كل "نوروز" تحية ودم

كل "نوروز" تحية ودم

الديمقراطية مطلب لايمنع حزب

من أن يكون لديه برنامج لما بعد هذه الديمقراطية

غسان المفلح

في صباح 21 مارس الجاري سال الدم السوري في مدينة الرقة على أيدي أجهزة أمن النظام السوري.من بين الشهداء طفلة عمرها خمسة عشر ربيعاً وهناك العشرات من الجرحى. ساحة الجريمة كانت مكان الإحتفال بعيد "نوروز" الذي يحتفل به أبناء الطيف الكردي من السوريين.

في صباح هذا اليوم أطلق النظام الرصاص على السوريين العزل من السلاح.أسلحة المحتفلين لم تكن إلا الآلات الموسيقية وأدوات الدبكة والرقص والورود والرياحين, المصادر الحقوقية مازالت تحاول التأكد من تفاصيل ما حدث, ونتمنى ألا يكون قد استشهد شباب آخرون..إن هذا الأمر الذي يتكرر شبيها له كل عام, وفي مناسبة "النوروز", يجعلنا أيضا نقف أمام الحالة الوطنية الديمقراطية السورية. إن أشكال النضال من أجل الديمقراطية أمر يعتبر أولوية, بالنسبة لنا كسوريين.

إن الحالة الكردية في سورية, تعتبر الأكثر حضورا لجهتين, الأولى أن هناك تمييزاً أثنياً واضحاً, ضد أبناء شعبنا الكردي, وخصوصاً ان هناك أكثر من 300 ألف منهم يعيشون بلا جنسية سورية وهم سوريون. اللغة الكردية غير معترف بها, وبالتالي ممنوع على المواطن الكردي أن يتعلم بلغته الأم.

وهناك الكثير يمكننا التحدث فيه عن أشكال التمييز على هذا الصعيد مضافة إلى أشكال التمييز التي يعيش كل السوريين في ظلها, والقمع المؤسس على مفهوم القوة العارية التي انتصرت أو تعتقد أنها انتصرت من أجل الحفاظ على السلطة والفساد. اما الجهة الثانية التي يمكن لنا الحديث عنها, هي حال المعارضة السورية الديمقراطية عموما والكردية خصوصا.

إن المعارضة الديمقراطية السورية بكل أطيافها رغم ما تدفعه من أثمان باهظة في نضالها, إلا أن الخطير في الموضوع أنها" بلا تراكم, وتتبعثر سريعا, بعد مضي أقل من شهر على كل حالة اعتقال أو جريمة ترتكبها أجهزة النظام, بحق أبناء شعبنا ومناضليه" التراكم الذي من شأنه أن يخلق وعياً مؤسسيا بضرورة استمرار النضال الديمقراطي, واشتقاق وسائل نضالية جديدة".

أذكر قبل أن نمضي في هذه العجالة, أننا قبل أكثر من ثلاثة عقود من الزمن كنا في مرحلة نضال سري وكان القمع العاري في الشارع يلاحق الجميع, كنا في حزب العمل الشيوعي في سورية, ورغم السرية المطلقة في عملنا, ورغم الخوف الذي يحيط بنا, كنا نتشارك الاحتفال بال¯ "نوروز", في أماكن معينة, والتي كانت تتم بطريقة بدائية, ورغم ذلك كنا نشارك, حتى لو افتضح أمرنا, ونوزع أحيانا المنشورات خلسة على المحتفلين" ورغم أن الظرف قد تغير الآن, لا نسمع من الأحزاب الكردية عن دعوات توجهها لكل أطياف الشعب السوري لمشاركتها احتفالات "النوروز", لماذا?

وبالمقابل على المعارضة السورية ككل أن تكون هذه المناسبات مناسباتها هي أيضا. وهي التي تدعو للاحتفال بها, كمعارضة ديمقراطية سورية.

هناك معادلات خرجت لنا من هذه المعارضة, ومنها معادلة تفصل بين النضال الديمقراطي السوري عموما وبين المطالب الكردية التي أخذت وجها قوميا, لا بل تعالت بعض الاصوات تكتب أن الكرد يعارضون النظام ليس لأنهم معارضة بل لأن لهم مطالب قومية فقط! وبذلك أضعفت جبهة القوى الديمقراطية, إن لم يكن نظريا فعمليا, بتنا نلمح لغة لها فعل شقاقي على المستوى الديمقراطي, كما لم تبادر أطياف المعارضة الديمقراطية العربية إلى تفعيل الحوار ومحاولة احتواء هذه اللغة الشقاقية, بل هناك منها من لهم اللغة نفسها, وهذا خطير على مستقبل المعارضة ومستقبل الديمقراطية التي نناضل جميعا من أجلها.

كما ان هناك في خضم الشقاق الكردي- الكردي أيضا, باتت بعض الأحزاب تتصرف لوحدها, وكأنها هي من تقود النضال وهي التي يجب أن يكون لها عائد هذا النضال في الشارع.

الديمقراطية مطلب لا يمنع أي حزب من أن يكون لديه أي برنامج لما بعد هذه الديمقراطية, ولكن دعونا نصل إلى هناك...حفاظا على أرث نضالي..سال فيه الدم, ومازالت المعتقلات مليئة بالمناضلين من أجله.

كاتب سوري