تحت جناحي الشيطان الأكبر
سامي الحمداني
[email protected]
لم
يعد من قبيل الولوع بنظرية المؤامرة الحديث عن علاقة تعاون غير معلنة بين طهران
وتل ابيب والتشارك في جني ثمرات الاحتلال الامريكي في العراق ، ان الهم الستراتيجي
لكل منهما في المنطقة يجعل من اللازم عليهما البحث عن صيغة شراكة صامتة تتم بعض
ضروريات اللقاءات المتعلقة بها تحت الجناح الامريكي ، واذاكان الحديث عن المنجزات
الايرانية في العراق هو حديث مكرر معاد لوضوح نتائجه وشواهده ، فان ايران تدرك ان
انفرادها بالكعكة العراقية دون (احترام) القلق العبري من مفاجات غير محسوبة ، لا
يمكن ان يمر بسهولة واذا كانت طهران راضية بترك المناطق الشمالية من العراق ملعبا
لمشاريع مستقبلية يبنيها الموساد الان بصبر وهدوء ،فانها شديدة القلق على حدودها مع
تلك المناطق خصوصا وان حزب العمال الكردي بنسخته الايرانية ما زال قلقا ستراتيجيا
غير محلول .
صحيح ان القيادات الكردية تنفي باستمرار ذلك الوجود الاسرائيلي دفعا للحرج الذي
يمكن ان يتسبب به اعلان ذلك النشاط ،على حلفاءالاكراد من المعممين في بغداد الذين
تقتضيهم دواعي مراعاة الرفض الشعبي لمثل ذلك الوجود ، الى جعل فتح هذا الملف من
المحرمات والذي جعل الامر سهلا على جميع هذه الاطراف المباركة الامريكية والسكوت
الايراني .
في
بغداد نفسها فان اصدقاء تل ابيب كثيرون وهم صنفان صنف يعمل بالعلن مثل مثال الالوسي
واحمد الجلبي وصنف ينتظر الفرصة لتنفيذ تعهدات اخذها على نفسه قبل الاحتلال وبعده ،
صرح مثال الالوسي
بعد
زيارته الاولى الى تل ابيب "لا ادري لماذا هذه الضجة فلست الوحيد الذي زار اسرائيل
فالكثير من اعضاء الحكومة زاروها ،حتى المعممين منهم خلعوا العمائم نواستبدلوها
بالجينز ، وتمت زيارتهم بسلام " ! .
والامر بالطبع لايتعلق بمجاملات فليس للعراق علاقات دبلوماسية مع تل ابيب بل الامر
يتعلق بتفعيل تعهدات سابقة لامجال للتملص منها فثمنها دفع سلفا ،الهيمنة على السلطة
في بغداد وغض النظر عن الولاء المزدوج للعملاء .
ان
اختيار ايران حليفا بديلا عن حلفاء عرب في المنطقة عمل انجز بالفعل ولم يعد الامر
مجرد مفاضلة بين حليف عربي قلق وحليف ايراني متحمس وبراغماتي وفعال والساحة
العراقية شاهدة على نجاح ذلك الخيار ،وهذا يعني ان المطامع الصهيونية والايرانية في
العراق يجب ان تحظى برعاية ومراقبة امريكيتين تلا فيا لصراعات تعقد الاوضاع في
المنطقة كلها ، والامن الصهيوني كما هو معروف له اولوية امريكية قصوى ،وتطبيقات
بناء ذلك الامن كشف عنها بشكل واضح وزير الامن الاسرائيلي (آفي ديختر) في محاضرة له
بتاريخ 4 ايلول 2008 نالقاها في معهد ابحاث الامن القومي الاسرائيلي ، وكان مما
قاله "لقد حققنا في العراق اكثر مما خططنا وتوقعنا " و"ان تحييد العراق عن طريق
تكريس اوضاعه الحالية تشكل اهمية ستراتيجية لنا" " ان العراق تلاشى كقوة عسكرية
وكبلد موحد ، فخيارنا الاستراتيجي ابقاؤه مجزءا" وقال ايضا " نريد ان نخلق ضمانات
وكوابح ليس في شمال العراق فقط ، بل في العاصمة بغداد ، ونحن نحاول ان ننسج علاقات
مع بعض النخب السياسية والاقتصادية ،حتى تبقى بالنسبة لنا ضمانا لبقاء العراق خارج
دائرة الدول العربية "
ان
كل المشاريع والخطط وادامة اتصالات سابقة وبناء علاقات جديدة لا تهدف الا لامر واحد
رئيسي هو ابقاء العراق ضعيفا مجزءا ليسهل تفكيكه واختراقه واقامة كيانات ضعيفة
متناحرة على اسس عرقية وطائفية ثم بعد التجزئة انجاز ما يعرف ب(تجزئة المجزأ) وهذه
العملية جارية على نحو متسارع نجحت ايران في فرضها بالقتل الطائفي ودعم المليشيات
والجناح الايراني من القاعدة وهي تنتظر ما سوف تسفر عنه الانتخابات النيابية
المقبلة ليعيد الحكيم الصغير اخراج خرائط والده التقسيمية بعد تراجع مؤقت تسبب به
رفض العراقيين له .
والحاصل فان الطرفين الصهيوني والايراني متوثبان للاجهاز على عراق ضعيف ما لم تقف
القوى الوطنية وقفة قوية تاركة خلافاتها جانبا ، جامعةالعراقيين خلفها بعيدا عن
التحشيد الطائفي والعرقي بل يرفع الجميع الانتماء الوطني الى عراق موحد هوية جامعة
.