المنتدى الفلسطيني
المنتدى الفلسطيني
سعي للتحرر أم للحكم
جميل السلحوت
ليس سراً أن الحركة الوطنية الفلسطينية تعيش أزمة خانقة ، فهذه الحقيقة اثبتتها الانتخابات التشريعية الفلسطينية الأخيرة في كانون أول 2006 والتي حصدت فيها حركة حماس غالبية مقاعد المجلس التشريعي . مع أن الأزمة بدأت قبل ذلك بكثير وأخذت أشكالاً متعددة كون الشعب الفلسطيني متقدم على قياداته السياسية .
وكلنا نذكر أن بدايات ( التصحيح ) ظهرت في العام 1988 عندما حاول بعض اليساريين تشكيل التجمع الديمقراطي الفلسطيني ، الذي لم تُكتب له الحياة والاستمرارية لعدم وجود دعم له . ثم جاء الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني " فدا " في العام 1992 الذي اندمج فيه غالبية أعضاء التجمع السابق ، حيث كان " فدا " بمثابة عملية انشقاق في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين . وقد رفع " فدا " شعارات براقة حاول من خلالها التحرر من الأخطاء السابقة، واستطاع اجتذاب الأشخاص الى عضويته ، لكنهم ما لبثوا أن تركوه بعد أن اكتشفوا أن أشخاصاً معينين حاولوا تجيير التنظيم ليخدم مصالحهم الشخصية من خلال فرض أنفسهم كقيادات لهذا التنظيم ، وبعد أن تنكروا للشعارات الديمقراطية التي رفعوها .
لكن الضربة القاسمة للحركة الوطنية كانت بتشكيل السلطة الوطنية الفلسطينية ودخول حركة فتح فيها كحزب حاكم ، بعد أن كانت حركة تحرر وطني .
ونظراً لما تُشكله حركة فتح من عامود فقري للحركة الوطنية في مجملها ، فإن دخولها الى مؤسسات السلطة بشكل واسع قد انقلب عليها كحركة نضالية .
ولا بدّ من التذكير أنه كانت محاولات سابقة للالتفاف على الحركة الوطنية وخصوصاً على التنظيمات اليسارية من خلال تشكيل المنظمات غير الحكومية المدعومة مالياً بشكل كبير من جهات أجنبية ، هذه المنظمات التي اغتنى القائمون عليها بشكل لافت ، وحاولوا استقطاب شخصيات قيادية في بعض التنظيمات من خلال ربط مصالحهم المالية بهذه المنظمات التي ظهر بعض مسؤوليها على شكل تنظيمات جماهرية عملت على الالتفاف على التنظيمات التي كانوا يتبعونها ، والتي دعمتهم وساندتهم في تشكيل هذه المنظمات .
ويبدوا واضحاً أن القوى الوطنية لم تستوعب المستجدات على الساحة الفلسطينية ، مثلما لم تتعلم من أخطائها السابقة ، فبدلاً من تلمس مشاكل وهموم الجماهير ، وتصحيح مسارها فإنها عاشت صراعات داخلية زادتها أزمات على أزماتها ، وزادتها ضعفاً وبعداً عن الجماهير .
وهنا جاء المنتدى الفلسطيني الذي يقف على رأسه مجموعة من رجال الأعمال الفلسطينيين المعروفين بثرائهم وقوتهم المالية . فهل يستطيع هذا الجسم الجديد ملء الفراغ على الساحة الفلسطينية ؟؟ وهل سيستفيد من أخطاء سابقيه ؟؟ وهل سيكون قادراً على تعبئة وتنظيم الجماهير التي ملّت الفوضى والفساد المنتشر والمستفحل ؟؟
والمتابع لولادة هذا الجسم الجديد منذ حوالي العام ، وبالرغم من تأكيدات قادته بأنه ليس منافساً أو بديلاً لأي تنظيم قائم ، وأن من أهدافه اسناد منظمة التحرير الفلسطينية ، والعمل بالطرق السلمية على تحرير الأراضي المحتلة واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس الشريف ، الا أن ذلك يسجل على هذا المنتدى بدلاً من أن يكون لصالحه، وذلك لأنه ان لم يكن لتصحيح المسارات والسلوكيات الخاطئة فما الجدوى من وجوده ؟؟
واذا كان القائمون على المنتدى يعتمدون على سطوتهم المالية ، ووعوداتهم البّراقة بتحسين الأوضاع الاقتصادية للمواطنين وبناء اقتصاد وطني قوي ، فإنه يفترض أن يستقطبوا الأشخاص والمؤسسات الفاعلين في الأراضي المحتلة ، وأن يبتعدوا عن الكولسات وسياسة ( الأبوات ) التي دمرت التنظيمات السابقة له ، وعليهم أن يتلمسوا متطلبات الجماهير وأن يعملوا على ايجاد الحلول لها ، بدلاً من اسقاط الأوامر الفوقية عليهم ، وذلك تمهيداً لخوض الانتخابات التشريعية القادمة ، وهذا يتطلب أن يتحولوا الى حزب وبديل للتنظيمات التي استنفذت طاقاتها،ولم تعد قادرة على جمع اشلائها دون تخوف من ذلك كي يستطيعوا ضبط الأمور وتأطير الجماهير.