إلى الذين لا يقرؤون
مسعود بن هانئ الشيباني
يذكرونني كثيراً هؤلاء الذي نبهتهم في النداء السابق بعقد الستينات من القرن العشرين.. يذكرونني، والذكرى لا تنفع فيما نحن فيه، بلؤي الأتاسي وصلاح البيطار وزياد الحريري وميشيل عفلق وأمين الحافظ. نعم وأخص بالذكر أمين الحافظ، أبو عبدو وأبو عبدالفتاح، وطاح العنب طاح ونادي على الناطور يعيطنا المفتاح.
كيف كان أمين الحافظ، وهو المثل الناطق لكل الصامتين، يرد على نصح الناصحين وتحذير المحذرين، والحقائق الناطقة يضعها أمام عينه المبصرون ؟ كيف أجاب أمين الحافظ على حمدلة شيخ الميدان (حسن حبنكة) عندما حمد الله الذي لا يحمد على مكروه سواء على ذل الأمة به، وعز كل صاحب ملة بعزيزه.
يعاد عرض الفيلم اليوم بشاشة سكوب كما كانوا يقولون لنا ونحن صغار. الدبيب الناعم لعملاء الطالباني والبرزاني لا يضرب فقط على أرض الأتراك، وذلك أمر لا يعنينا كثيراً، وإنما يضرب وبإلحاح في صميم الأرض العربية، تصريحاً لا تلميحاً بالمطالبة ببيع الولاء. تعيش على أرض، وتزعم أنها وطنك، وتأكل من خيراتها، وتدفن أجساد موتاك في بطنها، وتمنح قوتك ونصرتك وطاعتك لمن يتربص بها.
عملاء الطالباني والبرزاني انتقلوا منذ أسابيع من السر إلى الجهر، ومن المواربة إلى المباشرة ومن الغمغمة إلى الإفصاح وهم على أقلام شياطينهم، نذكر الذين لا يقرؤون ولا يبصرون ولا يسمعون، وبعد أن عجزنا عن الالتفاء على رأس جامع يدعون إلى إعطاء البيعة للطالباني والبرزاني ويتنمر البرزاني والطالباني ولولا دعم خفي ما تنمرا ولا زأرا ليكون أمره له ما بعده ولإسرائيل وللإيباك ومن وراء إسرائيل والإيباك فيه مصلحة تستمد من مصلحة (قرصوة) يوم وقف يعرض جنيهاته الذهبية على السلطان عبدالحميد.
الفحيح على الأرض السورية استوى واستغلظ وتحول من فحيح إلى صريح حيث بدأنا نقرأ كلاماً عربياً مبيناً وإن كان الكتبة غير عرب ولا أعراب، بدأنا نقرأ كلاماً صريحاً ببيع الولاء، وتسليم الزمام إلى صاحب الأمر والمرجعية العليا للقابعين هناك وراء حدود العراق يدبرون اليوم معركتهم مع الأتراك، بعد أن أجهزوا على جسد العراق المدنف الجريح.
تعيش على أرض، وتزعم أنها وطنك، وتأكل من خيراتها، وتدفن أجساد موتاك في بطنها، وتمنح قوتك ونصرتك وطاعتك لمن يتربص بها..
إلى الذين لا يقرؤون، لا يبصرون، ولا يسمعون أعيد التذكير بحقيقة ما كتب بعض عملاء الطالباني والبرزاني إعلاناً لا إسراراً، ومباشرة لا مواربة، يطالبون من يظنونهم أتباعاً لهم أن يسلموا قيادهم للشيطانين الكبيرين، بعد أن عجزوا فيما يقول هؤلاء عن الاتفاق على رأس جامع يلملم مطالبهم عن مقاهي الأرصفة في دول الغرب التي احترفوا الارتزاق فيها تحت عناوين اللجوء السياسي بحجج واهية للاضطهاد العرقي، حتى أصبح (ركاب كل طاولة) ولعيبة كل (سكمبيل) حزباً سياسياً له جماهبر وأتباع.
فهؤلاء المتشظون مجموعات وأحزاباً بعد أن عجزوا عن لملمة شظاياهم بانفراط عنقودهم بعيداً عن الوطن الجامع والجماعة الأم المنتمية إلى الوفاء والإخاء. باتوا يبحثون عن مرجعية، بل كشفوا ارتباطهم بمرجعيتهم المركزية في أربيل ودهوك والسليمانية. ارتباطهم بالطالباني والبرزاني وحزب العمال الكردستاني وعبدالله أوجلان بكل شلالات الدم البريء التي سالت على يديه الآثمتين.
الدعوة إلى مرجعية خلف الحدود الوطنية تفسر لهم الأضغاث من الأحلام التي طالما نفثها في رؤوسهم حامات الإيباك كما نفثوها في رؤوس حلفائهم من قبل.
شياطين الطالباني والبرزاني وحزب العمال الكردستاني يطرحون اليوم مرجعية يجمع عليها الأكراد في سورية الطيبين لتحويلهم إلى دمى تحركهم الخيوط السقيمة. الدعوة أعلنت صريحة إلى مبايعة رأسي الشر على أرض العراق وأعلنها أشخاص يحسبون أنفسهم على شعب سورية وأرض سورية وتاريخ سورية.
دعوة سقيمة لمبايعة القوادين الذين قادا الأجنبي لاحتلال وطن شحم كروشهم المنتفخة من خيراته.
مبايعة رأسي الشر في العراق، والائتمار بأمرهم والتحرك بإشارتهم، للالتحاق بهم سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وجغرافياً هل تعني شيئاً لبشار الأسد أو للقيادة القطرية لحزب البعث العربي أو للقيادة المؤقتة لهذا الحزب أو لرجال إعلان دمشق أو جبهة الخلاص الوطني. إما أن القوم لا يقرؤون لا يبصرون لا يسمعون.