مسلم مهجر قسري أن لاينسى أن الله عزوجل استبقاه حياً ليعمل على استمرار وجود الجماعة المسلمة ، لا أن ينعزل ويتشرذم أو يتشرنق على نفسه ، ويبتعد عن إخوانه وجماعته وحركته .

 فكما أن الهدف من الهجرة إلى الحبشة كان توفير مجموعة احتياطية تستمر بالدعوة الإسلامية إلى الله عزوجل إذا قضي على الجماعة المسلمة في مكة والمدينة في عهد النبي $ ، كذلك الهدف ــ والله أعلم ــ من توفير هؤلاء الأخوة الذين قيض الله لهم الهجرة وضمن بقاءهم أحياء ، هو استمرار الجماعة المسلمة  في بلاد الشام ، بعد أن قضى الطاغية الذي تكفل  لأعداء المسلمين بالقضاء على الحركة الإسلامية ، فقضى على الآلاف منهم . 

إذن الهدف من بقاء هؤلاء المهجرين القسريين هو استمرار الحركة الإسلامية في بلاد الشام ، فلايغيب هذا الهدف عن أذهاننا أيها الأخوة المهجرين القسريين .... ولنواصل عمل الليل بالنهار بعد أن نصفي القلوب ونخلص النوايا لله عزوجل ، من أجل النهوض بالحركة الإسلامية واستمرار وجودها قوية نشيطة ، تدعو المسلمين إلى الالتزام التام بدين الله عزوجل ، وتطبيق شريعته في الحياة .

والله أسأل أن يوفقنا إلى مايحبه ويرضاه لنا في الدنيا والآخرة .....