المقاومة العراقية: هل غيرت الموازيين العالمية

المقاومة العراقية: هل غيرت الموازيين العالمية؟؟

د. ياسر سعد

[email protected]

المقاومة العراقية والتي انطلقت بعيد الاحتلال الأمريكي للعراق بفترة قياسية وتصاعد مدها بشكل حير المراقبين وأدهش المتابعين وتجاوز توقعات المتفائلين, لم ولن يتوقف تأثيرها وصدى بطولاتها على الحدود العرقية, فلقد أوقفت مخططات المحافظين الحاقدين والتي استهدفت الدول العربية تدميرا وتفتيتا وتمزيقا ليكون شرق أوسطهم الجديد دويلات داحس والغبراء والتي تحكمها العشائر وتمزقها الخلافات العرقية والمذهبية وتسودها وتتسيدها الدولة العبرية.

المقاومة العراقية غيرت الخريطة السياسية الأمريكية وهزمت بوش في عقر داره بعد أن دفعت بالناخبين الأمريكيين في نوفمبر من العام الماضي إلى التصويت للديمقراطيين في انتخابات الكونغرس الأمريكية محولة الهائج بوش إلى بطة عرجاء وإدارة خرقاء.

وعلى المستوى الدولي, تجرأت روسيا على الولايات المتحدة الأمريكية وعلى حلف الناتو, وتكررت تصريحات بوتين النارية الناقدة لأمريكا والمتوعدة لها. وما كان للموقف الروسي أن يتجاسر ويندفع لولا مشاهد الهزائم المذلة والمهينة للعسكرية الأمريكية بكل جبروتها وعنفوانها في الرمال العراقية المتحركة ورؤية الجندي الأمريكي وهو منهار يبكي ويفر من ساحات المعارك والقتال محتميا بجيوش من المرتزقة ومستخدما القصف والقتل العشوائي وإثارة الفتن بين مكونات الشعب العراقي لمحاولة إخفاء مهانة هزائمه والتعتيم على صورته البائسة.

  التحذير الأخير والذي أطلقه مسئول عسكري أمريكي بارز من تنامي قوة الصين العسكرية مقابل القوة الأمريكية الآخذة في التراجع، جراء الحرب في العراق، والتي أثرت بشكل سلبي على جاهزية القوات وترسانة العتاد العسكري الأمريكي –حسب موقع محطة سي إن إن على الانترنت-. فقد قال الجنرال بروس رايت، قائد القوات الأمريكية في اليابان، إن العراق استنزف الموارد المخصصة لاستبدال أو تحديث سلاح الجو، وأوضح أن العمليات العسكرية هناك تستهلك الطاقة العملياتية القصوى للأسراب المقاتلة.

وفي المقابل، عززت الصين أجوائها بأحدث المقاتلات العسكرية الروسية بجانب الطائرات المصنعة محلياً. كما طورت الصين منظومة صواريخها البالسيتية الدفاعية، وأثبتت قدراتها على نقل المواجهات العسكرية إلى الفضاء، عقب إسقاطها، في يناير الماضي، قمراً صناعياً مدنياً من مداره، بالرغم من نفيها السعي إلى عسكرة الفضاء.

وأوضح رايت، الذي يقود القوات الأمريكية الرابضة في اليابان، وقوامها 50 ألف جندي، أن استمرار الصين في تعزيز قواها العسكرية "أمر مثير للقلق"، مشيراً إلى تقادم الأسطول الجوي الأمريكي. وأشار قائلاً "لأول في التاريخ، نرى دولة أخرى، وفي هذه الحالة أعني الصين، تمتلك مقاتلات أحدث مما نملك، ونحن على علم إذا استمرت الصين في الاستثمار على هذا المنوال غير المسبوق، علينا أن نكون حذرين من قدرات الصين العسكرية."

 وقال المسئول العسكري إن دعم القوات البرية في العراق تطلب سحب كافة الطائرات المقاتلة الأمريكية المنتشرة حول العالم. ويتناوب سرب مقاتلات F-16 المتمركز في قاعدة "ميساوا" شمالي اليابان، على العمل في العراق. وأضاف الجنرال رايت أن عدم انشغال حكومة بكين في نزاع عسكري يتيح لها تخصيص المزيد من الموارد للتركيز على اكتساب قدرات عسكرية جديدة.

وحسب الموقع نفسه فأن سلاح الجو الأمريكي قد أعلن مؤخراً عن تدابير لخفض النفقات ستقتضي خفض قواته بنحو 40 ألف عامل. وأطلق وزير سلاح الجو، مايكل ويني، في مايو الماضي صيحة تحذير مطالباً بتبني تدبير صارمة قائلاً "أنا قلق بشأن المستقبل، لا يتم تمويلنا للحفاظ علينا، والقيام بما يأمرنا الجميع بالقيام به."

قراءة متأنية لتصريح الجنرال بروس رايت، قائد القوات الأمريكية في اليابان ولتصريحات غيره تكشف بجلاء اقتراب الموقف الأمريكي في العراق من مرحلة التداعي الكامل والانهيار الكبير والذي اثر سلبا وبشكل كبير على الوضع الدولي للولايات المتحدة وعلى هيبتها ومكانتها. كما يظهر ضرواة المعارك مع المقاومة العرقية والأفغانية والخسائر الكبيرة والتي تمنى بها قوات الاحتلال –وتخفيها عن وسائل الإعلام- والتي تتضح من اضطرار الجيش الأمريكي إلى استخدام أقصى موارده من أقصى الشرق من اليابان وبطريقة دفعت قائد القوات هناك إلى إطلاق صرخته التحذيرية.

من هنا نستطيع أن نفهم الطروحات الأمريكية المستهجنة والمستعجلة والداعية لتقسيم العراق وتفتيته, كنوع من الهروب اليائس من استحقاقات الهزيمة المرة. ومن هنا لا يُستبعد أن تتصاعد عمليات التفجير الوحشية والإجرامية والتي تستهدف المساجد والأسواق في المناطق المختلفة من العراق لتصعيد وتفجير الصراع الداخلي. المقاومة العراقية مع كل الفتن الداخلية ومع انتشار فرق الموت والخراب المدعومة إيرانيا ورغم الحصار العربي والإقليمي والدولي وضخامة مؤامرات استهدافها وتمزيقها, مع كل ذلك فلقد غيرت المشهد العالمي والموازيين الدولية. ترى كيف تكون الحال لو صدقت إيران مع شعاراتها وخرجت الدول العربية من سلبيتها القاتلة ودعمت المقاومة العراقية والتي تدفع عنها الطاعون الأمريكي وتداعت الدول الإسلامية وشعوبها لتضميد جراح العراقيين النازفة ودعمهم في نكبتهم الكبيرة وإغاثة مهجريهم وأيتامهم وأراملهم؟؟