في استحقاق الرئاسة

قبل لبننة المناصب

شهاب الحمد 

الذين يشتمون المحاصصة ويخلطونها بمفهوم ( حكومة الوحدة الوطنية ) يخلطون الأمور حتى لا تكاد تفهم هل هم مع حكومة استحقاق أنتخابي ام مع حكومة توافقية , لأنهم يلعبون على الحبلين ويأخذون من كل شيء ما ينفعهم متى شاءوا , ومستعدون لتبرير كل موقف وان تعارضت المواقف واختلفت بين يوم وآخر !

وفي النتيجة النهائية فآنهم أهل المحاصصة بعناصرها التي تنفعهم , وهم أيضاً أهل حكومة وطنية توافقية بعناصرها التي تنفعهم .

وفيما يحذر الجميع من السقوط في النموذج اللبناني , وتوزيع المناصب السيادية الرئيسية فيه بين ( المكونات ) , فان السعي الى الأخذ باللبنة في هذا الجانب قائم بالفعل , وأن أنكروه.

منصب رئيس الجمهورية مثلاً , يعمل الأكراد – او فلنقل للدقة , الحزبان الكرديان – على الأستئثار به , والتمهيد لجلال الطالباني الذي يدعى مرة الزهد فيه , ويزعم مرة اخرى انه سوف ينزل عند رغبة ( الشعب ) ويستأنف رئاستة لمرة ثانية , ويترافق مع هذا ( التواضع الطموح ) , قرع طبول وصدح أبواق المنتفعين من بقاء هذه الحال الشاذة , الى حد ان تظهر نائبة من النوائب تعمل لدى الأمريكان بالأصالة , ومع  مام جلال بالنيابة لتقرر ( حقيقة ) تريد من العراقيين ان ينزلوا عند حكمها , تقول انها لا تتصور لمنصب الرئاسة غير مام جلال ! .

واذا قررنا حقيقة فيها من الديمقراطية الشيء الكثير , وفيها من الوطنية ألكثير أيضاً , فقلنا , انه ليس هناك مانع من ان يتولى  الرئاسة , العراقي الصالح فهذا يعني انه لا مانع من ان يتولى المنصب اي عراقي بشرط توافر الصفات التي تؤهله حقاً الى قيادة العراق في هذه الظروف العاصفة , ومن تلك الصفات , بل في مقدمتها ان يكون من العاملين لكل العراقيين , وان لا تطغي حزبيته وتعصبه العرقي او الطائفي على اشتراطات الرئاسة الناجحة , وان لا يعتبر ذلك المنصب حقاً موروثاً بالغلبة والصفقات , يؤسس الى لبنة المناصب فهل كان جلال الطلباني رئيساً ناجحاً , وأباً وزعيماً للعراقيين , ام انك كرديته وتحزبه غلبتا عليه , حتى لم يعد بأمكانه ان يخفيهما بمعسول الكلام , وتوزيع الأبتسامات ورواية النكات ؟

وفي مسيرة الرجل الرئاسية الكثير من الدلائل على انه كان يتصرف على اساس تعصبه القومي , ومنهجه الحزبي , وعلى هدى صفقات وتحالفات سياسية , لم يكن فيها الهم الوطني شيء يذكر , وكانت تصريحاته وأرتباطاته تزري بمنصب الرئاسة الذي هو ولاية عامة على العراقيين ونظرة واحدة اليهم جميعاً , وسعي الى مصالحهم , وان يكون المرجع و الحكم في خلافاتهم لأنه رئيسهم جميعهم ولا يجمع مع الرئاسة قيادة مليشيا مثلاً !

تتذكرون تصريحاته في مؤتمر فيلق بدر ( منظمة بدر لاحقاً ) وأصراره على  عدم حل الملشييات , والألتفاق على هذا القرار البرايمري , بالزعم ان ( البيشمركة ) ليسوا من المليشيات بل هم حرس للأقليم وهم رفاق ( البدريين ) في الكفاح , وتتذكرون مواقفه من الفتن الطائفية التي اشعلتها بعض الاحزاب الطائفية المتحالفة معه , ونسب الضحايا التي يقدمها للدلالة على ان المليشيات هم الضحايا , وتتذكرون ايضاً تصريحاته في أكذوبة اختطاف ( شيعة )وقتلهم والعثور على جثثهم طافية في نهر ديالى عام 2004 , وترويجه لتلك القصة الكاذبة الفاجرة , فيما ثبت بعد أيام قليلة ان القصة مكذوبة من الأساس , وان المقتولين هم من عشيرة الدليم وان كان اي عراقي هو مواطن وأخ عزيز معصوم الدم , محفوظ الحرمة , فان التورط في مؤامرات المليشيات الطائفية , وقلب الحقائق مما لا ينسجم مع المسؤولية الوطنية والأخلاقية لدى اي مسؤول صغر او كبر , ناهيك عن انه يعتلي كرسي الرئاسة !

وتتذكرون مواقفه من كركوك ومن الموصل , وسعيه الى حل قضيتها بالأكراه وبالأرهاب المليشياوي , والاستقواء بالمحتلين ورشوة المسؤول الدولي , وتوزيع الرشاوى على نواب ومسؤولين فاسدين , لبيع تلك المدينتين الى الحزبين الكرديين , وأفساد العلاقة الأخوية بين العرب و الأكراد والتركمان في تجارة لأ ناقة لهم فيها ولا جمل , غير مصالح أباطرة المال والدم .

منصب الرئاسة لا يصح ان يكون وقفاً على عنصر ا واو طائفة , هذا أولاً , كما أن ظروف العراق ووضعه تقتضي أختيار رئيس يمثل القومية السائدة في البلد ( العرب يكونون 80-85% من العراقيين ) وليس هذا بسبب غلبة قومية على أخرى , لكن لأن المحيط الطبيعي للعراق هو المحيط العربي , فمن الطبيعي ان يكون رئيس هذا البلد من العرب , وان يكون أيضاً ممن لهم قبول وأحترام وتقدير لدى الدول العربية , ويكون فوق ذلك ممن لم يُعرف عنهم تعصب يخل بالمسؤولية الوطنية , وتكون له حرمة عند رؤوساء الدول العربية تنفع العراق في حل مشاكله الأقليمية , وتُخترم وساطته عندهم , ويتعاملون معه بتوقير وندية , وان يكون صارماً في موضع الصرامة , ليناً دبلوماسياً في مواضع أخرى , ولا يسمح لدول الجوار الأخرى ان تتدخل في الشأن العراقي , ويتعامل معها على أساس المصالح المشتركة بعيداً عن الامتدادات  والتدخلات وأقامة الواجهات المؤذية للعراق والعراقيين , وان تكون له مشاريع ظاهرة لتجاوز  الطائفية وتقوية الرابطة بين أبناء الوطن الواحد , بعد ان أجتمعت على مشروع تفتيت هذا البلد  وشرذمة أهله قوى خارجية وداخلية كبيرة .

والذي يجري هذه الايام هو الحديث عن مرشحين اثنين للرئاسة جلال الطلباني والسيد طارق الهاشمي ‘ فايهما يصلح لها عند تحكيم اي عنصر من عناصر  المقارنة الوطنية والواقعية السياسية والتاريخ والقبول داخليا وخارجيا ‘ احسبوه انتم .