البيانوني: دمشق تفتعل الأزمات لخدمة طهران
أيمن المصري
بيروت- اعتبر علي صدر الدين البيانوني المراقب العام للإخوان المسلمين في سوريا أن تصريحات نائب الرئيس السوري فاروق الشرع الذي هاجم فيها السعودية "تأتي في سياق سياسة النظام السوري الرامية إلى افتعال الأزمات مع الأشقاء العرب لتبرير الانخراط كليًّا في المشروع الإيراني في المنطقة"، واصفا هذه السياسة بأنها عزلت دمشق عن محيطها العربي.
ومن جهة أخرى، أشاد البيانوني، بدور المملكة العربية السعودية "الإيجابي في لبنان ومحاولاتها التوفيق بين مختلف الأطراف اللبنانية"، واصفًا هذا الدور بأنه "يتناقض كليًّا مع محاولات النظام السوري استعادة نفوذه في لبنان وتفجير الساحة اللبنانية وإشعال الفتنة فيها لتحقيق أهدافه".
وكان نائب الرئيس السوري فاروق الشرع قد وجَّه خلال محاضرة له في المركز الثقافي العربي بدمشق يوم الثلاثاء 14 -8-2007 انتقادات للدور السعودي في المنطقة، واصفا إياه بأنه "شبه مشلول".
واستهجن "غياب السعودية عن الاجتماعات الأمنية للعراق وجواره في دمشق"، وحول ما توصف به السعودية بدول الاعتدال تمنى الشرع "أن يكون الاعتدال حقيقيًّا، ولكن الآخرين مستكينون ويطلق عليهم اسم معتدلين؛ فالاعتدال لا يعني الاستكانة أو ما يريده الأجنبي".
ودفع الهجوم السوري إلى رد سعودي وصف تصريحات الشرع بـ"النابية"، بحسب بيان بثته وكالة الأنباء السعودية. واتهم المصدر الحكومي السعودي دمشق بالعمل على "نشر الفوضى والقلاقل في المنطقة". غير أن دمشق أعلنت رفضها الرد على بيان السعودية الرسمي لتجنب "المهاترات الإعلامية"، مشيرة إلى أن تصريحات الشرع تم تحريفها.
وغابت السعودية عن اجتماع دول الجوار العراقي الذي عقد في دمشق في الثامن من الشهر الجاري، على الرغم من أنها حضرت كل الاجتماعات الإقليمية التي أقيمت تحت هذا المسمى بما فيها تلك التي عقدت في طهران وتركيا، ولم تعط السعودية تفسيرا معينا، لكن خبراء يشيرون إلى أن العلاقات السعودية السورية وصلت إلى أدنى مستوياتها بشكل يتعدى الشأن العراقي إلى خلافات جوهرية في كل قضايا المنطقة.
توقيت الهجوم
وعن توقيت التصريحات السورية رأى البيانوني أنها مرتبطة بالأوضاع في لبنان خاصة في ظل الانتخابات الرئاسية المقبلة واستكمال إجراءات تشكيل المحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، والجرائم الأخرى التي ارتكبت في لبنان، معتبرًا أن موعد المحاكمة "يشكّل هاجسًا للنظام في سوريا". وفي مقابلة مع "إسلام أون لاين.نت" أضاف البيانوني أن توقيت هذه التصريحات أيضًا "يتعلق بالملف العراقي والتحالف الأخير بين الشيعة والأكراد، للإمعان في إقصاء قوى عراقية أساسية في تكوين المجتمع العراقي".
ويرى البيانوني أن "السعودية حاولت كثيرًا احتواء الخلافات مع دمشق خصوصًا بعد جريمة اغتيال رفيق الحريري، إلا أن مواقف النظام السوري غير المتوازنة كانت تدفع بالعلاقات السورية السعودية إلى مثل هذه النهاية"، وخاصة بعد عبارة الرئيس السوري بشار الأسد الشهيرة التي وصف فيها بعض حكام العرب أنهم "أنصاف الرجال".
الحضن الإيراني
وقال البيانوني: إن السياسة الخارجية لسوريا أدت إلى "عزلها عن محيطها العربي وارتمائها في أحضان المشروع الإيراني وتحولها إلى أداة من أدواته". وأشار -في لقاء له مع صحيفة الوطن السعودية- إلى "الدور الذي يقوم به المحور السوري الإيراني في العراق متهمًا هذا المحور بـ"التحريض على الاقتتال الطائفي في العراق، ودعم عمليات التطهير المذهبي، وإرسال السيارات المفخخة التي تستهدف المدنيين من مختلف فئات الشعب في كافة أنحاء العراق".
وقال: "يجتهد النظام السوري لجعل العراق خاصرة مفتوحة في الجنب العربي، تحقيقًا لمشروعات إقليمية ذات طبيعة مذهبية، تكمل الهلال بين العراق وسوريا ولبنان". كما وصف البيانوني دور المحور السوري الإيراني في لبنان بـ"التخريبي"، من خلال العمليات الإرهابية التي تنفذها مجموعات تتسلل عبر الحدود السورية اللبنانية، والضغط على بعض الأطراف اللبنانية "للحيلولة دون الوصول إلى تفاهم بين اللبنانيين". ورأى أن "تصرفات المسئولين السوريين وطريقة تعاملهم" مع ملف اغتيال الرئيس الحريري يشير إلى "أنهم متورطون فيه وفي الجرائم الأخرى التي ارتكبت في لبنان".
الدور السعودي
ونفى البيانوني أن تكون تصريحات نائب الرئيس السوري معبرة عن الرأي العام
السوري، قائلاً: "الشعب السوري يكنّ كل الاحترام والتقدير للشعب السعودي الشقيق
وقيادته، ولا يمكن أن ينسى المواقف الإيجابية للمملكة، كما لا يمكن أن ننسى
المشاركة السعودية في الدفاع عن سوريا ضد العدوان الإسرائيلي".
وأشاد البيانوني بمواقف السعودية على كافة الأصعدة، قائلا إنه على الصعيد
اللبناني "تسعى الرياض إلى تشجيع الحوار بين الأطراف اللبنانية للوصول إلى
حلول توافقية".
وفي العراق، وصف البيانوني السياسة السعودية في العراق بأنها "تدفع باتجاه إنجاح العملية السياسية وإشراك جميع الأطراف فيها بطريقة متوازنة، في حين يسعى المحور السوري الإيراني الى زعزعة الاستقرار في العراق وإثارة الفتن بدعم الطائفيين المتطرفين من التكفيريين والميليشيات الشيعية على حد سواء".
ولفت البيانوني النظر إلى ما وصفه بحرص السعودية على تحقيق تضامن عربي في وجه المحاور الإقليمية -في إشارة إلى إيران- وسد الفراغ الذي نشأ في المنطقة بعد سقوط الدولة العراقية، ومن جهة أخرى ألقى البيانوني باللوم على كل من مصر والسعودية لأنهما ساعدتا في وقت من الأوقات النظام السوري، قائلا: "القاهرة والرياض وقفتا إلى جانب النظام السوري بعد وفاة الرئيس حافظ أسد، في محاولة لدعم النظام وتغطيته وكسب التأييد الدولي له والسكوت عن كثير من تصرفاته وسياساته اللامسئولة والتغاضي عن طبيعته الطائفية وممارساته القمعية وانتهاكاته الخطيرة لحقوق الأغلبية من أبناء الشعب السوري".
وطالب الدول العربية والمجتمع الدولي "برفع الغطاء والحماية" عن النظام السوري الذي وصفه بـ"الفاسد المستبد"، كما دعا إلى "تأييد حق الشعب السوري في إقامة نظام ديمقراطي تعددي يكفل لجميع المواطنين حقوقهم وحرياتهم".