أهؤلاء يحاربون الصهاينة
ومضات محرّضة
عبد الله القحطاني
هل يحارب حكاّم دمشق الحاليون ، الصهاينة ؟
هذا سؤال محوري ، في الوضع السوري كله اليوم ، وفي وضع المنطقة العربية كلها ، بكل مَن فيها ومافيها ..
والإجابة عليه ب (نعم) أو (لا) تـفتح أبواباً لأسئلة أخرى !
فإذا قيل : (لا) .. كان السؤال التالي هو: لمَ لا !؟
وإذا قيل : (نعم) .. كان السؤال التالي هو : لمَ ؟
وسنقف عند السؤال الأخير(لمَ) لأن الإجابة عليه تختصر الأسئلة الأخرى ، وما يتفرّع عنها، وما تقتضيه من إجابات ..!
فنقول ، بكل ببساطة ووضوح :
لمَ تحارب الأسرة الحاكمة ، في دمشق ، اليوم ، الصهاينة ، حكّام إسرائيل !؟
هذا السؤال عن الدوافع ، هو المحور في المسألة كلها ! ودوافع الحروب معروفة ، لدى عقلاء الدنيا ، الذين لديهم فهم للحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية .. والإنسانية بشكل عامّ ..!
فما الدوافع المرشّحة ، لدفع حكام دمشق ، لمحاربة الصهاينة .. لادفاعاً عن فلسطين بهدف تحريرها .. بل دفاعاً عن الجولان ، بهدف استرداده ، بعد أن قدّمه عميد الأسرة الأسدية ، ذات يوم ، للصهاينة ، في صفقة ، ماتزال أسرارها تتكشّف بالتدريج ، منذ أربعين عاماً !
لدى استعراض الدوافع ، التي تدفع حكّام دولة ما ، إلى الحرب ، نجد أهمّ الدوافع مايلي :
· العقيدة الدينية .. أياً كان المعتقَد الذي يؤمن به الحكّام .
· الروح الوطنية .. بكل ماتجسّده من حرص ، على مصالح الوطن السياسية والاقتصادية والأمنية ، وغيرها ..
· مروءات الرجال .. حين يكون للدولة منطقة مسلوبة منها ، فيشعر أصحاب المروءات فيها ، بمسؤوليتهم عنها ، وبواجب استردادها من سالبيها..
فأيّ من هذه الدوافع موجود ، عند حكّام دمشق ، ليدفعهم إلى خوض حرب ضدّ الصهاينة !؟
إن تاريخ هذه الزمرة الحاكمة ، طوال وجودها في السلطة ، منذ حكَم سورية ، الأب المؤسّس .. يدلّ ، بسائر تفصيلاته ، التي عرفها شعب سورية ، عن هذه الزمرة ، أنها لاتملك أياً من هذه الدوافع ..!
(أمّا حرب التحريك العبثية ، التي شنّها الهالك حافظ أسد ، في شهر تشرين الثاني من عام /1973/ لاسترداد الجولان ، التي أسلمها للصهاينة ، في الصفقة المعروفة ، في الخامس من حزيران ، عام /1967/.. أمّا حرب تشرين العبثية هذه ، التي خسر فيها الوطن من قرى الجولان ، ضعف القرى التي خسرها في حرب حزيران ، بسبب الجبن والتخاذل اللذَين تأصّلا في نفس الرئيس ، بطل الحرب التشرينية ، وبطل الحرب الحزيرانية قبلها ، حين كان وزيرا للدفاع .. وذلك برغم كل ما أبداه رجال الجيش السوري الأبيّ ، من بسالة واستماتة ، في الدفاع عن حياض الوطن ... أمّا حرب تشرين العبثية هذه ، فقد صارت معروفة الأهداف والمجريات والنتائج ! ممّا يعزّز الاقتناع بحقيقة هذه الزمرة الفاسدة المتخاذلة ، التي تحكم بلادنا من عشرات السنين ! وبالطبع ، لا نتوقّع أن يحتجّ علينا عاقل ، بمؤازرة الزمرة الحاكمة ، لحزب الله ، في مواجهة إسرائيل ، في جنوب لبنان ! لأن الجولان لا يحرّره حزب الله ، ولا تحرّره الزمرة الحاكمة في دمشق ، من جنوب لبنان ..! فما هذه اللعبة وغيرها ، سوى أوراق ، تلعب بها مافيا المخابرات السورية ، كما يلعب المقامر ببعض أوراقه، ثم يتخلّى عنها حين يفقد حاجته إليها ، وكما يلعب الصبيّ ببعض أشيائه ، فترة من الزمن ، ثم يلقي بها أرضاً ، ويبحث عن غيرها ، أكثر منها متعة أو فائدة !) .
ويبقى الدافع السلبي ، وهو الخوف : الخوف على النفس ، والخوف على الكرسي ، والخوف على المال ..( وبالطبع لايدخل هنا ، عند هذه الأسرة ، الخوف على الوطن والشعب ، لأن تاريخ سورية الحديث ، حتى في عهد الاستعمار الأجنبي ، لم يشهد خوفاً زرِع في نفوس الشعب السوري ، كالخوف الذي زرعته هذه الأسرة فيه ..! فلا يتوقّع أحد منها ، أن تخاف على الشعب والوطن ، ولا أن تحارب لتدفع عنهما خوفاً ، قد يصيبهما من قِبل الآخرين ..!)
والدافع السلبي هذا ، دافع الخوف على النفس ، وكرسي الحكم ، والمال ، له شأن آخر، لدى هذه الأسرة :
· إن الأسرة الأسدية الحاكمة في سورية ، لاتخاف من أحد ينافسها على الحكم ، ويحاسبها على المال ، الذي نهبته من ثروات البلاد ، وعلى المآسي التي سبّبتها للناس.. إلاّ من الشعب السوري ! وهذا لديها استعداد نفسي وعسكري وأمني ، لمحاربته ، عشرات السنين ! لأنها تملك مفاتيح القوّة كلها في البلاد ، كما تملك سلطات مطلقة ، وصلاحيات لاحدود لها ، في التعامل مع شعب سورية ، الأسير تحت حرابها ! كما أن شهوتها المتأصلة فيها ، لسفك الدماء ، حافز قويّ جداً ، يحفزها إلى الولوغ في دماء الناس ، بسبب وبلا سبب ! ودماء الشعب السوري ، والشعب اللبناني ، والشعب الفلسطيني ، التي أراقتها سيولاً ، شاهد حيّ على ذلك ! ولا يشكم عرامها عن العبث بالدماء ، سوى قوّة شعبية حقيقية ، تسعى (أيْ :الزمرة) لاهثة ، إلى حرمان الشعب السوري من امتلاكها ..!
· إن الصهاينة ، لاينافسون حكّام سورية ، على حكم بلادهم ، ولا ينازعونهم على كراسي الحكم والثروات .. بل هم الداعم الأول لهم ، في الاستمرار بالحكم ، وفي نهب ثروات البلاد ، وفي سحق سورية كلها ، جيشاً وشعباً ووطناً ..! لأن هذا من ضرورات الأمن الإسرائيلي ، كما يصرّح قادة الصهاينة أنفسهم ، علناً ، وبلا مواربة أو مداراة ! لان إسقاط هذه الزمرة الفاسدة ،عن حكم سورية ،غير مضمون العواقب ! فمن أين يأتي الصهاينة ، بحكّام جيران لهم ، في دمشق ، يفعلون بسورية وجيشها وشعبها ، مايفعله هؤلاء الحكّام !؟ ومن يضمن للصهاينة ، أن حدود الجولان ، الذي سلّمه لهم حافظ أسد ، ثم حرسه عشرات السنين ، وحرسه ابنه مِن بعده .. مَن يضمن لهم ، أن حدود الجولان ستظلّ آمنة ، ولا يأتي أناس من أبناء البلاد ، يطالبون بعودة الجولان ، إلى وطنه الأمّ ، ويضحّون بالغالي والنفيس ، من أجل ذلك ..!؟
· قد يتضايق الصهاينة ، من حكام دمشق الحاليين ، في بعض المراحل ! لكن هذا الضيق منهم ، لايدفعهم إلى إسقاط حكمهم ، بل إلى تأديبهم ، بين فترة وأخرى ، بغارة جوّية على موقع هنا أو هناك .. وبتحليق بعض الطائرات الصهيونية ، فوق القصر الجمهوري ، في بعض ساعات الليل أو النهار.. ونحو ذلك ، من وسائل التأديب والتحذير..!
· فهل تملك الأسرة الأسدية الحاكمة ، الدافعَ لمحاربة إسرائيل !؟ ( ولا نتحدّث عن القدرة العسكرية.. فهذه لها حساباتها الخاصّة ! ولايفوتنا أن نذكّر بأن الأسرة الحاكمة، دمّرت قدرة الجيش السوري ، عن أن يقف في وجه جيش صغير، مدرّب ، مصمّم على القتال .. بلهَ مجابهة جيش قويّ كالجيش الصهيوني !) .
· نرجو ، بل نتمنّى .. أن يقدّم لنا واحد من المخدوعين بحكاية الممانعة والمجابهة والتصدّي ، التي يلوكها سدَنة النظام الحاكم في سورية .. أن يقدم لنا دافعاً واحداً حقيقياً ، يمكن أن يدفع أسرة الأسد ، إلى محاربة دولة الصهاينة ، وأن يقيم الحجّة علينا في هذا !
وإنا لمنتظرون ..