أننا نكره المرأة
أحمد خيري
"في الدقيقة" التي يتوقف فيها الآذان عن التردد داخل الجوامع .. وتموت أصوات أجراس الصلاة في الكنائس .. سوف تدخل الحياة في شراك الظلمة الأبدية.
"في الدقيقة" التي يتوقف فيها النيل عن ضخ الحياة بشرايين مصر .. سوف تغضب الحقول فتتشقق ويأكل البشر بعضهم البعض .
"في الدقيقة" التي تقطف فيها الرؤوس بدون ذنب .. وتقطع الأيادي والسيقان .. تتحول البشرية لنوع جديد من الحيوانية .
المرأة .. هي ذلك النهر .. وصوت الآذان .. والأجراس .. و"في الدقيقة" التي يراد فيها إعادتها لعصر "النكاح الجبري" والرقيق الأبيض .. هي لحظة صمت الحياة وكتابة شهادة وفاتها .
المجتمع.. وكره المرأة
المرأة .. شمعة تحملها يد المجتمع في ليلة حالكة مظلمة .. وإذا أراد عن قصد .. أو جهل .. أو استهبال .. أو استعباط .. استغلال قدراتها وقيمتها في تحديد اتجاهه الصحيح .. والحقيقي.. وسط هذه الظلمة .. وبدلا من استغلال ضوئها في تفادي نتوءات ومطبات الطريق .. وإكتفي بالتركيز علي نارها ، فلا مفر من إفتقاد المجتمع لطريقه الصحيح .. والوقوع في المحظور أو السقوط في برك ومستنقعات ..وهو ما نلاحظه الآن من انحطاط قيمي .. وتمزق أخلاقي شديد .. يكاد يقضي عن أي نهضة نرجوها.
الإعلام"المأجور" .. وكره المرأة
الإعلام "المأجور" بما يحمله من أدوات ووسائل لخدمة أهداف خاصة سياسية .. يشبه في نظرته للمرأة نظرة " إبليس " إلي البشر .. كلاهما لا يرى فيها إلا أنها مخلوقة من " طين "..ولكل منهما هدفه..إبليس ليثبت لرب العالمين أنه كان صحيحا في نظرته لخلق البشر..والإعلام المأجور يهدف لتفريغ الناس من الداخل واضعافهم نفسيا ومن ثم يسهل تفكيك المجتمع وخلق اجيال غير قادرة علي تحديد مصيرها أو مستقبلها بما يخدم أعداء الوطن والانظمة الاستبدادية..فعمد إلي خلط الدين " غير الصحيح " والمرأة ليضرب الاثنين معا ..
ليل نهار والإعلام"المأجور" .. يسقي أطفالنا..ويطعم شبابنا..ويغسل رؤوس بناتنا.. بالخرافات والأساطير..وفتاوي البزنيس الجاهزة..أو استدعاء قصص قديمة في أزمنة وأوقات غير الأوقات..تجعلنا لا نري في المرأة غير أنها مخلوق جاء للحياة من أجل الترفيه الجسدي عن الرجل .
إمتلأت الشاشات بمناقشة قضيتين فقط .. جهاد النكاح وبرامج الرقص البلدي .. والاستعانة بكائنات غريبة "جاهلة" محسوبة علي المرأة ... وكأن قضايا المرأة تجمدت عند هذا الحد .. والأدهي أنهم يعمدوا إلي خلط الأوراق بإقحام الدين" غير الصحيح " .. وكأن تصدير "المرأة" للقيام "بجهاد النكاح" مصرح به من السماء ، وليس عملية سياسية في المقام الأول ، تتكسب من وراءها مافيات وجماعات تستغل الدين .. وحولوا المرأة بفعل مرتزقة الفتاوي إلي سلعة تباع وتشترى ..وتنتهك كامل انسانيتها .. بعد أن تسلم جسدها "للإرهابين" للترفية عنهم جنسيا, هذا نوع من شراء اللذة والمتعة والاحاسيس الجنسية, بالمقابل تحصل المرأة على "شرف الجهاد" كما يدعون.
الإعلام "المأجور" له دور في غسل الأدمغة .. وبناء تصور ذهني لدي المجتمع بأن المرأة كائن غريب لا ينفع إلا للمتعة الجسدية .. عبرعزلها عن العالم الخارجي بواسطة الخرافات والمواويل المختلفة التي تروج لها.
ترويج فتاوي " البيزنس "
ما يحدث الآن من ترويج لفتاوي " البيزنس " التي تقتنص من المرأة بشريتها وقدراتها ومكانتها التي حفرتها خلال السنوات الماضية ، لهو أبشع وأحقر عملية تواجهها عبر التاريخ الحديث .. حملات منظمة تثير الاشمئزاز وتظهر حقارة ونفاق السياسيين واستخدامهم للدخلاء علي الدين ..
فالآن أصبحت للفتوى سوقها.. وبزنس رائج يتهافت علي الهلافيت .. تباع وتشترى وفق معيار الربح من هذه العملية.
ورغم أن الفتوى لديها صفة دينية وشرعية, إلا أنها الآن ختمت بخاتم السياسية بامتياز, مثل فتوي "شرف الجهاد" وتوفير اللذة الجنسية للإرهابيين .
ثورة قيمية
التصدي ومواجهة هذه العملية تحتاج من المجتمع ثورة قيمية ضخمة يشارك فيها الرجال قبل حواء , لأنها ليست دفاعا عن المرأة وانسانيتها, بل للدفاع عن المجتمع ككل ، ورفض تركيع المرأة, وقتل كبريائها وانسانيتها, واحساسيها وجنسها كغريزة انسانية.