أسكِتوهم عنا .. لنسكت عنهم
ومضات محرّضة :
أسكِتوهم عنا .. لنسكت عنهم !
عبدالله القحطاني
لم تعد مشكلتنا محصورة مع أعدائنا..
بل صارت مع المدافعين عنهم ، من أصدقائنا ، المحامين عنهم تقرباً واحتساباً ، لا نذالة وارتزاقاً ، فهذا الصنف الأخير، ليس ممّا يؤبَه له في الصراعات ، إنّما هو أداة ،أو وسيلة ، يستأجرها كل قادرعلى الدفع ..!
وليت أعداءنا كانوا الصهاينة وحلفاءهم فقط ، إذن لهان الأمر! بل صارأناس من المحسوبين على أمتنا ـ دينياً أو وطنياً أو قومياً ـ أشدّ عداوة لنا ، من الصهاينة ، وحلفائهم من ساسة أمريكا المتصهينين ، وغيرهم من ساسة الدول الأخرى ، المعروفة تاريخياً بعدائها لأمتنا ..!
في سورية حزمة من الأعداء ، تستعيذ منهم حتى شياطين الإنس والجنّ ..!
· الأسرة الحاكمة ، صاحبة القرار العسكري والأمني ، والقرارات الأخرى بالتبعية ، أشدّ عداوة لشعبها ، من سائر الأعداء ، الذين عرفتهم الأمم عبر تاريخها كله ..! فقد فعلت هذه الأسرة المنحرفة الفاسدة ، بالبلاد والعباد ، بسورية وشعبها ، ماعجزت عنه جيوش المغول والتتار والصليبيين ، عبر التاريخ ، من قتل ونهب وسرقة ، وسجن وتعذيب ، وخنق للحريات ، وزرع للرعب في نفوس الناس .. ممّا لم يعد خافياً على عاقل ذي بصر وبصيرة ، في سورية وخارجها ..!
· المبشّرون الجدد من فرس إيران ـ وليس شعب إيران كله فارسياً.. وليس الفرس كلهم مبشّرين ـ يعيثون فساداً في بلادنا ، بعقائد أبنائنا ، وأخلاقهم وعقولهم ، في طول البلاد وعرضها .. محتمين ب( الأشاوس !) من رجال أمن الأسرة الحاكمة ، فلا يجرؤ أحد على مواجهتهم ، أو قول (لا) ، لمن يلهث بين الناس ، مبشراً بعقيدته، وزارعاً الفتن والضلالات ، في عقول أبناء الشعب السوري الأبيّ ، الصابر، لاعجزاً، بل خوفاً من فتن تعمّ البلاد ، فتأكل الأخضر واليابس ! والمجرمون يلاحقونه بفتَـنهم كل ساعة ، من ليل أونهار..!
وهم لايخفون عداوتهم لهذه الأمّة ، بكل ماهي عليه ، من عقيدة وأخلاق وقيم .. وما وعته من تاريخها الناصع المشرّف ، بدءاً بتاريخ الخلفاء الراشدين ، ومَن معهم من الصحابة الكرام ، أئمّة الهدى ، الذين نقلوا إلينا ديننا .. وانتهاء بكل رمز من رموز الأمّة ، الذين يشكّلون نجوم هداية لها ، في ظلمات الجهل واليأس والإحباط ..!
· الغريب الشاذّ ، هو أن أعداء سورية من حكّامها ، يزعمون أنهم الأشدّ حرصاً عليها، والأصلب موقفاً ، في مواجهة عدوّها الخارجي ! وأن من يسعى إلى إزاحتهم عن كراسي الحكم ، إنّما هو عميل للأجنبي ، مخرب ، مفسد ، ضالّ ، مضلّ ..!
كما أن أعداء الشعب السوري ، من المبشّرين الجدد ، يزعمون أنهم من خيرة أبناء الأمّة ، وأنهم حريصون على تصحيح المعتقدات الفاسدة ، التي يعتنقها أبناؤها !
· أمّا الأغرب ، والأكثر شذوذاً ، فهو أن بعضاً من المحسوبين على أمّتنا ، وطنية ، أو قومية ، أو ديانة .. يتصدّون للدفاع عن الحكاّم المجرمين ، بحلوق مشحونة بالعطف والحنان ، والصدق والإخلاص والإعجاب ، والمؤازرة والمناصرة ، والحرص على راية الممانعة والمجابهة والتصدّي ، مرفوعة خفّاقة ، ترفرف في الأعالي ، لأنها رمز العزّة والمنَعة للأمّة ، ولأن رافعيها هم الصناديد ، الذين يتصدّون لمشاريع الغزو الأجنبي ، ويحبطونها..!
فإذا صرخ أبناء سورية ، من القهر، وألم السياط ، وما يصبّه عليهم حكّامهم من بلاء ، كل يوم ، بل كل ساعة ، صرخ في وجوههم المحامون المخلصون ، المدافعون عن حماة الديار، رافعي الراية الخفّاقة ، قائلين لهم : اسكتوا.. اسكتوا .. ولا تشاغبوا على حكامكم الأبطال المغاوير، حماة الأمّة ، ورموزعزّتها ! وإذا قال لهم الشعب المسحوق : أسكِتوا سياطهم عنّي ، وأسكتوا وحوشهم عن أبنائي .. قالوا له بغير اكتراث : وهل هذا وقت ما تطلبه من حكّامك ، المشغولين بمقارعة الأعداء وإفساد مخططاتهم ،أيّها الجاهل الأحمق!؟
· والأغرب ، والأكثر شذوذاً ، أيضاً ، أن الموقف ذاته ، يقفه فصحاء حكماء ، من المحسوبين على الأمّة ، وعلى الوطنَين ، الوطن العربي الكبير، والوطن السوري الصغير.. يقفه هؤلاء وهؤلاء ، في وجوه من يصرخون من قهر العبث التبشيري الجديد ، رافعين في وجوه هؤلاء المتألمين الصارخين ، راية الوحدة الإسلامية ، والأخوّة الإسلامية ، ووحدة أهل القبلة !
فإذا قال لهم أبناء سورية المسحوقون : أسكِتوا هؤلاء المبشّرين العابثين ، عنّا ، لنسكت عنهم ، ونهَبكم إيّاهم ، لتقيموا معهم وحدتكم الإسلامية ، كما تحبّون ! قال لهم حملة راية الوحدة والقبلة والملّة : وماذا تعني هذه المسائل الصغيرة ، في مواجهة الأمور العظيمة ، وعلى رأسها وحدة الأمّة ، ووحدة أهل الملّة ، وأهل القبلة، وأهل.. (وبالطبع لا أحد يكمل السلسلة ويقول : وأهل الضلال والفتنة ..! لأن هذا كلام خارج عن السياق !) .
ياسبحان الله ! كأن هذه الأمّة ، وكل مافيها من قيَم ، وكأن المصطلحات الإنسانية الراقية الرائعة ، مثل:الحكمة ، والفهم ، والوعي ، والإخلاص ،كلها دمِجت في مدلول بيت الشاعر: لقد هـُزِلتْ حتى بَدا مِن هـُزالها كُلاها.. وحتى سامَها كلّ مفلسِ
فلا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم !