الحدث عربي.. وكرة الثلج أوروبية
محمد فاروق الإمام
[email protected]
لا أعتقد أن دم المبحوح بهذه الدرجة من
الغلاوة على القلوب الأوروبية، لأنه إذا كان غير ذلك فأين كانت هذه القلوب المرهفة
الحساسة المتألمة أيام ذبح إسرائيل لغزة من الوريد إلى الوريد بأهلها وشجرها وحجرها
وترابها ومائها وهوائها؟!
أُغتيل المبحوح في دبي فاهتزت عواصم
أوروبا وماجت وسائل إعلام العواصم الغربية بأخبار اغتياله واهتزت أركان الدبلوماسية
الغربية.. وأكرر بكل قناعة أنه ليس هذا الهيجان الأوروبي حزناً على دم المبحوح ولا
شفقة عليه.. فدماء العرب والمسلمين كانت ولا تزال رخيصة عند هؤلاء!!
وأؤكد أنه لولا شهامة القائمين على
الحكم في دبي ولولا توفر التكنولوجيا في مرافئها وفنادقها لما سمع أحد باغتيال
المبحوح.
أمن دبي متمثلاً بالفريق ضاحي خلفان
كشف بشجاعة نادرة أسماء المتورطين في عملية اغتيال المبحوح بصورهم وجوازات سفرهم
وجنسياتهم وكيفية دخولهم الإمارة وتنقلاتهم وحتى مغادرتهم الإمارة بعد تنفيذ
جريمتهم البشعة الجبانة.. متهما جهاز الموساد الإسرائيلي بوقوفه خلف هذه الجريمة
قائلاً: (إنني متأكد بنسبة 99 في المائة أن لم يكن مئة في المائة أن الموساد يقف
وراء الجريمة). مؤكداً (أن هناك أدلة أخرى تمتلكها الشرطة بخصوص اغتيال المبحوح،
بخلاف الأشرطة والصور التي تم الإعلان عنها، وأن الأيام المقبلة ستحمل المزيد من
المفاجآت، التي لا يمكن الشك فيها نهائيا) وقال في سياق تصريحات أدلى بها لجريدة
البيان الإماراتية: (إن جريمة اغتيال المبحوح أصبحت جريمة دولية ليست موجهة ضد
الإمارات فقط، وإنما تمس دولاً أوروبية وعربية أخرى، طالما ثبت أمام الجميع تورط
مرتكبي هذه الجريمة في جرائم متعددة بما فيها جريمة تزوير جوازات السفر التي
استخدمها المتهمون في دول أوروبية
عدة) .
الفريق خلفان طلب من الشرطة الدولية (الإنتربول) أن تصدر مذكرة للمساعدة في تحديد
مكان رئيس
وكالة التجسس الإسرائيلية الموساد وإلقاء القبض عليه إذا كانت الوكالة مسؤولة عن
قتل محمود المبحوح القيادي في حماس. ودعا ضاحي خلفان تميم الإنتربول لإصدار (مذكرة
حمراء) ضد رئيس الموساد
كقاتل إذا ثبت أن الموساد مسؤولة عن الجريمة وهو ما اعتبره أمراً مرجحاً
حالياً.
وقد أعلنت منظمة الإنتربول للتعاون الأمني الدولي أنها أصدرت مذكرة تفتيش
وجلب بحق أحد عشر مشتبها في تورطهم في اغتيال المبحوح.
الشيء الجديد ما نقلته جريدة (صنداي تايمز) البريطانية الصادرة يوم 21 شباط الجاري
عن مصادر مطلعة على شؤون (الموساد) قولها (إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين
نتنياهو التقى أعضاء فرقة الكوماندوس التي اغتالت القيادي في حركة حماس الفلسطينية
محمود المبحوح قبل توجهها إلى دبي لتنفيذ المهمة في يناير/كانون الثاني الماضي).
وقالت الصحيفة بدون أن تكشف عن المصادر (إن رئيس الموساد مئير داغان استقبل نتنياهو
في مقر جهاز الاستخبارات وأطلعه على المخططات لقتل المبحوح بعد أن تلقى معلومات
استخباراتية تؤكد أنه يخطط لزيارة دبي دون حراسة). وأضافت (أن رئيس الوزراء أعطى
موافقته على المهمة باعتبارها غير خطرة أو معقدة).
وأوضحت الصحيفة (أن أمر وفاة المبحوح ظل لعدة أيام يعتقد أنه لأسباب طبيعية، إلا أن
نظام كاميرات المراقبة الدقيقة الموجودة في الفندق كشفت جميع تحركات فريق الاغتيال
من لحظة وصولهم إلى دبي وحتى مغادرتها). ونقلت عن أحد المصادر قوله (إن حروقاً
ناجمة عن مسدس صعق كهربائي ظهرت على جثة المبحوح وأنه كان هناك آثار لنزيف في الأنف
قد يكون نجم عن خنقه).
وأكد وزير الصناعة الإسرائيلي وزير الدفاع السابق (بنيامين بن اليعازر) على ما ورد
في الصحيفة البريطانية قائلاً: (إن العمليات التي ينفذها جهاز الموساد تتطلب موافقة
نتنياهو وحده بدون العودة إلى الحكومة). وقال (كل شيء رهن برئيس الوزراء وهو غير
مضطر لاطلاع الحكومة حين يحصل رئيس الموساد على تصريح بالتحرك). وأضاف (أن رئيس
الحكومة يمكنه إذا أراد إبلاغ وزير الدفاع لكنه غير ملزم بذلك).
جريمة اغتيال المبحوح لم تكشف شيئاً جديداً عن ماهية الكيان الصهيوني الذي قام على
الإرهاب وبنى دولته على جماجم العرب والفلسطينيين منذ وطئت قدما أول مستوطن صهيوني
أرض فلسطين قبل قرن من الآن.. جديد جريمة اغتيال المبحوح أنها نزعت عن عيون أوروبا
العصابة السوداء التي ظلت إسرائيل لعهود وعقود طويلة تحجب عن هذه العيون، بدهائها
وخبثها وتدليسها وتزييف إعلامها، حقائق معدنها الإرهابي وجرائمها التي لا حدود
لتنفيذها ولا اعتبار لأية مواثيق أو احترام لأوطان أو حدود دول صديقة كانت أو
عدوة.. وهي التي تعتبر نفسها أنها الوحيدة في العالم التي تمتلك مثل هذا الحق
معتقدة – بزعمها - أن الله خصّها في ذلك.. أليست هي شعب الله المختار، وباقي أمم
الأرض عبيد وخدم لها كما جاء في كتبهم المزيفة وتوراتهم المبتدعة؟!