بين الخامسة والعاشرة
م. محمود سمير الرنتيسي
كاتب من غزة
مجموعة التلاميذ الأسبان حديثو الأسنان الذين كتبوا بأقلامهم وخطوا بآلامهم مئات الرسائل النصية إلى السفارة الصهيونية في مدريد منددين بالهجمات الوحشية والأعمال البربرية للاحتلال ضد أطفال فلسطين كانت وسيلة جديدة وشكلا إضافيا من أشكال الوقوف و التضامن والتأييد مع أطفال هذا الشعب وصموده الشديد .
كانت هذه الرسائل وتوقيتها مع مناقشة تقرير جولدستون وبعد حادث دبي بالاغتيال الآثم قد أزعجت الكيان المغتصِب الظالم وأقلقت تفكيره الهائم ,فعلت من المفسدين الأصوات وتفعلت من القتلة الاتصالات بالأوربيين والسفارات من أجل ايقاف هذه الرسائل وما يساويها من الوسائل ,بل تم تجاوز هذا بطلب العمل بكل طاقة لإحاطة هذه الانطلاقة من مثل هذه الأفعال خشية على عقول الأطفال أن تسيطر عليها أفكار الإرهاب والضلال, فتتشوه الصورة في العقول وتبدأ المعاني المسمومة بالأفول .
"كم عدد الأطفال الفلسطينيين الذين قتلتموهم اليوم؟" : "أوقفوا القتل من أجل المال" أسئلة وعبارات لم يجد الصهاينة جوابا لها إلا بالتحرك العاجل لتطويقها ومنع انتشارها والعمل على قلب الحقيقة وتلفيقها فالعمل على كل الجبهات ففي حين يجري مندوب وزير الخارجية للكيان اتصالا بالسفير الأسباني بتل أبيب تجري اتصالات بأوروبا ووزارة التعليم الأسبانية التي تنفي علاقتها بالأمر وتعد بعدم تكراره كما قال سفير أسبانيا في الكيان .
هذه الحادثة التي قد لا يلقي لها البعض بالا ينظر لها الصهاينة وكأن في المعيار اختلالا فأجيال أوروبا ستعرف بشاعة الجريمة , وهذه لوحدها مؤشر تراجع وهزيمة ولعلنا نقف مع هذه الحادثة عدة وقفات :
أولا : الدور المطلوب لفضح المجرمين
فبيان حقيقة جرائمهم وبشاعة مجازرهم وانحطاط أخلاقهم في كل ميدان على صعيد أمريكا وأوروبا وكل مكان يستطاع الوصول إليه أصبح أمرا واجبا علينا , والعالم اليوم مع وسائل التواصل الحديثة أصبح قرية صغيرة , لعل هذا الدور وأثره المتوقع إن لم يعاقب الصهاينة على أفعالهم وجرائمهم فهو رادعهم عن القيام وارتكاب جرائم جديدة, وهذا الدور مطلوب أن تفعل له هيئات ولجان محلية وإقليمية وعالمية تعمل بأفضل حالات التخطيط و التنسيق لأن عدونا يقف لكل محاولاتنا ويمتلك أكثر من امكانياتنا .
ثانيا : بساطة الرسائل تؤكد وفرة الوسائل
ما قام به أطفال أسبانيا خطوة يجب تفعيلها في كل أوروبا وبطرق أخرى تتنوع بأفكارها وأهدافها ولوجهات أخرى ,والتقنيات في الخارج هي أوفر وأيسر والوسائل أسرع وعلى مستويات أكبر فأكبر لنصل إلى أماكن أخرى فمن المدارس إلى الجامعات والنقابات والمؤسسات وهذا ليس مستحيلا.
ثالثا: سرعة التعامل الصهيوني مع الحادثة
إن سرعة التعامل من العدو مع هذه الحادثة دبلوماسيا وميدانيا ليؤكد حجم خطرها عليه وليؤكد مدى يقظة عدونا فنحن بحاجة إلى مضاعفة الجهود وتفكيك حالة الجمود وزيادة التركيز على هذا الجانب الذي غفلنا عنه لسنوات والذي بالتوازي مع مشروع المقاومة العظيم سيحدث إرباكا كبيرا في صفوف العدو, كذلك فإن في الأمر إشارة إلى أن عدونا لا يريد تغيير قناعة وثقافة بثها في العقلية الغربية مما يحتاج إلى وعينا بهذا وضرورة سرعة العمل قدر الإمكان.
رابعا :أعمارهم بين الخامسة والعاشرة
تراوحت أعمار الأطفال بين الخامسة والعاشرة وهذا أمر يرفع معنويات الكثيرين الذين أحبطتهم مواقف الزعماء والرؤساء ويحفز الكثير من البالغين والأشداء للتفاني والعطاء ويفتح دروبا لزيادة المدافعين عن حقوق وثوابت شعبنا العظيم فالسن والعمر لا يشكل عائقا ولا مانعا فأين العمالقة والكبار؟.