كذبتم وإن ادعيتم المثالية يا أشباه الرجال

مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن

[email protected]

(بطريقة عجيبة ظهر على الساحة السورية وبشكل مُفاجئ أدعياء للمُعارضة وهم من صُلب النظام ، فلا يقومون على أيّ حراك إلا ويصب في مصلحة النظام ، بعضهم أدعى أنه سُني أو علوي أو حتى مسيحي ، وقاموا بالهجوم على الإسلام ومُقدساته ، ونبي الإسلام ، في خطوة لاسابقة لها في تاريخ سورية الحديثة بما يخصّ عالم الإجرام ، بقصد أن تنفك جماهير شعبنا السوري عن المُعارضة المُتعددة الأطياف والألوان عندما يدّعي أمثال هؤلاء الانتماء لها ؛ ويكون أمثال هؤلاء – كنعيسة ونيوف وفيّاض- قد وجهوا الطعنة العصماء في الصميم لتلك المُعارضة، ولكن مثل هؤلاء  قد تمّ تجاوزهم وكنسهم إلى مزبلة التاريخ وكشف حقيقتهم ، عندما أعلنت المُعارضة بكل أطيافها في الحوار الفكري الذي جرى على مواقع ألنت ؛ تبرئها من هذه الحُثالة ، وكذلك فعلت طوائف هؤلاء عندما أعلنت براءتها منهم ، فصاروا كالكلاب الضالة تعوي وما من أحد يسمع نباحها، واليوم يُطالعنا هذا الشقي المُسمّى بنضال نعيسة ، الذي يدّعي أنه ضد عقوبة الإعدام ، في نفس الوقت الذي يُبرر فيه جرائم النظام التي قتلت بسيف قانون العار والجريمة 49لعام 1981 عشرات الآلاف من الأبرياء نساءاً وشيوخاً وأطفالاً وشباب وهو يدّعي أنّ جرائم النظام الأكثر وحشيةً ودموية هي التي أوقفت أعمال العنف بدلاً من تحميل النظام عدم رحيله وبقائه في السلطة المُغتصبة ).

فأحداث الثمانينيات لم تكن أبداً مع جماعة الإخوان المسلمين ، وإنما كانت في مواجهة الشعب بأكمله ومع نقاباته وجمعياته ورموزه وقواه الوطنية وأحزابه ، فلقد انتفض الشعب بأكمله لمقاومة الاستبداد والطغيان ، إلا أن الأجواء المشحونة استغلها النظام واستغلتها الطليعة المُقاتلة التي لم يكن لها الصلة البتّة بجماعة الإخوان المسلمين ، وقامت بتنفيذ عملية مدرسة المدفعية المرفوضة ، والتي أدانها الإخوان والتيارات الإسلامية والوطنية وكل القوى السياسية بحينها ، ولكن السلطة الغاشمة في ذاك الوقت  آبت إلا تنفيذ مخططها واتخاذها كذريعة لتصفية المُعارضة بأكملها ، فاعتقلت الشيوعي واليساري والعلماني والإسلامي ، وراحت تعمل على تصفيتهم جسدياً في المُعتقلات وبأبشع الصور، وفي الشوارع والمدن حتى بلغ عدد القتلى قرابة المئة ألف شهيد ، في خطّة مدروسة كان يعمل عليها الدكتاتور حافظ الأسد منذ استيلائه على السلطة، ولمن شاء أن يقرأ مُذكرات حمود الشوفي الصديق الشخصي لهذا الدكتاتور الذي انشقّ عنه في الثمانين عندما كان على رأس الوفد للأمم المُتحدة ، والذي أبلغه حافظ عن سياسته المُستقبلية ، من انه سيحاول شراء الذمم والنفوس لاستمراره ، وعندما أبلغه أن البعض لن يقبل فقال عندنا سجون تتسع لجميع هؤلاء ، وسنقوم على بناء المزيد منها لكي تتسع لكل مُعارض .

هذه هي حقيقة أحداث الثمانينيات باختصار ، التي كنت في انخراط كامل في دقائقها ، وكنت على إطلاع مُباشر بتفاصيلها ، وكنت عُنصراً فاعلاً ونشطاً في المُظاهرات السلمية ، التي لم أحمل طوال حياتي قطعة سلاح فيها، ولست الوحيد في ذلك  بل هو شأن المئات ممن أعرفهم ، من الذين اقتيدوا إلى زنازين المُعتقلات وتمت تصفيتهم صبراً فيها ، في صورة وحشية بربرية لم يشهد مثلها التاريخ الإنساني مثيلا ، والتي تحمل في طيّاتها كل أنواع الحقد والجبروت والسادّية ، وقمت لهذا الغرض لكشف إجرام النظام على اجراء العديد من المُقابلات التي أحتفظ بها مع القلائل ممن نجّاهم الله من حملة الأنفال لهذا الدكتاتور حافظ ، ووصلني الكثير والمزيد عمّا كان يجري في داخل تلك المُعتقلات التي يضع هذا النعيسة المبررات لهذا النظام الذي يدّعي أنه يُعارضه لتنفيذها ، ثُمّ يحمّلنا الجميلة بأنه كان أحد الموقعين إلى دعوة إلغاء هذا القانون الذي يستبيح الدماء لمُجرد الشبهة ، وياليته كُسر القلم الذي وقع فيه  بقصد التدليس على الناس ، أو كُسرت يداه  قبل مزاودته في هذا الشأن .

ثُمّ إني أسأل هذا النعيسة الذي ادّعى أنّه "صاحب الوجدان الصادق والإيمان الحقيقي وصاحب الواجب الحقوقي والإنساني  والمبادئ الأخلاقية"والتي لا يملك من هذه القيم أيّ شيء منها ، عندما يتحامل على التشريع الإسلامي الذي جعل عقوبة القتل وليس الإعدام للقاتل العمد الذي منوط بتنفيذ الحكم بأهل القتيل الذين يحقّ لهم العفو والصفح مُقابل الروح التي أزهقت ظلماً ، وبعض الحيثيات الدقيقة في الأمور الأخرى ، بينما الإعدامات السياسية التي يرفضها الإسلام جملةً وتفصيلاً ، والتي تدخل ضمن نطاق الأعمال الكيدية والإرهابية ، التي استخدمها نظام حكم هذا المأفون وعلى نطاق واسع هي المُدانة ، والذي لم يستطع أن ينطق بكلمة الإدانة طوال مُقابلته الصحفية ، والتي ادّعى فيها بأنه ضد أحكام الإعدام  لأنها تخدم الاستبداد وبأنه ضد إزهاق الأرواح البشرية على الإطلاق ،في نفس الوقت الذي يضع فيه المبررات للقانون الوحشي الجائر والمُقنن  49 لعام 1981 ، الذي حصد عشرات الآلاف ظُلماً وجوراً ، ولايزال الى يومنا هذا يحصد المزيد خطفاً واغتيالاً وتشريداً ، ثُمّ يضع المبررات لاستمراره تحت دعوى التخفيض الذي يناله أصحابه الى 12 عام سجن مع الأشغال الشاقّة لمجرد الانتماء للجماعة  ،ولم يتحدّث عن تطور الفكر الإجرامي لهذا النظام الذي صار فيه هذا الطاغية يحكم على الأشخاص على النوايا وما تُخفيه الصدور ، وصار هذا القانون يحصد أعمار الرجال في السجون بالسنين الطوال لدون ذنب، ويدّعي هذا المأفون الرحمة لنظامه المجرم ، وقانونية التشريعات الظالمة التي يتخذها كوقاء له من العشوائية ، والذي صارت جرائمه تحت ستار القانون ،الذي لم يجرؤ هذا المأفون من إدانتها والتشنيع عليها بل المُطالبة بإلغائها إن أمكن، وبدلاً من ذلك يُطالب الضحيّة باتخاذ الإجراءات التي تمنع حدوث ذلك ، بعد أن عصم عينيه ، وصمّ أُذنيه عن رؤية وثائق هذه الجماعة وميثاقها الوطني ، الذي يرفض كل أنواع العنف ، والإيمان بالديمقراطية وحرية الفكر والتعايش السلمي ، وأنّ الوطن لجميع أبنائه ، شأنه شأن جميع الأحزاب السياسية الوطنية.

ثم يقول هذا المأفون "بأنه لا يعتقد أن أي تنظيم سياسي سوري تعرض أو قد يتعرض لإجراءات مماثلة طالما أنه يعمل وفق الأساليب التنظيمية والقانونية والدستورية المعمول بها ولا يتخذ من العنف والتعبئة العنصرية والمذهبية والتمييز العرقي والديني سبلاً لتحقيق مآرب سياسية " فهل يُعقل ذلك ومن يُصدق هذه الكذبة إلا عميلٌ مثله ، وربما يظن أحدنا أنه يأتي بهذا الهُراء على سبيل الدعابه ، كما فعل صاحبه من أدعياء المُدافعة عن الحقوق في المؤتمر الذي عُقد في لبنان والذي ادّعى فيه أنّ سورية تسودها الأجواء الديمقراطيه والحريات مما نال سخرية الحاضرين واستهزاءهم به.

وبعد ذلك يدعي أنّ جماعة الإخوان لم تفتح باب الانتساب لكل أطياف المكونات السورية، إذ تقتصر العضوية اليوم في الجماعة على المواطنين السوريين السنة، فهل جرّب الانتساب لها ، والقبول بشروطها وأدبياتها ، أم أنّه رجماً بالغيب ، فأنا مثلاً إسلامي التوجه والفكر ، فهل تقبلني الأحزاب العلمانية وتسمع لأطروحاتي وتلتزم بها أم أنني أنا المطلوب مني النزول عند أغلبيتها ، وما طرحه هذا إلا من باب الفزلكه السفسطائية الفارغة التي لايؤدي الخوض فيها إلا للمزيد من التفتت والتشرزم ، وهذا ما يريده هذا المُدّعي للمعارضة ، لأنه بالخروج عن التفكير المنطقي تتحول الأمور إلى الجدل العقيم الذي لايغني ولايُسمن من جوع ، إن صلحت النوايا ، فكيف إذا هي بالأساس موضع شك وريبة.

ثُمّ يتكلم عن مكانة المرأة في هذه الجماعة ، والمهم أن يخوض بأيّ حديث للتشويش ؛ دون الإطلاع أو من باب التعامي، فأقول ومن خلال مراجعاتي لأدبيات الجماعة التي لا أعمل تحت إطارها ، وأعمل باستقلالية كاملة عنها كإسلامي مُستقل ، فأقول إن الإخوان المسلمين وكذلك التنظيمات الإسلامية المُعتدلة ، لا تنظر إلى المرأة إلا ككيان مستقل له حرية التعبير والمشاركة والإنتخاب والترشح وشغر كافة الوظائف التي تستطيع عليها ، وأنها نصف المجتمع والشُق الآخر للرجل ، وبدونها لا تستقيم الأمور ، ولا تتطوّر الأمم ، وإن بابتعادها عن الحياة السياسية والعملية فيه خسارة للمجتمع.

وأما عن ما ادعاه بأنه فتوى إحلال الدم والتكفير ، فلقد تمّ التداول فيها في الأسابع الماضية ، وقُلنا أن رأينا ورأي كل التيارات الإسلامية المُعتدلة الرفض لأي فتوى تُبيح ذلك ، وكذلك صرح المُراقب العام للإخوان المسلمين السيد علي صدر الدين البيانوني لقدس برس بذلك ، بل دعى لمواجهة هذه الشائعة بمزيد من اللُحمة بين أطياف المُعارضة وشرائح الشعب لمواجهة الاستبداد ، ولكن مثل هذه الأمور يتجاهلها ويُصر على نكرانها ،لأن  هذا المخلوق وأمثاله لايريدون إلا  بث الفرقة والشوشرة وزرع الفتنة ، وهذا مايجري إحباطه على الدوام ، وهذا مالم ينجح فيه النظام ولا عُملائه.