كفى أمريكا لن نكون بعد اليوم بقرتك الحلوب

محمد فاروق الإمام

محمد فاروق الإمام

[email protected]

في تحد صارخ للولايات المتحدة في عقر دارها.. رئيس وزراء الدولة العبرية بنيامين نتنياهو يؤكد رفضه وقف الاستيطان في القدس المحتلة، معتبرا أن القدس الموحدة هي عاصمة الدولة العبرية وليست مستوطنة.

جاء ذلك بعد ساعات من تحذير وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون من انعكاسات الاستيطان على مصالح تل أبيب وواشنطن.

وقال نتنياهو في كلمة أمام اجتماع لجنة الشؤون العامة الأميركية الصهيونية (إيباك) إن (الشعب اليهودي بنى القدس منذ ثلاثة آلاف سنة، وهو يبني القدس اليوم). متهماً السلطة الفلسطينية بأنها لم تقدم تنازلات من أجل السلام، ودعاها إلى الدخول في مفاوضات مع الدولة العبرية. وأكد أن صداقة الدولة العبرية مع الولايات المتحدة لن تتزعزع (طالما واصلت المضي قدما في تحقيق السلام والأمن مع جيرانها العرب).

تصريحات نتنياهو تأتي بعد ساعات من اتهام كلينتون الدولة العبرية (بتقويض مصداقية الولايات المتحدة كوسيط للسلام في الشرق الأوسط،) وطالبتها (باتخاذ خيارات صعبة لكنها ضرورية للسلام).

وقالت كلينتون في كلمة لها أمام اجتماع لجنة الشؤون العامة الأميركية الصهيونية (إيباك) إن (استمرار حالة الصراع بين إسرائيل وجيرانها يضر بمصالح تل أبيب وواشنطن، وأكدت أن إنهاء هذا الصراع سيضمن مستقبل إسرائيل في المنطقة).

وحذرت من أن (مشاريع البناء الإسرائيلية في القدس والضفة الغربية تهدد المفاوضات غير المباشرة، كما أنها تقوض إجراءات بناء الثقة مع الفلسطينيين، وتقلل من قدرة واشنطن على لعب دور في العملية السلمية إضافة إلى إضرارها بإسرائيل نفسها).

وقالت كلينتون (إن إيران ليست التهديد الوحيد الذي يلوح في الأفق.. إسرائيل اليوم تواجه بعضاً من أصعب التحديات في تاريخها). واتهمت مسؤولين فلسطينيين (بالتحريض على العنف في أعقاب بناء إسرائيل لكنيس الخراب في القدس).

وأكدت أن الصراع مع الفلسطينيين ومع جيران إسرائيل العرب (عقبة في طريق رخاء الإسرائيليين والفلسطينيين والشعوب في أنحاء المنطقة، وهو يهدد مستقبل إسرائيل على المدى الطويل كدولة يهودية آمنة وديمقراطية).

وأضافت أن (مسؤوليتنا كدولة صديقة لإسرائيل هي الإشادة حين تكون واجبة، وقول الحقيقة حين يتطلب الأمر ذلك).

وأشارت إلى أنه (لا يمكن أن يدوم الوضع القائم بالنسبة لجميع الأطراف، وهو وضع لا يعد إلا بمزيد من العنف والتطلعات غير المحققة)، مؤكدة أن (الاستمرار على هذا المسار يعني استمرار صراع ثمنه الإنساني مأساوي، والأطفال الإسرائيليون والفلسطينيون على حد سواء يستحقون أن ينشؤوا بلا خوف، وأن تتاح لهم فرصة التمتع بكامل إمكاناتهم التي منحها لهم الله).

وقالت كلينتون إن (هناك طريقا آخر يؤدي إلى الأمن والاستقرار لكل شعوب المنطقة، وسيتطلب من كل الأطراف بما في ذلك إسرائيل أن تتخذ خيارات صعبة لكنها ضرورية لعملية السلام)، وشددت على أن (عدم اتباع هذا الطريق يقوض قدرة أميركا الفريدة على لعب دور أساسي في هذه العملية).

وأكدت الوزيرة الأميركية التزام بلادها بأمن الدولة العبرية، وقالت (بالنسبة للرئيس أوباما وبالنسبة لي ولهذه الإدارة بكاملها فإن التزامنا تجاه أمن إسرائيل ومستقبلها صلب صلابة الصخر).

وأضافت أن (ضمان أمن إسرائيل أكثر من مجرد موقف سياسي بالنسبة لها، بل هو التزام شخصي لن يتذبذب أبدا)، لكنها أكدت أنّ (البناء الجديد في القدس والضفة يهدد المفاوضات غير المباشرة مع الفلسطينيين وإجراءات بناء الثقة).

وخاطبت كلينتون حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالقول إن (رسالتنا لحماس واضحة: انبذوا العنف واعترفوا بإسرائيل والتزموا بالاتفاقات الموقعة سابقا، وسأكرر اليوم ما قلته مرات كثيرة من قبل.. يجب الإفراج عن جلعاد شاليط فورا وجمع شمله بأهله).

وأضافت أن (الطريق إلى الأمام واضحة: دولتان لشعبين يعيشان جنبا إلى جنب في سلام وأمان، مع عقد اتفاق سلام بين إسرائيل وسورية وبين إسرائيل ولبنان وإقامة علاقات طبيعية بين إسرائيل وجميع الدول العربية).

وتابعت أن (التوصل إلى سلام شامل حقيقي وليس مجرد شعار أساسه الاعتراف الصادق بحق إسرائيل في الوجود في سلام وأمن يوفر أفضل سبيل لضمان بقاء إسرائيل ورفاهيتها، وهذا هدف عقدت إدارة أوباما العزم على تحقيقه).

بعد أيام سيجتمع قادة العرب في طرابلس الغرب، وأمامهم ولا شك لائحة بالطلبات الأمريكية، كما جرت عليه العادة، فهل نرى لقادتنا موقفاً كموقف نتنياهو، يتحدون فيه وصاية أمريكا ووقاحة هذا النتنياهو، ويعلنون بكل جرأة وإباء: أن كفى يا أمريكا لن نكون بعد اليوم بقرتك الحلوب، فلحليبنا ثمن، والثمن: الإنصاف والعدالة وإعادة الحقوق والاحترام ومعاملة الند بالند، ولجم كلب حراستك النتن الذي بسيفك يبقر البطون ويقطّع الأوصال، وبسوطك يجلد الظهور، وبمالك يغير معالم الحياة،  وبسلاحك يدمر الأرض ويجرف التراب ويقطع الأشجار ويجفف الماء ويلوث الهواء وييتم الأطفال ويرمل النساء ويذل الإنسان، وبالفيتو الأمريكي يعطل شرعة القوانين الدولية وما يصدر عن منظمة الأمم المتحدة من قرارات؟!.