الأكراد ليسوا فُرساً ولا عرباً ولكن بمعظمهم مسلمون

الأكراد ليسوا فُرساً ولا عرباً ولكن بمعظمهم مسلمون

مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن

[email protected]

(اختلف المؤرخين بأصل الأكراد وجذورهم ، ولكن هم في الحقيقة ليسوا فُرساً وليسوا عرباً وإنما بمعظمهم مسلمون، وإن كان هناك روايات تاريخيه تُثبت اندماجهم مع حضارة العرب والمسلمين ، بل وكانوا كالجسد الواحد كلٍ منهما يدافع عن الآخر،وهذا لايعني أبداً أنهم صاروا عرباً بل هم في حقيقة الأمر بغالبيتهم مسلمون،ولم يفُرض عليهم التخلّي عن عرقيتهم ؛بل الحضارة الاسلامية أعطتهم كل الحقوق التي لم يبحثوا في ظل هيمنتها في أي شأنٍ من شؤنهم الخاصّة أو قومياتهم أو ماشابه ،وكانت الحضن المستوعب لهم ولجميع القوميات، الى أن زالت الدولة العثمانية وحينها صار الحيف والظلم والقهر يلاحقهم من كل جانب ، وصاروا يطالبون   بحقوقهم المشروعة ، وحتى في حدودها الدنيا لم يحصلوا عليها من الحكومات المارقة)

لأن العنصريون من الحكومات والأحزاب وأهل الفكر المتطرف ،كثيرا مايهتمون في المنشأ والأصول ؛ دون التركيز على حقيقة الإنسان وعطاءاته؛ وقضية وجوده واستخلافه في الأرض ، والناس في أصولهم لآدم ، وآدم من تراب ، والتقسيمات البشرية جاءت بسبب الهجرة وتفرق الخلّان في الأرض منذ قِدم التاريخ ، للبحث فيها وايجاد الفرص الأفضل للعيش، وكان من أولاد أدم هذه السلالات والعرقيات المختلفة ، وكوني الأن أتطرق للقضية الكردية ؛ فحُق أن أدخل في بعض التفاصيل التي اختُلف فيها ، والتي في خاتمتها أنهم ليسوا عربا ولافُرسا ؛ ولكنهم كانوا سيف الإسلام وحاملي لواءه

فبعض الروايات التي لاتستند الى حقائق أنّهم في أصولهم فُرسا، وأخرى تقول أن أصولهم من الجن –نسبة الى الجان جساد- وبعضهم يوصل نسبهم الى قحطان العربي ، والجميع قد غالى بهذا الإسناد ، ولاتخفى الأبعاد الحقيقية الكامنة وراء ذلك

فالبعض من العرب : أرادوا التزلف الى القادة الأكراد في ظل سيطرتهم على مواقع القرار والسيادة في بعض الأقطار ؛ للتقّرب منهم أو لتحبيب العامّة بهم ،فنسبوهم الى قحطان العربي . ومثلهم مع فارق التشبيه فعل الفرس، الذين لم يكونوا على انسجام مع الأكراد بأي حال من الأحوال ،بل كانوا على الدوام في صراع معهم بحكم الجوار واعتداءات الفرس الدائمة عليهم؛وتسلط الأوغاد من الحكّام المتسلطين والمتطرفين منهم ؛ من الأكاسرة والملالي المتخلفين الضلاليين ،  والتنافس الأزلي بينهما على الأرض والسيادة. وأما الصنف الثالث من الذين نسبوهم الى الجان فهو بغرض استحقارهم وتخويف الناس منهم ؛وهؤلاء في معظمهم من القوميات المختلفة المتعصبة التي هي بالأساس في صراع مع الأكراد وغيرهم لعنصريتهم المقيته.

بينما هم في حقيقة أمرهم من سلالة يافث بن نوح-عليه السلام- وقومٌ موجودون بحسب الدراسات الأكاديميه والبحوث الأثرية منذ العصر الحجري في منطقة كوردستان ، وهم مستقلين عن الأجناس الأخرى ، وكانت لهم حضارة وممالك وإمارات ، وهم عريقين في القدم في هذه المنطقة، ولما جاء الإسلام دخلوا فيه بمعظمهم ؛ وذلك في منتصف القرن الأول الهجري ، وحتى قيل أن القائد العظيم الكردي المسلم صلاح الدين الأيوبي - هو بن شادي الى بن مروان بن محمد أحد الخلفاء الأمويين؛ والذي كانت أمّه كرديه- وبغض النظر عن كل الأقوال: فإننا نثبت من وراء هذه الحقائق أنّ الأسلام علمنا ألا نعتدي على أحد بتحقيره أو ذمّه أو الإستنقاص منه لجنسه أو لونه أو عرقه،وحرّم علينا النظره العنصرية أو الطبقية، وترك القوميات والأديان ولم يمسّها بسوء ،ولم يجبر أحداً التخلّي عنها، وجعل التفاضل بين الناس بالتقوى والأنفع للناس.

 ولكن عندما يسود الإنحطاط  بجميع أشكاله في مجتمع ما ؟ تظهر لغة التفاضل العنصرية فيه ،لعلّة العجز والإنفصام التي تغلب على أعضائه ، ويكفينا فخراًأن يكون عظيماً كصلاح الدين الكردي قائداً للأمة ومن معه من بني جنسه أعواناً له ، الذين نشروا العدل والحق والأمان في كل ربوع الأرض ،وقضوا على طموحات بني فارس ؛ فأزالوا مملكتهم من المنطقة العربية، وكانوا حرّاساً أمينين على مصالح شعوبهم  وكانوا قدوة لغيرهم في الإخلاص والتفاني، فاستنهضوا الهمم ، وجيشوا الجيوش لاسترداد بيت المقدس من أيدي الغزاة الصليبيين.

وكذلك مثال الشيء بمثله ، فمن الخزي والعار، أن يُعامل أحفاد هذا البطل العظيم صلاح الدين من الأكراد في بلدي سوريا بكل هذا الظلم والجور ، ويُحرم مئات الألاف  منهم من أبسط حقوقهم المدنية ؛ فلا يُمنحوا هوّية أوجواز؛ وغير مسموح لهم بإكمال دراستهم الجامعية وغير معترف بهم وبوجودهم ، وهؤلاء هم أبنائنا وأحبتنا ومنّا وفينا ؛ وأبناء الوطن الواحد، وتجمعنا معهم مشتركات وروابط كثيرة ؛ ومنها الدين والأرض والتاريخ، ولكن لاعجب من هذه الطغمة الحاكمة أن تتلذذ بعذابات الناس، وأن لايكون لها من الهم سوى تشتيت الناس وتفريقهم لتسود ،ولو داست على كل المقدسات التي أعلاها هو هذا الإنسان ؛سواء كان كردياً أم غير ذلك ، كما داست دبّاباتها على الأجساد ، وقصفت طائراتها المباني والمساجد والكنائس وهدمتها فوق ساكنيها ؛في كل من حماة وحلب وحمص ومعظم المدن والبلدات ؛ وقتلت مئات الألاف من أبناء شعبي لأنهم قالوا لا للطغاة ، وكذلك فعلت في القامشلي والحسكه وعفرين وغيرها مع الأكراد،وهي لاتزال مُصرة على إلحاق من الأذى الأذى بهم وتجاهلهم ، ومنعهم من أن يكون لهم خصوصياتهم ولغتهم وأن يكون لهم المدارس التي تعتني بشؤونهم وتاريخهم وحضارتهم لتلقينها لأبناء جلدتهم الذين يعتزون بتراثهم وتاريخهم الإنساني

والحالة نفسها يعيشها الأكراد في ايران المهضومي الحقوق كما هو شأن جميع الأقليات في هذا البلد العنصري البغيض ؛ الذي تحكمه الفئة الضالّة المستبدّه الغاشمة، وتعسف بهم لسببين عنصريين مهمين ؛لأنهم أكراد أولاً ومن السنّة ثانياً، فاجتمعت عليهم قضيتين وطامتين بالنسبة لهؤلاء المتخلفين من الملالي المتسلطين،الذين لم يستطيعوا بعد أن ينسوا صلاح الدين ؛ وكيف قضى على أمبراطورية أجدادهم من الفاطميين، فحرموهم وجميع الأقليات من المشاركة في صياغة الدستور وحاربوهم بكل ما آوتوا من أدوات الفتك والجريمة، ودمروا لهم المئات من البيوت والمساجد ،وقتلوا وأُعدموا منهم عشرات الألاف ،حتى قيل أن مادُمّر في مطلع الثمانينيات أكثر من ثلاثمائة قرية للأكراد، ومثلها سنّية، ولا عجب في ذلك لأن هؤلاء الفرس من صنيعة الإستعمار، الذي باع تابعه الشاه ليأتيبهذه الحفنة المأجورة المتخلفة؛ التي رسموا لها دوراً تؤدّيه، لتحويل المنطقة الى ركام

وأخيراً : لابدّ أن أُذكّر باليد الخفيّة التي كانت سبباً في اضطهاد الأكراد وايقاع كلّ هذا الأذى بهم ؛ وهم المستعمرون القُدماء  ،الذين عقدوا مؤتمرهم التآمري عليهم وعلى الأمة الإسلامية  في فرساي عام 1922لدراسة ماستكون عليه المرحلة لما بعد سقوط الخلافة العثمانية، وخشيتهم ممن يأتي بعدهم لحمل راية الإسلام، وكان أكثر المؤهلين لذلك هم الأكراد بعد الأتراك ، الذين كانوا أكثر استعداداً لعملية التوارث ، لامتلاكهم للكثير من المقومات التي تجيز لهم فعل ذلك، من رقعة الأرض الواسعة التي تحت سيطرتهم في كوردستان ، الى الوفرة في المال والرجال الأشداء ،فكان من جملة ماتفقوا عليه هو  وأد الأكراد  وتطلعاتهم ، فتم التآمر عليهم وقُسمت أراضيهم على الدول  التي أُعطيت السكين لتعمل فيهم التفريق والتقسيم والإذلال والحرمان ، وليقود أتاتورك هذا المشروع الذي لم يستثني جسد الأمة الاسلامية والعربية أيضاً في التشريح، ويدعوا الى العصبية والتتريك ، وتمزيق الأمّه الواحدة الى دول وشعوب وقبائل متناحرة وليست متآلفة، مما أوقع أشدّ الضيم بالعنصر الكردي ؛ الذي تقاسمت الدول ممتلكاته ، لتصنع منها مقابر لهم وتدفنهم وهم أحياء، ولكن بتماسك هذا المجتمع وحُلفائة من أبناء الوطن الواحد من الأحرار، وعزيمته القوية في العيش الكريم ؛مما دعاه لأن يكون مُستنفراً على الدوام، وإبائه إلا  النهوض ، فهو الأن في الخطوط المتقدمه ، في المعركة المصيريه مع الأنظمة القمعية ،يدافع عن نفسه ومواطنيه لاسترجاع كافة حقوقه وحقوق شعبه المغتصبة للعيش الكريم ، وهو يدفع الأثمان باهظة كما جميع مواطني تلك الدول، وسيصل في نهاية المطاف مع الأحرار من أبناء أمتنا  الى مايريد باذن الله ، من التحرر والعيش الآمن وقلع جذور الإستبداد والظلم.