النفوذ الإيراني في العراق

في الندوة الإستراتيجية حول

"النفوذ الإيراني في العراق"

- غياب الدور العربي سهل لإيران ابتلاع العراق والسيطرة عليه

- الحرس الثوري يلاحق عناصر الجيش العراقي والكفاءات العلمية.

حذر الخبراء والاكاديميون المشاركون في ورشة العمل التي عقدها المركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية بالقاهرة حول (النفوذ الايراني في العراق وانعكاساته الإقليمية) من خطورة غياب الدور العربي في العراق مما ادي إلى خلق فراغ استراتيجي بعد الاحتلال قامت ايران بملئه واصبح الطريق امامها ممهداً لابتلاعه.

واكدوا أن أهداف إيران أصبحت تتجاوز إرهاق القوات الأمريكية إلى تشكيل مستقبل العراق بعد أن اصبحت تسيطر عليه بالفعل ، لافتين إلي أنها قد تبرم " صفقة" مع الولايات المتحدة بشأنه مما يفرض تساؤلا هاما حول المطلوب لمواجهة هذه المخططات الإيرانية من جانب الاطراف العربية من اجل استعادة العراق .

وفي بداية الورشة اكد الدكتور عادل سليمان المدير التنفيذي لمركز الدراسات المستقبلية والإستراتيجية والمشرف على برنامج الدراسات الإيرانية بالمركز أن التوجهات الإيرانية قد شهدت فى السنوات الأخيرة تحركات واسعة النطاق فى دوائر خارجية مختلفة، فى إطار تصور إيران لدورها الإقليمى، أو دورها العابر للأقاليم فى بعض الأحيان

واضاف بأن تلك التحركات إرتبطت بتدخلات مباشرة فى الشئون الداخلية لبعض دول المنطقة، على نحو يتجاوز ماهو مفهوم عادة بالنسبة لخدمة المصالح القومية الإيرانية، وأدى ذلك إلى إثارة نقاشات واسعة حول أبعاد الدور الخارجى الإيرانى.

واشار إلي أن الدور والنفوذ الإيراني فى العراق يأتي فى مقدمة التحركات الإيرانية الخارجية التى تستحوذ على إهتمام خاص ومتزايد سواء من القوى السياسية العراقية المختلفة أو من القوى الإقليمية وفى مقدمتها دول الجوار للعراق أو من القوى الدولية وجعله يستحوذ على إهتمام العديد من مراكز البحوث والدراسات.

وأوضح ان التدخل الإيرانى فى العراق يثير عددا من الأسئلة المركبة حول أهداف إيران فى العراق، وحدود مصالحها المتعلقة بأوضاعه، والأدوات التى تستخدمها فى إدارة سياساتها العراقية، وتحالفاتها الداخلية بالعراق، وموقفها إزاء الارتباطات العربية للعراق، وتفاعلاتها مع الولايات المتحدة بشأن مستقبل العراق، وبعض الأساليب المثيرة للجدل فى إستراتيجيتها المتبعة إزاء العراق.

فرق الموت .

وقال سليمان إنه بات من الواضح أن أهداف إيران أصبحت تتجاوز إرهاق القوات الأمريكية إلى تشكيل مستقبل العراق وابتلاعه فضلا عن ان حجم التواجد الإيراني بالعراق يتطلب نقاشا، كما تتسم علاقات إيران بالشيعة العرب فى العراق بالتعقيد،

واشار إلي أن إيران اصبحت تسيطر على العراق بالفعل، كما أنها قد تبرم " صفقة" مع الولايات المتحدة بشأنه، وثمة حاجة لمناقشة مايفترض أن تفعله الدول العربية بهذا الشأن، فى ظل سؤال كبير هو : كيف يمكن التعامل بصورة جادة مع إيران فيما يتعلق بسياساتها فى العراق، لكن السؤال الأهم هو هل يمكن استعادة العراق؟.

بينما راى الدكتور محمد السعيد عبد المؤمن استاذ الدراسات الايرانية بجامعة عين شمس ان الورشة تهدف لخدمة مصالح الامة العربية والاسلامية في المقام الاول والتاكيد على ان الوجود الايراني يقلق العرب والمسلمين متسائلا عن اسباب زيادة النفوذ الايراني في العراق تحديدا بعد الاحتلال ومع وجود الاحتلال ؟ وكيف يتزايد النفوذ مع وجود امريكا، وهل هناك صفقة معها حول العراق ؟

وتابع تساؤلاته : هل لايران مشروع اقليمي ؟ وما اهدافها في العراق؟ وهل تسعى لتصدير ثورتها ومذهبها الاثني عشري الشيعي للعراق ودول المنطقة؟ وما موقفها ازاء الارتباطات العربية بالعراق ؟ وهل يمكن استعادة العراق للحظيرة العربية ؟ لافتا إلي أن الإجابه علي هذه التساؤلات تحتاج الى جهد مكثف وتحرك سريع لتدارك الموقف ووقف تداعياته ؟؟

واستعرض العلاقات التاريخية منذ مملكة الفرس بين البلدين مشيرا إلى أن النظام الايراني استثمر رعايته لمعظم الاحزاب المعارضة لنظام صدام حسين والشيعية منها على وجه الخصوص واهمها فيلق بدر الذي يضم 40 الف عنصر الي جانب وجود 4 فرق ايرانية مدربة بالعراق في البصرة، اضافة الى مهام لمكاتب الحركة لمساعدة الفقراء واعادة بناء العتبات وكذلك فرق لاغتيال المعارضين للنفوذ الايراني داخل العراق يطلق عليها البعض "فرق الموت ".

كارثة النفوذ الايراني .

واوضح عبد المؤمن أن ايران ترى أن ايجاد حكومة عراقية تتمتع بعلاقات جيدة معها مكسب لها، مشيرا الى التحرك الامني بين حكومة نوري المالكي وإيران اتخذ في الوقت الحالي خطوة هامة لم يلتفت اليها الكثير اتفقا خلالها على اعادة بناء النقاط الحدودية بين البلدين وزيادتها الى 530 نقطة وزيادة الحرس الثوري ومنع التهريب للسلع والمخدرات وتخصيص معبرين لزيارة العتبات المقدسة.

وقام الدكتور حميد الراوي استاذ المنظمات الدولية بكلية العلوم السياسية بجامعة بغداد بعرض ورقة اساسية في ورشة العمل ودار النقاش حولها اكد فيها على ان النفوذ الايراني في العراق بمثابة كارثة حقيقية احدثها الزلزال المدمر الذي ضرب العراق على يد الاحتلال الامريكي عام 2003.

والقي بمسئولية عن هذه الكارثة علي الامم المتحدة والاحتلال الامريكي ومنظمة المؤتمر الاسلامي والجامعة العربية لافتا إلي أن هذه الجهات تتحمل المسئولية الاخلاقية والقانونية حيال كل ما حدث ويحدث في العراق .

واضاف انه في ظل احتلال العراق صار النفوذ الايراني يمثل مشكلة حيث تسعى ايران للمساومة على الوضع في العراق لتخفيف الضغوط عليها، فضلا عن ان المشروع الايراني ذو نزعة قومية بمسحة دينية، وكمحاولة منها لافشال تجربة الاحتلال الامريكي البريطاني للعراق ولابعاد هذا الخطر عنها.

و سلط الضوء على نفوذ ايران المتزايد بالعراق واطلاق امريكا يد ايران في كافة انحاء العراق لدرجة السماح بمشاركة السفير الايراني لإجتماعات لجنة الامن العليا بالعراق، فضلا عن ان ايران وجدت نفسها امام فرصة ذهبية للثأر ومعاقبة خصومها في الحرب الإيرانية العراقية من ضباط الجيش بل والعلماء النابهين في المجالات المختلفة بالقتل.

واشار إلي أن ايران نشرت مكاتبها في كثير من المدن العراقية لمراقبة الوضع عن كثب ونتيجة الوضع المتوتر بين امريكا وايران بخصوص البرنامج النووي صارت تتفاوض مع المحتل من اجل مستقبل العراق، وتقدم الدعم لكافة القوى المناوئة للاحتلال من تدريب وتقديم السلاح نكاية في الاحتلال الامريكي.

شرطي المنطقة.

واشار الى ان ايران تتشبث بالاوراق التي في يديها للمساومة عليها لتمرير مشروعها النووي والعراق من اهم الاوراق التي تساوم بها موجها دعوة صريحة للدول العربية للبحث عن مخرج في العراق بعيدا عن امريكا وايران خاصة وأن ايران صارت تسيطر على مراكز صنع القرار العراقي.

ونصح ايران ان تتعامل مع العراق وفقا للجوار الدولي لانه لا يمكن لايران ان تحكم العراق حيث ان القبائل المنحدرة من اصول عربية وتبلغ نسبتهم 80% من شيعة العراق يرفضون حكم ايران لبلادهم .

وكشف النقاب عن ان دول الجوار الاقليمي تكبلها علاقات ايران الدبلوماسية سواء سوريا اوتركيا وتجعلهما غير قادرتين على التصدي للنفوذ الايراني، اضافة الى توجيه الاتهامات للمملكة العربية السعودية بدعم السنة لتخويفها لتبتعد عن العراق، و الدور الكويتي منشغل فقط في كيفية الثأر لاحتلالها عام 90، بينما الاردن تضررت اقتصاديا من احتلال العراق،في حين كانت مصر وحدها سنويا تتعامل بـ5 مليارات دولار في برنامج النفط مقابل الغذاء مع بغداد قبل الاحتلال.

واشار إلي أن امريكا ازالت حكومتين مناوئتين لايران وهما العراق وافغانستان، مما يعد خدمة ذهبية لايران عجزت عن تحقيقها سنوات طويلة، كما ان ايران تمتلك ثلاث رؤوس نووية حصلت عليها منذ عام 2005 جاهزة من الاتحاد السوفيتي.

وتساءل هل العرب سيظلون مكتوفي اليد عن التصدي لايران وللمد الشيعي؟ وهل ستصبج ايران شرطي المنطقة؟ وهل ستوجه امريكا ضربة لايران لتغيير النظام الحاكم؟ .

إيران تسرق النفط !!

ومن جهته حمل الدكتور مدحت حماد استاذ الدراسات الإيرانية بآداب طنطا المسئولية كاملة لما يحدث في العراق لغياب العرب وعدم وجود رؤية او استراتيجية او هدف واضح لدى القادة العرب في التعاطي مع هذه الملفات الملتهبة في المنطقة سواء العراق او فلسطين او الصومال مما اتاح المجال امام النفوذ الإيراني للتوسع والهيمنة عليها .

وقال إن العرب يعانون من فقدان الإتزان وعدم وجود رؤية او مشروع عربي شامل وتحكمهم الهواجس وضرب مثلا بفلسطين حين انسحب العرب لتدخل ايران على الخط ودخلت لاعب رئيس في فلسطين عبر الجهاد الاسلامي وحماس متسائلا أين الوجود المصري الذي ساعد العراق علي تحرير جزيرة الفاو؟.

و اكد الدكتور حميد شهاب الاستاذ الزائر بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة ان موضوع النفوذ الايراني في العراق تقتضي الحاجة الى تناوله بهدوء، وتفكير عميق بعيدا عن روح التعصب لاي طرف سواء داخلي او اقليمي .

واوضح أن حساسية الموضوع الذي نتناوله يتمثل في موضوع الشيعة حيث ان ايران لا تمثل كل الشيعة في العراق كما أن الامتداد العربي لشيعة العراق اقوى واكثر من الولاء المذهبي للشيعة في طهران مشيرا الى ان العشائر الشيعية العربية في العراق بايعوا مرشحا غير عراقي ليكون حاكما وملكا عليهم وهو الامير فيصل من الحجاز وهذا قبل 80 سنة من اليوم ، ما يؤكد قوة الامتداد العربي لعشائر العراق.

وقال انه مما يؤكد ذلك تصريح السيد حيدر العبادي وهو من الشيعة يشير فيه إلي " ان ايران تسرق النفط العراقي ولابد من التصدي لهذه السرقة" مما يعني انه عندما تتأزم الامور وعند الحاجة فإنهم يتغلبون على المذهبية ويعودون الى عروبتهم وعراقيتهم.