يوميات شاهد عربي 9

يوميات شاهد عربي

الحلقة التاسعة " توضيح"...

طلعت شعيبات

شاعر فلسطيني مقيم في بيت لحم

[email protected]

لم يحدث أن شعرت برغبة عارمة للكتابة كهذه الأيام ولا أعرف سببا واحدا لهذه الظاهرة الغريبة سوى أنني لم أجد غير الورق الأبيض أمامي وهذه الشاشة والكيبورد وقلم الرصاص لأهرب من شيء ما...

لا أود الكتابة عن الحدث ولكنني سأشير إليه عن بعد و بالرموت كنترول...

أولا: أنا غير مقتنع إلى الآن بسقوط أمة بأكملها في يوم واحد أو في شهر واحد أو في عام واحد... الأمم تسقط بالتزامن مع علو أمم أخرى...

ثانيا: لن تكن غزة أو بغداد أو بيروت الاستثناء...مدن أخرى ستقع ولو بعد حين...صدقوني لقد شاهدت ذلك في فصل الخريف من العام الماضي ولم أكن قد تعلمت أي نوع من ال"شعوذة"...

ثالثا: ما يؤلمني حقيقة هو أن الوطن لم يصبح فتاة عذراء كما كنت أصفه في بعض قصائدي...أصبح امرأة شرسة يمكن لها أن ترفع قضية "خلع" في أية لحظة ولو كان ذلك على حساب الأطفال والشهداء والقديسين والديناصورات...

رابعا: ك "مواطن" عربي لم يعد يثيرني منظر أو مشهد أو سحابة أو فلم رعب بعد أن تمت عملية "ختان" جماعي لأحلامنا وآمالنا وأجهزتنا العصبية...

خامسا: أوضاع مصر لا تعجبني وكذلك فلم السهرة على الفضائية المصرية والخصخصة والقهقهة على الذقون بعد أن كان الضحك عليها واردا وأمرا طبيعيا...

سادسا: لم يعد يهزني ما أسمعه عن دارفور بعد أن أصبحت كل وكالات الأنباء العالمية تعرضنا وكأننا صورة طبق الأصل عن هولاكو...

سادسا أيضا: كان يمكن لنا أن نجعل دارفور قصة أسطورية عن التعايش السلمي ولكن للأسف لم تكن كذلك...

سادسا أيضا: لو عدنا إلى الوراء عشرين سنة هل سنقبل بأن يتكرر ما يحدث اليوم؟!...

سابعا: لقد أدركت منذ فترة ليست بالقريبة أنني "فلسطيني" فقط ولكنني الآن أشعر بأن العروبة كالسكري "مرض مزمن" لا شفاء له...

سابعا أيضا: قلت ذات ليلة أن فلسطينيتي تلك تجيز لي أن أنتمي للبحر والصحراء... أي بحر وأية صحراء كنت أقصد؟!...

سابعا أيضا: أعترف بأنني شعوبي وقطري ومحلي ولا أذرف دمعي إلا على أبناء فلسطين فلمَ أصبح دمعي مجانيا؟!...

ثامنا: منذ " تصبحون على وطن" لمحمود درويش لم أسمع أن أحدا ابتكر تحية أفضل من "صباح الليل" للشاعر البحريني قاسم حداد...

ثامنا أيضا: لن ابتكر تحية أخرى ولن أقبل سوى ب"صباح الليل" وسأترك فاصلة وصل.