السنوات الماضية في العراق 2003- 2009

دروس وعبر

د. مهند الحطاب

[email protected]

لقد كان أمام العراقيين في انتخابات 2005 عبور محنة الاحتلال والحفاظ على هوية العراق ووحدته وسيادته، الا أن السنوات الأربعة الماضية كانت مخيبة للآمال عكفت فيها الأطراف الثلاثة الرئيسة في البلاد إلى تكريس المصالح الحزبية الضيقة متجاهلة ما يجري من تجاوزات على هوية العراق وحدوده وثرواته ومن استباحة بشعة لحياة أبنائه فضلاً عن الفساد الذي فتك بميزانية الدولة ليتم توظيفه فيتدمير العراق وقتل أبنائه.

وقد كان الأكراد ممثلين بالطالباني والبرزاني والأحزاب الشيعية ممثلة بحزب الدعوة والتيار الصدري والمجلس الأعلى هم اللاعبين الرئيسينفي الساحة والكل ينتهج سياسة التخويف والترهيب وسط جمهوره ليكون سيدا وممثلا للمكون أي بالمعنى العام (طابو) وفي المقابل بقي السنة يتشبثون لإثبات وجودهم وسط التدافع الكردي والشيعي على المفاصل الرئيسة في البلاد، وفي الوقت نفسه نصب الحزب الإسلامينفسه قيما على أهل السنة وهو الآخر مع قلة صلاحياته لم يؤد أداء جيدا ، ولم يكن أمام العراقيين الا التطلع الى عراق جديد بما تحمله من معانٍ وسط هذا الاستعراض المؤلم والدامي للواقع العراقي فيكفي القول أن رئاسة الوزراء كانت ممثلا سيئا للشيعة فتبرؤوا منها ومن فسادها ولم يكن حولها الا جوقة من المنتفعين ومن المتطفلين ومن أبواق الدعاية التي تنكرت لمهامها في خدمة الشعب لتكون أداة لتزويق السلطان وسطوته ورئاسة الجمهورية أعطت لمن يدعي تمثيل الأكراد في العراق وجاهة غيرت من وجه العراق العربي ولم يكن لأداء موفقا فكيف يتعامل رؤساء وملوك العرب مع ممثل العراق الذي أسهم بشكل كبير في تغيير الهوية العربية للعراق في دستوره كيف يتعامل العرب في العراق وفي الجوار العربي مع رئيس يدعو إلى تطبيق المادة 140 الخاصة بكركوك لتشجيع وتأسيس الانفصال عن المركز ... للأسف كانت صورة مأساوية تجلب العار لكل العراقيين ويقيناً إن هذا العار لن يتكرر خاصة مع انحسار الطائفية حيث أن التشكيلة القادمة سيكون العرب فيها بمواجهة الأكراد الانفصاليين وسيكون الأكراد وجه عراقي جميل يتمثل بـ (نوشيروان مصطفى) الذي يحظى بحب كبير من الأكراد الراغبين في العيش والتكامل في إطار الدولة العراقية ووسط هذه الصورة المتفائلة تحضر صورة الرئيس القادم المتمثلة بمحاربة الطائفية وترميم اللحمة الاجتماعية بمصاهرات وطنية بالتزاوج والمؤازرة للجميع دون تمييز فضلا عن القبوا الدولي والإقليمي والعربي الرئيس الجديد ، حيث يتمتع شخص مثل طارق الهاشمي بحضور وقبول دولي وإقليمي وعربي تمثل في إدارته لملفات مهمة .

فمع تركيا نجح الهاشمي في رفع مناسيب المياه في الفرات تمهيدا لتثبيت حصة ثابتة للعراق وفي المحيط العربي سعى الهاشمي جاهدا لفك طوق العزلة التي فرضتها الحكومة المتأثرة بالشحن الطائفي والتدخل الإيراني والرئاسة المتأثرة بالطروحات الانفاصالية .

ودوليا أسهم في خلق الأجواء الإيجابية للعمل والاستثمار في العراق بشكل متوازن تحكمه الكفاءة والجودة والخبرة العالمية في جميع المجالات ، الا أنها تنتظر الوقت المناسب والأجواء الآمنة ، لذلك فبعد التجربة المرة والمتعثرة مع حكومة بوش بدء الهاشمي برحلة من التفاهم مع الادارة الجديدة للتأسيس للانسحاب تلمسؤول نعم الانسحاب القائم على ان تتحمل الادارة الامريكية المسؤولية الاخلاقية لتداعيات الاحتلال ولن تتعامل في اطار ذلك مع حكومة ضعيفة تتقاذفها الأهواء الانفصالية والطائفية والولاء لاجندات توسعية باسم الطائفة .

ولأن الهاشمي طرح مشروعا لعراق المواطنة بعيدا عن المكونات في اطار مشروع العراقية للتغيير أرى أنه يحظى بفرصة كبيرة ليكون رئيسا للجمهورية ولكن هل ستحرم رئاسة علاوي للحكومة العراقيين من طاقات الهاشمي ؟. هذا التساؤل مطروح وأعتقد أن الحرص على إظهار العراق العربي والحرص على توظيف طاقات متميزة لإنجاح مشروع تأهيل العراق فضلا عن البمة التي تركها الرجل في العلاقات والتي جعلت منه رقما صعبا في المعادلة السياسية يتعذر تجاهله.

وبانتظار ما تعززه الانتخابات القادمة سيكون لنا حديث آخر عن توزيع المهام ولكن بين لغة الأرقام وبين الكفاءة ستلد معاناة جديدة ولكنها خطوة متقدمة عن الواقع الحالي وهي تشكل جزءا من الحل.