نصيحة للأخ أبو مازن
نصيحة للأخ أبو مازن
بسام أبو شريف
تواضع ولاتمشي في الأرض مرحاً فهذا لا يُرضي الله ولا عباده .
· للمناضلين حقوق لا يمكن أنْ تتجاهلها وإلا فان الله قادر على كل شيء .
· حرسك مهم لكن الأهم أنْ تكون وفياً للراحلين وللمناضلين الأحياء.
· حقوق المناضلين الجرحى لا نقاش فيها، وإن تُخالف العرف والقرارات والتقاليد .
حتى نُبدي النصيحة للأخ أبو مازن لا بد من أن نشرح لماذا نُبدي النصيحة فالأمر بالغ الأهمية ويتعلق بالشعب والمناضلين الذين حملوا لواء التحرير عقوداً وخاضوا كل المعارك وجُرح البعض منهم فيها، وأُعطب آخرون .
إنّ أوْلى الناس بالرعاية هم هؤلاء الذين ضحّوا في الحرب من أجل وطنهم وقبلوا أنْ تبقى بعض القيادات بعيدة عن المعارك في أماكن آمنة كدمشق مثلاً.
ولوصف الحالة السائدة نقول أنّ تناقضاً كبيراً يقع بين معاملة الرئيس ياسر عرفات – رحمه الله – لأبناء شعبه والمناضلين وبين الطريقة التي يُعاملهم فيها أبو مازن.
فقد كان ياسر عرفات متواضعاً يلتقي بأبناء شعبه والجرحى والمناضلين وأولاد الشهداء ويستقبل الوفود الشعبية الزاحفة من المخيمات والقرى والأحياء لتشكو أو لتطلب مساعدة السلطة لحل مشاكلها المزمنة .
وكان ياسر عرفات حريصاً على أنْ ينال كل مناضل الرعاية الطبية الكاملة مهما كلّف الأمر، لما في هذا من دروس للآخرين وتوضيح رؤيتهم إلى أنّهم سيُعالجون إذا جُرحوا، فيقدمون على القتال بقلوب أقوى وهمّة أكبر،بينما ترى الأخ أبو مازن يتعجرف على المواطنيين ووفودهم الشعبية وطلباتهم الضرورية .
وأخطر من هذا أنّ الأخ أبو مازن (وربّما لا يملك المعرفة أو الخبرة بالقتال) يتعامل مع المناضلين والمصابيين منهم وكأنهم عالة على السلطة ويتجاهل حقوقهم الطبية وغيرها . ويتصرف كأن أمور المناضلين لا تحكمها قواعد وتقاليد وقرارات تبناها الرئيس ياسر عرفات والهيئات المسؤولة .
والمصيبة أن الأخ أبو مازن يتصرف تصرفات بعيدة عن التقاليد والقرارات المتصلة بالمناضلين، دون أن يجرؤ أحد على قول كلمة حق .
فهو يتصرف كما يريد لا تحكمه قوانين ولا ثوابت ولا تقاليد.
وبالطبع لا يتجرأ أحد على رفع صوت الحق أمامه..
أعضاء اللجنة التنفيذية يتصرفون كمواطنين صغار يحضرون متى يشاء أبو مازن، يُصدرون بيانات يريدها أبو مازن، يفعلون ما يريده أبو مازن، دون أنْ يناقشوا ودون ان يتجرأوا على طرح أيّ كلمة حق.
ويتصرف أبومازن كأن المقاطعة هي الدولة- فكل شيء للمقاطعة:
الأمن له ملايين الدولارات..
الشباب صغار العمر الذين جُنّدوا حديثاً (والذين إذا سألتهم عن أبو جهاد وأبو إياد وأبوعمار ينظرون إليك سلاهة – لانهم لا يعرفون من هؤلاء الأبطال).
لا يعرفون هؤلاء الفتية سوى أبو مازن الذين يقدم لهم المال واللباس والأسلحة والسيارات الغالية.
أبو مازن يتصرف أن السلطة هي سلطة وأن الباقين موظفون لا يحق لهم أن يُقدّموا رأياً.
والغريب والفاضح أنّ جميع هؤلاء القيادات يصمتون وكأنه يحكمهم بالمعاشات التي يدفعها لهم، أو لأعضاء تنظيمات (ليس لأغلبيتهم وجود)
وكما يقول المثل يتصرف أبو مازن معهم وكأنه "كاسر عينهم".
لكن نحن نقول الحقيقة لأن أبو مازن "لم يكسر عيننا" بل ربما العكس اذا نظرنا لتاريخ العلاقات وقيادة العملاق ياسر عرفات.
ففي الفترة التي عين الرئيس عرفات أبو مازن رئيساً للوزراء شاهدنا وسمعنا الأخ أبو مازن يُصارع من أجل تحقيق مركزية القيادة لدى ياسر عرفات ويُطالب بإعطاء حقوق لرئيس الوزراء تقارب صلاحية الرئيس.
حرب شعواء سرعان ما تحولت إلى حرب مختلفة عندما توفي العملاق وأصبح ابومازن (بفعل حزن الناس على القائد) رئيساً للبلاد.
فإذا بأبو مازن يتحكم بشكل مطلق يُحرّم من يشاء ويُكرم من يشاء لا يعير القرارات واللوائح والحقوق أيّ اهتمام، ويتصرف كأنه ربّكم الأوحد.
يتحدثون في الأدبيات السياسة عن فراعنة كصدام حسين، وحافظ الأسد والملوك.
ما أهونهم أمام تصرفات أبومازن، منهم قادة شبعوا سلطة وجاها .
ولدينا أُناس فقيرون وصغار ما زالت عينهم فارغة ويتصرفون كان مقادير الشعب ومقدراته هي ملكهم الشخصي .
حتى التأمين الصحي الذي كان يسد حاجات بعض المناضلين، أمر أبو مازن بوقف كافة العقود مع مستشفيات الأردن فأصبح الناس بلا علاج. لماذا؟؟
إنّ التأمين الصحي يا أخي أبو مازن لا يكلف أكثر من ثمن عجلات سيارات المقاطعة، فلماذا تُحرم المناضلين حتى العلاج .
ونحن قادرون على سوق مئات الأمثلة وعلى استعداد لأداء شهادة تحت القسم في محكمة نزيهة لمواجهة هذه المأساة التي يصمت الجميع حيالها. ويقف الشعب مشدوهاً من الجوع والعطش وهو يراقب موكب أبو مازن في شوارع رام الله التي يفرض عليها منع التجول عندما يمر فيها .
صدام لم يفعل ذلك ولا حافظ الاسد ولا عبد الناصر ولا الملك عبدالله او غيره من الملوك .
لا نهتم بكل الشكليات التي يحبها أبو مازن فليحب ما يحب. لكن ما يهمنا هو الناس والمناضلين وحقوقهم الأساسية .
مناضل جريح – فقد نظره في إحدى المعارك من أجل الوطن.
لا شك بأبسط الكلامات ان له حقوقاً. العلاج والسيارة والسائق والمنزل.
لننظر إلى قانون إسرائيل في هذا المجال:-
كل إسرائيلي يُصاب (حتى لو جُرح في إصبعه) في معركة ضد (العدو)، له الحق بالعلاج مدى الحياة، منزل يسكن فيه طيلة حياته، سيارة تُستبدل كل ثلاثه أعوام، وراتب شهري .
أين هي حقوق المصابين ولا نقصد من جرح باصبعه بل من فقد ساقه أو نظره أو سمعه أو ذراعيه.
لا شك أن مناضلاً كهذا أحق من يافع ينتمي بقوة "حرس الرئيس" لايعرف إلا أبو مازن، بامتيازاته التي هي حقوقه.
في عمان أُصيب مناضل بطل كان قائداً بقوة الصواريخ بجلطة دماغيه ورفض المستشفى علاجه – وقالوا بالحرف "يجب أنْ يوقع أبو مازن على أمر دخوله المستشفى"، فروجع أبومازن فكان جوابه "له أخ غني – ليدفع هو".
هذه هي النقطة العامة – فالموضوع ليس فراضيا ولا تحكمه أحكام أبو مازن، فهو مناضل قضى عمره في القتال الحاد وليس في الصالونات. له أخ غني ...
بارك الله له ... لكن المناضل له حقوق.
فكم من مناضل بطل انسلخ عن عائلته الغنية متحملاً الفقر والتضحية ومواجهة الموت.
هو مناضل بقراره وخياره وعائلته أنعم الله بها عليه. اختار هو طريق النضال ورفض طريق (البزنيس Business ) .
هذا عيب يا أبو مازن.
ونحن نُسدي لك النصيحة فقد بلغ السيل الزبى ولن يقبل شعبنا أو مناضلوه معاملة منك بهذا السوء.
فالله فوق الجميع ولايأخذ بيد من لا يأخذ بيده. وأنت يا أبو مازن تخالف الأعراف والقرارات والتقاليد وتتصرف كأنك تمشي في الارض فرحاً – وهذا لا يرضي الله ولا عباده المؤمنين المناضلين نصيحة لوجه الله تعالى.
* المستشار السياسي للرئيس الراحل ياسر عرفات.