أينما وُجد الظُلم فذلك هو وطني

ووطني هي سورية

مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن

[email protected]

فكرت كثيراً في هذا العنوان ، فلم أجد أكثر تعبيراً لما هو عليه الحال اليوم في سورية ، هذا الظُلم الذي يعمّ كل أرجاء وطني الحبيب منذ قرابة النصف قرن من الزمان ، حين انقلاب العسكتاريا والبوليس والحذاء العسكري على المدني ، لتعمّ المظالم منذ ذلك الحين إلى يومنا هذا ، ولم تنفك عنه منذ ذلك التاريخ ، وكان مصير من فكّر بالخلاص غياهب السجون والمُعتقلات والمنافي والتشريد والتنكيل والمحن ، ومع ذلك لم تخلو سوريتنا الحبيبة من الرجال الرجال ، والنساء النساء الذين يحملون صفة الرجولة وليس الإسترجال ، وكان أخرهم الصبية طل الملوحي والشهيدة السورية الكردية بنت الخمسة عشر ربيعاً ، وهم يواجهون بأجسادهم العارية ، كل أدوات القمع والإرهاب ، ومثلهم الأعلى في ذلك جدّهم شيخ حقوقي العرب القاضي المحامي الرمز العملاق الثمانيني المناضل المُجاهد هيثم المالح حفظه الله ، الذي قُبع  وراء القضبان الحديدية لكليمات قالها بكل الشموخ والعزّة ، تدعوا للإصلاح والتغير السلمي وتوصيف الوضع ، مما أخاف طغيان القوّة ، لترمي  به في غياهب سجن عذرا المركزي مُمدداً على فراش رقيق ملتصق بالأرض في ظل الأجواء الشديدة البرودة التي تعرفها سورية ، محشوراً مع المجرمين والعتاة ، المُؤمَن لهم الأسرّة والبطانيات المناسبة بما يقيهم من زمهرير البرد ، بينما هذا الشيخ الذي يعاني من الأمراض المزمنة وأهمّها : السكّري وقصور الغدّة الدرقية وغيرها ... يُحرم من أبسط الحقوق ، مما يجعل حياته  معرّضة للخطر نتيجة الأمراض العضال الّتي يعاني منها في سنّ الشيخوخة . أليس هذا من أكبر المظالم ؟

وكنت قد جعلت توقيعي على كل مقالاتي منذ اعتقاله بالآتي " أنت في قلوبنا يامنديلا وعلم سورية الأشم القاضي المحامي الحقوقي هيثم المالح ..، لن ننساك أيها الشيخ الجليل الثمانيني ، واعتقالك يُمثل انتكاسة أخلاقية وإنسانية تُضاف إلى سجل هذا النظام ، قلوبنا معك أيها الحبيب الصامد ، أيها الرجل المقدام ، لم تنل من عزيمتك الشيخوخة ياسيدي ، وأنت سيد الرجال ، ولنُسطر اسمك في التاريخ رمزاً من أعظم الرجال ، فاق مانديلا وغاندي ، بل ولُنسمي انتفاضتنا الفكرية والثقافية والأخلاقية باسمك أيها العملاق ، بوركت وبوركت البطن التي أنجبتك ياسيد الأحرار ، ياسيد الشجعان يارمز الرجولة والعلو والافتخار " فأرسل لي

أحد الأساتذة والمُفكرين الكبار من مصرنا الحبيبة واسمه حسن سباق قائلاً بالحرف : أخي الكريم ... السلام عليكم وبعد .  لقد استرعي انتباهي وملأ خاطري اسم هذا الجليل هيثم المالح من خلال حديثك المجمل عنه ،  وأنا لا أعرفه رغم اهتمامي بالتعرف على الشخصيات تلك الشخصيات المرموقة الشريفة في وطننا الذي يُغيّب فيه  الشرفاء بكل أسف وألم ، و سأكون لك شاكرًا لو أمددتني بمعلومات عن هذا الرجل هيثم المالح الذي قلّ وجوده في هذا الكون ، والذي أحببته من خلال حديثك عنه ، وذكر مزاياه النبيلة التي نتطلع لأن تصل قاماتنا إلى أمثاله في السمو والرفعة والإباء ، ولأُرشده إلى باحث الجوجل ليبحث فيه ماشاء ، وليتعرف على شموخ سورية وشعبها الذي قدّم التضحيات العظام دماً ودموعاً في هذا الرجل العظيم ، بعدما عبّرت له عن عجزي عن توصيفه وإعطاءه مايستحق من الوصف اللائق به ، ليرد عليّ قائلاً :

أخي السوري المنفي والمضطهد أنت وعشرات الآلاف أمثالك الآن عرفت عنه وعنكم الكثير ... عندما وضعت اسمه على الباحث جوجل وعرفت أي ذنب ارتكب ، لأنّه كان صوت الحق المُدّوي ، وأبّى الجلّادون إلا أن يُخفوا صوته بأن يزجّوه وراء القضبان ، وكم كانت سعادتي بالتعرف على هذا الرجل ، وألمي في نفس الوقت ، وقال :  ولا أخفيك فقد جعلته جزءً من درس مهم ألقيه لبعض تلاميذي وأصدقائي ، كما ولاتعلم عن مدى سعادتي الغامرة بطرقي لباب هذا الرجل الذي رأيته خير القدوة الحسنة ،  ولكن المفاجأة أنني وجدت كثيرين منهم يعرفون هذا العملاق دوني ، وأما رسالتك التي أرسلتها وما تحمله من روابط عنه ، فإنني أعتبرها هدية مقدسة من أخ بار بمن يحب  ويُدافع عنه ، وهو مُضهد في بلده ، ليبارك الله فيكم أيها الأحرار أينما ذهبتم وأينما حللتم

وكانت آخر صيحة قد انطلقت من وراء القضبان من الأستاذ المحامي مهند الحسني رئيس المنظمة  وهو يؤكد في معرض أقواله : (إن قضيتي ليست جنائية بل قضية حقوق إنسان) بعد أن أرادوا سوقه إلى الحاكم العسكري ، عبّر فيها على أنّ مُحاكمته كيدية ، ولا تستند الى قيم حقوق الانسان و الشرعة الدولية و الدستور السوري ، ولا إلى أبسط الحقوق الإنسانية
وكان قد أرسل الكثير من الإخوة العرب عنه رسائل التضامن لي مع هذا الشيخ الجليل وجميع مُعتقلي الرأي والفكر ، قائلين : مايجري في سورية بحق أحرارها شيء مُرّوع ومُفزع ، وإننا لنأمل أن تُزال الغمّة وينفرج الكرب ، وداعين في نفس الوقت لمن هو قائم على السلطة بالتعقّل

وكان التيّار الإسلامي الديمقراطي في الداخل السوري قد أصدر بياناً بأنّه تلقّى نبأ تدهور صحّة الأستاذ المحامي هيثم المالح البالغ من العمر ثمانون عاماً , بقلق بالغ , وعلى الفور تمّ الاتصال بزوجته فأكّدت الخبر وأنّه لا يزال ينام على أرض المهجع في سجن عدرا المركزي–قرب دمشق- بدون تأمين سرير له على الرغم من الأجواء الباردة . ، وقال البيان الذي عبّر عن امتعاضه لمنع أفراد حزبه من حضور جلسة المحكمة العسكرية التي عُقدت للنظر في الافتراء المقدّم ضده من قبل عميل السلطة في السجن بتهمة ملفّقة هي التهجم على الرئيس بشّار الأسد , ليناشد البيان السلطة السياسية في الجمهورية العربية السورية بأن يتحلّوا بالمسئولية التاريخية وأن يسارعوا فوراً إلى الإفراج عن الشخصيّة الحقوقية العالمية الأستاذ الشيخ هيثم المالح , قبل فوات الأوان – لا سمح الله- مع الاعتذار منه, كما حصل مع المهندس العبقري عبد الستّار قطّان والّذي توفيّ بعد أشهر من الإفراج عنه وكان يعاني من الفشل الكلوي وهو داخل المُعتقل..

ثُمّ قال البيان : إنّ الأستاذ هيثم المالح الّذي يعاني من أمراض مزمنة أهمّها : مرض السكّري وقصور مرضي في الغدّة الدرقية وغيرها , فإنّ حياته معرّضة للخطر نتيجة الأمراض العضال الّتي يعاني منها في سنّ الشيخوخة ، ليُحذر السلطات المسئولة في النظام السوري من كارثة فقدان حياة هذا الرجل الكبير والّتي ستعتبر-لا سمح الله - وصمة عار في جبين هذه السلطة إلى يوم الدين  

وكما جاء في المرصد السوري لحقوق الإنسان ، بأنّ  الناشط الحقوقي هيثم المالح نفى التهم الموجهة إليه وقال " لا صحة لما نسب إلي ولم أقدم على التلفظ بأي عبارة تسيء إلى الرئيس أو أي عبارات قدح و ليس من عادتي هذا الأسلوب الهابط وان اتهامات أحمد نهار – النزيل المجرم - غير صحيحة واعتقد أنها بقصد الابتزاز ". وكان القاضي قد قرر تأجيل الجلسة وسوق السجين أحمد نهار كشاهد للحق العام

جدير بالذكر أن جهاز امني سوري كان قد اعتقل المحامي هيثم المالح في 14/10/2009 وأحاله  في 27/10/2009 إلى النيابة العسكرية التي استجوبته حول عدد من اللقاءات الإعلامية ومجموعة من المقالات التي كتبها ،وفي 31/1/2010 رفضت محكمة النقض الطعن المقدم من قبل هيئة الدفاع عن المالح وصدقت القرار الصادر عن قاضي التحقيق العسكري الأول بدمشق في  3/11/2009 والذي  قضى باتهام المحامي هيثم المالح بجناية "نشر أنباء كاذبة من شأنها أن توهن نفسية الأمة" والظن عليه بجرم ذم إدارة ،وسوف  تحدد جلسة لمحاكمته أمام محكمة الجنايات العسكرية في وقت لاحق ،والمالح من مواليد دمشق 1931 حاصل على إجازة في القانون، ودبلوم القانون الدولي العام، بدأ عمله كمحام عام 1957،اعتقل لمدة 6 سنوات بين عامي 1980 ـ 1986 مع عدد من المحامين والناشطين السياسيين المعارضين بسبب مطالبته بإصلاحات دستورية ،ساهم المالح في تأسيس الجمعية السورية لحقوق الإنسان ، وهو يقبع إلى الآن وراء القضبان برغم كل ظروفه الصحيّة الحرجة ، رغم مطالبة العالم أجمع بإغلاق ملف الاعتقال السياسي التعسفي ، ولكن لاحياة لمن تُنادي.

أنت في قلوبنا يامنديلا وعلم سورية الأشم القاضي المحامي الحقوقي هيثم المالح ..، لن ننساك أيها الشيخ الجليل الثمانيني ، واعتقالك يُمثل انتكاسة أخلاقية وإنسانية تُضاف إلى سجل هذا النظام ، قلوبنا معك أيها الحبيب الصامد ، أيها الرجل المقدام ، لم تنل من عزيمتك الشيخوخة ياسيدي ، وأنت سيد الرجال ، ولنُسطر اسمك في التاريخ رمزاً من أعظم الرجال ، فاق مانديلا وغاندي ، بل ولُنسمي انتفاضتنا الفكرية والثقافية والأخلاقية باسمك أيها العملاق ، بوركت وبوركت البطن التي أنجبتك ياسيد الأحرار ، ياسيد الشجعان يارمز الرجولة والعلو والافتخار.