المسجد الأحمر.. وخيانة العلمانيين!
المسجد الأحمر..
وخيانة العلمانيين!
أ.د. حلمي محمد القاعود
[email protected]
كانت ماساة المسجد الأحمر فى " إسلام آباد " مناسبة كشفت عما يجرى لأمتنا
الإسلامية فى معظم أرجاء العالم ، من كيد صليبى استعمارى تكيده الولايات
المتحدة وحلفاؤها المتوحشون اللصوص ، الباحثون عن ثروات المسلمين ونهبها ، مع
استئصال دينهم وعقيدتهم .
لقد تخلى خادم الولايات المتحدة فى باكستان عن شرفه العسكرى والخلقى حين أمر
طائراته العسكرية ودبّاباته ومدفعيته بقصف المسجد الأحمر ، ومن فيه من الطلاب
والطالبات وهيئة التدريس ، فهدم المسجد ، مستعيداً ما فعله " الحجاج " ذات يوم
حين قصف الكعبة بالمنجنيق وعبدالله بن الزبير يتحصن فيها . وخلف مئات القتلى
والجرحى ، وأعلن أنه سيواصل عمله الإجرامى فى بقية المساجد ومدارس القرآن ،
بحجة مقاومة الإرهاب ( أى الإسلام ! ) ، ومكافحة " طالبان " الباكستانية فى
المناطق الحدودية !
بالطبع ، لم ينطق المتحدث باسم البيت الأبيض بكلمة عن المجزرة البشعة التى
اقترفها خادمه " مشرف " ، لأنه أمره بمحاربة شعبه ، واستئصال إسلامه ، وحرمانه
من الحرية والديمقراطية ، دفاعاً عن مصالح الولايات المتحدة وحلفائها الأشرار
..
ما فعله " مشرف " وصمة عار فى جبين الإنسانية ، وصفحة مخزية فى صفحات التاريخ
البشرى ، والمؤسف أن جمعيات حقوق الإنسان ومنظمات ما يُسمى المجتمع المدنى فى
العالم ، لم تستنكر ما صنعه الطاغية الباكستانى خدمة لسادته الصليبيين
الاستعماريين ، مع أن هذه المنظمات وتلك الجمعيات لا تتوقف عن الصراخ بسبب "
ختان أنثى " أو " ارتداد شخص عن دينه " ، أو " خناقة بين شخصين من عقيدتين
مختلفتين " .. ومن يتأمل موقف هؤلاء المدافعين عن حقوق الإنسان يجده أمراً
طبيعياً ، فالولايات المتحدة وحلفاؤها الأشرار ، هم الذين يُموّلونهم ،
ويُقدمون لهم المنح والعطايا .. لذا لا يعنيهم أمر المئات ممن يقتلهم أو يصيبهم
" خادم " الولايات المتحدة فى باكستان ، أو غيره فى أرجاء العالم الإسلامى ممن
يقتلون ويُصيبون ويعتقلون شعوبهم وأقوامهم 1
بيد أن الشعب الباكستانى الشجاع ، لم يسكت على ما فعله " الخادم " الرخيص ، وما
زالت المظاهرات تجوب أرجاء البلاد احتجاجاً على تدمير المسجد الأحمر ، وسحق من
فيه بلا رحمة ولا خلق . وقد حاول الطاغية – ويُحاول – أن يجد مخرجاً يُنقذه من
غضبة شعبه المسلم الذى يُعانى من ويلاته ، وكانت أول لطمة له هو رضوخه مؤخراً
لحكم المحكمة العليا فى باكستان بإعادة قاضى القضاة " افتخار شودرى " إلى منصبه
بعد أن عزله الديكتاتور ، وأصرّ على عدم إعادته إلى منصة القضاء الرفيعة .
ثم بحث الطاغية فى دفاتره القديمة ، فلم يجد غير العلمانيين الباكستانيين ،
يحاول التحالف معهم ، للخروج من المأزق الذى وضع نفسه فيه ، وذهب أتباعه إلى "
دبى " حيث تعيش السيدة " بى نظير بوتو " زعيم حزب الشعب العلمانى ، ليعقد معها
صفقة سياسية ، تحميها وزوجها من المحاكمة بسبب الفساد واللصوصية واستغلال
السلطة أيام رئاستها للوزارة الباكستانية ، ثم تعود مع أسرتها إلى باكستان ،
لتقود حزب الشعب متحالفاً مع النظام العسكرى ، وتصطف معه ضد الإسلام ، والشعب
الباكستانى المسلم .
ويبدو أن الصفقة تمت ، وانتقلت إلى دور التنفيذ ، وكان لا بد للتغطية على
الخيانة العلمانية لإرادة الشعب المسلم ، من تصريح باهت وسخيف ومنافق تصدره
السيدة " بوتو " من دبى تقول فيه ، إنها تطلب من الخادم الأمريكى " مشرف " أن
يتنازل عن منصبه العسكرى ( قيادة الجيش ) ليكون رئيسا للبلاد فقط . أى يبقى
طاغية وديكتاتوراً ببزة مدنية وليس بزة عسكرية !!
وهكذا يخون العلمانيون – كعادتهم - بلادهم من أجل الحكم والحماية من العقاب على
الفساد والسرقة والنهب .
والعلمانيون الباكستانيون ليسوا وحدهم فى هذا السياق ، بل إنهم فى العالم
الإسلامى كله ، على استعداد لبيع آبائهم وأمهاتهم من أجل مصالحهم الخاصة
ومنافعهم الشخصية .. أما مصالح بلادهم ومنافع شعوبهم ، فلا محل لها عندهم ، وإن
كانوا يتكلمون عنها أحيانا فى موضوعات إنشائية باردة لا أثر فيها للإخلاص ، أو
الصدق .
وقد حاول الطاغية أن يستميل إليه فريقاً آخر أقرب إلى العلمانية ، فأطلق فجأة
سراح ناشط سياسى من أنصار " نواز شريف " رئيس الوزراء الأسبق ، الذى يعيش فى
المنفى بالسعودية ، ويبدو أن هذا الناشط السياسى الذى دخل سجون باكستان
ومعتقلاتها أكثر من ثلاثين مرة ، قد خيب ظن الطاغية فأعلن فى أول تصريح له عقب
خروجه من محبسه أنه يدعو الشعب إلى الثورة على الطاغية وإزالة حكمه تماماً !
إن مأساة المسجد الأحمر ، قد كشفت طبيعة العلاقة بين الخادم الطاغية ، والإسلام
.. فهو معاد له ، محارب ومستأصل ، لا يكف عن مطاردته فى التعليم والإعلام
والثقافة ، مثلما يفعل آخرون مناظرون له فى بعض أرجاء العالم الإسلامى ، وسمح
لقيادة العالم الصليبى الاستعمارى أن تمطر شعبه بالقنابل والصواريخ فى " وزير
ستان " والمناطق الحدودية بحجة القضاء على طالبان والقاعدة وبن لادن ... ومنذ
احتلال أفغانستان والمجرمون الصليبيون الاستعماريون يقصفون الشعب الباكستانى ،
إلى جانب ما يفعلونه على مدار الساعة بالشعب الأفغانى البائس !
وزيادة فى رغبة الطاغية بإثبات ولائه لطغاة العالم ، فقد دخل بجيشه ليشارك فى
القصف والتدمير بمناطق الحدود ووزير ستان ، ثم امتد نشاطه الإجرامى إلى المساجد
والمدارس ، فهدم المسجد الأحمر ومدرسة السيدة حفصة ، وتوعد بقية المساجد
والمدارس التى تقوم بتحفيظ القرآن الكريم وتدريسه ..
ومع ذلك يجد من العلمانيين الخونة من يتحالف معه ، ويسعى لإنقاذه على حساب
الإسلام والمسلمين . هل كان " محمد إقبال " شاعر الإسلام العظيم يُشير إلى ما
سوف يحدث بعد رحيله بسبعين سنة عندما قال :
إذا الإيمان ضاع فلا أمان ولا دنيا لمن لم يحيى دينا .
ومن رضى الحياة بغير دين فقد جعل الفناء لها قرينا ؟