الآن وليس غدا .. توحيد الأجنحة العسكرية
الآن وليس غدا .. توحيد الأجنحة العسكرية
أ.د. حلمي محمد القاعود
في ظل الانقسام الحاصل في فلسطين المحتلة بين منظمتي فتح وحماس ، والصراع العبثي حول سلطة لا تقدم ولا تؤخر ، وقيام الغزاة النازيين اليهود باستقطاب مجموعة من الخونة لتنفيذ خططهم الإجرامية ضد الشعب الفلسطيني والأمة العربية الإسلامية ؛ فقد صار من الواجب الآن وليس غدا أن تتوحد الأجنحة العسكرية للفصائل التي تقاوم العدو، وتؤلمه ألما شديدا ، مع تواضع قدراتها وإمكاناتها ، مما جعله يهرب ذات يوم من غزة ، ويفكك مغتصباته ، ويسحب سكانها المعتدين وتتطهر أرض القطاع من الاغتصاب الذي يسلب الأرض والروح معا .
في اعتقادي أن الأجنحة العسكرية التي تضحي بالروح والدم ، ما زالت أفضل ما في الواقع الفلسطيني ، بعد أن غرق الساسة الفاسدون المفسدون ، في بحار الظلمات ، واستسلموا للخلافات والفرقة ، والصراع على كرسي الحكم الذي لا يساوى ثمنه ، ولا يقدم ولا يؤخر ، لأنه مرتبط بصورة وأخرى بالعدو ومزاجه وسيطرته وهيمنته ..
الأجنحة العسكرية للمقاومة ، ما زالت هي الأمل الذي ينظر إليه العالم الإسلامي باهتمام ،ويرجو أن يتحقق بالتوحد والقوة والتأثير على مجرى الأحداث ، وتغيير الواقع على أرض فلسطين المحتلة ..
لذا لم يكن غريبا أن ترصد خطة " دايتون " التي وضعها الجنرال الأميركي " كيت دايتون " ، مع الموالين له من قيادة فتح ، فضلا عن قيادات العدو الصهيوني ، مبلغا خرافيا ، لتطوير أجهزة الأمن الفلسطيني التابعة للرئيس المفدى آية الله محمود عباس ميرزا ، وتصل في مجموعها إلى مليار وسبعة وعشرين مليون دولار أميركي ، مع الدعم التقني بتوفير خبراء ومستشارين دوليين بما يحقق أفضل أداء أمني في المنطقة ، وتوفير المناخ الملائم لما يسمى إصلاح القوى الأمنية الفلسطينية " بالتعاون الإيجابي " مع حكومة العدو الصهيوني ، ودعم التدريب لعناصر الأمن الفلسطيني في مصر والأردن ، وتشمل الحرس الرئاسي والأمن الفلسطيني ، وتغطية عملياته ومصاريفه الأساسية وتجهيزاته المطلوبة والوسائل المادية لبناء المؤسسات الأمنية وتوسيع قدرتها على الاستيعاب ، مع تطوير مراكز التدريب في الضفة والقطاع ! ( قبل استيلاء حماس على غزة ).
لم تخافت خطة دايتون الإجرامية بالإعلان عن أهم أهدافها ، وفي مقدمتها ؛ حل القوة المسلحة داخل حركة فتح أو تفكيك كتائب شهداء الأقصى ، مقابل تقوية موقع الرئاسة الفلسطيني ومتطلباته الأمنية ، ثم محاصرة حماس ، واكتساح " كتائب القسام " ،وبالطبع فإن القضاء على بقية الفصائل – أقصد أجنحتها العسكرية – يصير أمرا ميسورا !
سحق الأجنحة المسلحة للمقاومة ؛ لا هدف له غير حماية كيان الغزو النازي اليهودي ،والبقاء عليه آمنا مطمئنا ، يتمدد في شتى أرجاء فلسطين بالاغتصاب والتطهير العرقي المتدرج ، وإسقاط القضية الفلسطينية من ذاكرة أهلها ، في ظل ما يسمى بخطوات بناء دولة فلسطينية هشة ، لا يعلم أحد إلا الله متى تظهر إلى الوجود .
ومن أجل الدولة الفلسطينية الموهومة ، فإن الحديث لا يتوقف عن مفاوضات بين الغزاة وآية الله محمود رضا عباس ميرزا ، ثم الترويج للقاء بين الدول العربية والغزاة النازيين اليهود في واشنطن في الخريف الحالي .
صحيح أن بعض الدول العربية أبدت نوعا من عدم الارتياح لا نعقاد اللقاء دون جدول أعمال ، أو أسس واضحة لتحقيق ما يسمى بالسلام ، ولكن واقع الحال يؤكد أن الدول العربية جميعا ، أو أكثرها سيحضر اللقاء ، حتى لو كان مجرد " مكلمة " لا يسفر إلا عن بيان إنشائي لا يساوى ثمن الورق الذي كتب عليه , والأمر لا يمثل معضلة على كل حال ، فالآنسة " رايس " تملك القدرة على جر الحكومات العربية – شاءت أم أبت – إلى المكان الذي تريد ،والقرار الذي تريد ، لأنها تفهم جيدا طبيعة هذه الحكومات ، وتعلم بدقة حجم قدراتها وإمكاناتها في قول : نعم ، أو لا ؟!
لذا لم يكن غريبا أو مدهشا أن تعلن تسيبي ليفني – وزيرة خارجية العدو – أنه يجب على الدول العربية التي ستحضر اللقاء أن تعترف مقدما ، أو تكون معترفة مسبقا – بكيان الغزو النازي اليهودي في فلسطين المحتلة ، كما قالت الوزيرة ليفني – وهى بالمناسبة إرهابية بنت إرهابي ، وأبوها ناتان ليفني عضو حركة " أتسل " اليهودية الإرهابية ، الذي قام بذبح العشرات من الفلسطينيين قبل عام 1948م ، وشارك مناحم بيجين ، في كثير من عمليات القتل والتدمير والطرد للفلسطينيين من قراهم وبيوتهم ،ومطاردتهم حتى حدود فلسطين مع الدوال العربية ، أقول : قالت ليفنى إنه يجب على فخامة الرئيس المفدى آية الله البهائي محمود رضا عباس ميرزا ، أن يتكلم في الأمور الواقعية فحسب عند حضوره إلى لقاء واشنطن المرتقب ، ولا يتكلم في غيرها ...وتقصد بالأمور الواقعية : محاربة الإرهاب ، أي استئصال المقاومة الفلسطينية ، وتبادل المعلومات بين الموساد والشاباك من ناحية ، والأمن الرئاسي من ناحية أخرى ، مع محاصرة حماس والموالين لها واعتقالهم كلما أمكن .. أما قضايا القدس واللاجئين ،والمغتصبات والحدود والمياه ، فهي أمور غير مسموح بها في نظر الإرهابية " ليفني " ، ويشجعها على ذلك ، أن آية الله رئيس السلطة ، يقضى على المقاومة ويسفهها ويطاردها ، كما يطاردها الغزاة النازيون اليهود .. فهو مثلهم وهم مثله أصحاب تصور مشترك ومتطابق ..
وإذا كان العرب والمسلمون على مدى ثمانين عاما أو يزيد ؛ خبروا المفاوضات والمؤتمرات واللقاءات والخطط والقرارات على المستوى الدولي وغير الدولي ، ولم تثمر نتيجة واحدة ، ولم تُعد لاجئا واحدا إلى أرضه ووطنه المستباح ، فأعتقد أن بسطاء الناس ، وليس صفوتهم وحدها ، صاروا يؤمنون أن المقاومة هي الطريق الأجدى والأسلم والأقوى لتحقيق النتائج المرجوة أو بعضها على الأقل , والدنيا تعلم أن معطيات المفاوضات هي حاصل القوة على الأرض ، وعندما يكون المرء خالى الوفاض من عناصر القوة ، فلا ينتظر شيئا ذا بال ، بل يجب ألا ينتظر شيئا على الإطلاق من عدوه ,, أو حتى صديقه !
إن الأجنحة المسلحة للفصائل هي الأمل كما قلت . عليها أن تتوحد بأسرع ما يمكن ، وأن تشن عملياتها ضد الغزاة النازيين اليهود دون هوادة ، وفقا لقدراتها وظروفها ، وعليها ألا تستمع لما يردده آية الله البهائي وزمرته المفضلة من أمثال دحلان وعبد ربه .. عليها أن تلفظ هذا الكرسي المسمى الرئاسة الفلسطينية ، وسلطة الحكم الذاتي الإداري المحدود إلى الأبد ، وتؤدي دورها المنوط بها ، وسيكون خبرا يسعد العالم الإسلامي وأصحاب الضمير في العالم كله حين تندمج كتائب القسام مع شهداء الأقصى ، مع سرايا الجهاد ، مع ألوية الناصر صلاح الدين وبقية الفصائل الصغرى ، لأنها حينئذ ستطهّر فلسطين من أخبث نجس عرفته الدنيا على مدى التاريخ !