اللاهثون وراء العدوّ الصهيونيّ وحُلَفائه
اللاهثون وراء العدوّ الصهيونيّ وحُلَفائه،
يُحَاضِرون في الوطنية والشرف الوطنيّ !..
د.محمد بسام يوسف*
لقد أكّد المجلس الوطنيّ لإعلان دمشق في بيانه الختاميّ لدورته الأولى بتاريخ (1/12/2007م).. على الثوابت الوطنية المتفّق عليها بين كل القوى الوطنية والشخصيات المستقلة، المنضوية تحت لواء هذا التحالف الوطنيّ السوريّ الواسع. وقد ورد حرفياً في ذلك البيان، أنّ (هدف عملية التغيير هو إقامة نظامٍ وطنيٍ ديموقراطيٍ عبر النضال السلميّ، يكون كفيلاً بالحفاظ على السيادة الوطنية، وحماية البلاد وسلامتها، واستعادة الجولان من الاحتلال الإسرائيليّ).. كما أكّد المجتمعون على (الحفاظ على الاستقلال الوطنيّ وحمايته)، وعلى (تحصين البلاد من خطر العدوان الصهيونيّ المدعوم من الإدارات الأمريكية، ومن التدخّل العسكريّ الخارجيّ)، كما أكّدوا بشكلٍ قاطعٍ جازمٍ بأنهم يقفون (حاجزاً مانعاً أمام مشاريع الهيمنة والاحتلال، وسياسات الحصار الاقتصاديّ).. فما الذي وضع النظام الحاكم وعملاءه وأبواقه الرخيصة في أجواء داهيةٍ أفقدتهم ما تبقى من التوازن المفتَعَل؟!..
أشد ما يخاف منه النظام الاستبداديّ هو أن يتوحّد شعبنا، ممثَّلاً بقواه الوطنية المتنوِّعة، ضد استبداده وطغيانه، وقد كان انعقاد الدورة الأولى لإعلان دمشق في الداخل السوريّ أول الغيث الذي لم تعهده سورية، في ظل نظامٍ دكتاتوريٍ يصادر كل نسمة حرية، ويُضَيِّق كل فضاءٍ رحب.. ما جعله يفقد ما بقي له من صواب، ويستنفر قواه القمعية الدموية الباطشة، المدعومة بماكينةٍ إعلاميةٍ متخلّفة، وأبواقٍ لا تجيد إلا التحدّث بمنطق أربعينيات القرن المنصرم، وبعقليةٍ جامدةٍ تديرها رؤوس بخلايا دماغيةٍ متيبّسة، لم يسمع أصحابها أنّ بني البشر قد دخلوا القرن الحادي والعشرين، قرن التكنولوجية والعلم والسرعة والاتصال المذهل.. والانفتاح الذي لا تقف بوجهه الجُدُرُ الاستبدادية المتخلِّفة المقتَبَسَة من العصر الطباشيري!..
كل العالَم القريب والبعيد من حولنا قد تطوّر وتغيّر.. إلا عقليات هؤلاء الأسديّين (التقدّميّين)!.. الذين لا يزالون يعيشون هواجس الظروف التي صنعوها بأيديهم طوال أربعين عاماً!.. وكل الناس من حولهم نضجوا وتفتّحت عقولهم.. إلا هؤلاء (العباقرة) من أعضاء الحزب الواحد القائد الحاكم!.. وكل أهل الدنيا من حولهم بحثوا عن طريقٍ للانفراج والانفتاح والوحدة الوطنية.. إلا عُتاة الأجهزة الأمنية الأسدية، المتسلّطون على البلاد والعباد، مع الحاكمين بأمرهم من واجهات النظام الأسديّ الوراثيّ (التقدّميّ)!.. نفس اللغة، وذات اللهجة، ونفس المفردات الاتهامية المتحجّرة المملّة، منذ أربعةٍ وأربعين عاماً.. إنما بممثّلين آخرين، وأقنعةٍ جديدة، وأدواتٍ حديثة.. فمن الإمّعات الذين ورثوا النفاق والشقاق وسوء الأخلاق أباً عن جَد.. إلى طرزانات الزيف والخدع السينمائية على القنوات الفضائية، الذين لم يبقَ في وجوههم الكالحة قطرةُ ماء، ولا في حناجرهم المشروخة حَبْلُ صوت!..
* * *
تحالف إعلان دمشق يمضي بمشروعه الوطنيّ الأصيل، ليحمي الوطن من أي تدخّلٍ خارجيّ، فحماية الوطن لا يمكن أن تنجحَ إلا بوحدةٍ وطنيةٍ كاملة، يشعر فيها المواطن السوريّ بكرامته وأمنه واطمئنانه.. بينما يقوم النظام الجائر بتفتيت الوطن والاستئثار به، وبالتسلّط على رقاب الناس وإذلالهم ومصادرة حريّاتهم، منشغلاً بتكريس تسلّطه ولصوصيّته وكرسيّه المغتَصَب عن حماية سورية التي تعبث الطائرات الحربية الصهيونية بأمنها، من الجنوب إلى الشمال ومن الغرب إلى الشرق!..
رُعْبُ النظام الذي يخاف شعبَه، والمدجَّج بكل أدوات البغي والقتل.. تعكسها شدّة قمعه وبطشه بنساءٍ ورجالٍ لا يملكون إلا الكلمةَ والقلمَ والفكرَ والعقلَ وغصنَ الزيتون، ولا يدّخرون في صدورهم إلا الحُبَّ الطاهرَ والأملَ المشرقَ لسورية وشعبها!.. إنها الحقيقة الدامغة مهما حاول أزلام هذا النظام الفاجر وأبواقه المسعورة ولصوصه، أن يزيِّنوا وجهَه القبيحَ البشع، ويزوِّروا الاتهامات بحق شرفاء سورية ورجالها وأحرارها وحرائرها، تلك الاتهامات الرخيصة التي لم تعد تنطلي على أحدٍ من أبناء سورية.. فأبناء سورية وبناتها من أقصاها إلى أقصاها، يعرفون تماماً مَن الذي يلهث وراء الحلول الاستسلامية لعدوّ هذه الأمة، ويعرفون تماماً مَن الذي صافح رئيس الكيان الصهيونيّ السابق في الفاتيكان، ويُدركون حقيقة الخيانات المتعدّدة الوجوه التي تمارسها عصابة هذا النظام الشاذّ، الذي سَفَحَ شرف سورية في اجتماعات ما يُسمى بالمنطقة الخضراء البغدادية، وعند أقدام سادته من مشعوذي قمّ وطهران، وتحت بساطير بيريز وباراك وأولمرت.. شعبنا السوريّ الأصيل يُدرك ويفهم كلَ صفقات النظام التي يعقدها من فوق الطاولات ومن تحتها، وكلُ بني الأرض يستمعون بكل مناسبةٍ إلى تصريحات أساطين الكيان الصهيونيّ، الذين يُعلنون على الملأ بلغةٍ واضحة، بأنّ نظام الزمرة الأسدية هو خيار (إسرائيليّ) لحماية أمن (إسرائيل).. وكل سوريٍ يعرف مَن هو السفير الأسديّ (عماد مصطفى)، وماذا أنجز من اتصالاتٍ وصفقاتٍ سرّيةٍ وعلنيةٍ مع واشنطن وتل أبيب.. ومَن هو الوسيط الأسديّ (إبراهيم سليمان) الذي زار الكيان الصهيونيّ ليُطَمئنَ الصهاينة نيابةً عن بشار بن حافظ أسد.. ومَن ذهب إلى (أنابوليس) ولماذا ذهب.. وقبلها، مَن حشد أزلامَه في (حَفر الباطن) إلى جانب قوات (الإمبريالية الأميركية).. ومَن باع (الجولان) وحالَ دون تحريره طوال أربعة عقود.. ومَن كان يعقد الصفقات الأمنية والعسكرية في لبنان مع الصهاينة ومع الأميركيين.. ومَن نسّق مع الاستخبارات الأميركية في ما يسمى بمكافحة الإرهاب.. ومَن باع لتلك الاستخبارات ملفّات عشرات الآلاف من أبناء شعبنا الوطنيين الشرفاء.. ومَن ما يزال يلهث ويلهث.. ثم يلهث، لينال الرضى الأميركيّ والصهيونيّ!..
عَقْدُ الدورة الأولى لإعلان دمشق في سورية، خطوة واسعة بالاتجاه الصحيح، ومشعل ينبغي مَدّه بالوقود الدائم الذي يحافظ على توهّجه، فيما زَجُّ الأحرار في الزنازين ينبغي أن يكونَ شرارة الإقلاع، لكسر كل حواجز الخوف، على طريق تحرير سورية من العصابة الحاكمة، الخائنة لله ورسوله، والمتنكِّرة لسورية وشعبها وأمّتها العربية والإسلامية، تلك العصابة التي ستلفظها أرضُ الشام والإباء، وسيطوِّق شعبُنا أذاها، والله من ورائها محيط!..
*عضو مؤسِّس في رابطة أدباء الشام