نعم ... غزة تهدد مصر
أسعد العزوني
عند تقليب صفحات ملف"امبراطورية "غزة فان اول صفحة فيه تؤكد لنا مدى الخطورة التى تشكلها غزة على مصر ، ولكن علينا الانتباه جيدا ان هذا الخطر موجه لمصر النظام الساعي للتوريث وليس لمصر الشعب .
ان النظام الحاكم في مصر والذي تاجر بمصائر الشعب المصري الصابر لا يستطيع الا مجاراة كل من امريكا واسرائيل لضمان موافقتهما على التوريث وحتى لا يغضبا عليه وبالتالي تتوقف المعونات التى تساوي صفرا اذا ما قورنت بدور النظام الرسمي منذ توقيع معاهدة كامب ديفيد 1979 .
ذات يوم طلبت واشنطن من الرئيس مبارك الحصول على تنازلات من الرئيس الفلسطيني الراحل .ياسر عرفات المشهود له ب " الزئبقية " وتحدث معه بقسوة وأنه في حال عدم الاستجابة للرغبات الأمريكية فانه سيحرج القاهرة المهددة بوقف المعونات الأمريكية وتحادت الرجلان مطولا ، وغادر عرفات القاهرة وفوجىء الرئيس مبارك بانه لم يحصل على أي تنازل من قبل عرفات فبهت أمام الأمريكيين .
ابان العدوان الاسرائيلي الأخير على غزة زار وفد أوروبي القاهرة والتقى الرئيس مبارك الذي طمأنهم ان مصر لن تسمح لحماس بالانتصار على اسرائيل !!
ولعلي لا أكشف سرا عندما أقول أن السلطات المصرية قامت باجراءات مسح على انفاق غزة وسلمت خرائطها لاسرائيل التى بدات طائراتها بدكها واحدا بعد الآخر دون فائدة حيث اجبرت القاهرة على تنفيذ اتفاق رايس - ليفني المبرم قبيل وقف العدوان الاسرائيلي على غزة ورفضته مصر في حينه , وها هي تبني جدارا فولاذيا وليس حديديا او نحاسيا او حتى من الالومنيوم وجاء على لسان الساسة أن ذلك يندرج ضمن اطار السيادة والكرامة المصرية , مع أن احدا لا يتحدث عن سيناء المختطفة وعن ام الرشراس المستولى عليها وعن الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة على مصر بمختلف الأشكال بدء من التخريب الاقتصادي وانتهاء بالتجسس ، ومع ذلك تفتح أبواب قاهرة المعز أمام نتنياهو كما فتحت امام شارون ويوصف بانه رجل سلام !!
النظام في مصر يتخوف من استقرار الحال في غزة وثبات حركة حماس الأمر الذي يؤدي الى تواصل مع الاخوان المسلمين في مصر ، ولعل المزحة الثقيلة تكمن في انهم لا يريدون فسح المجال لتنظيم القاعدة بالتواجد في غزة !!! وهذا برأيي ما يبرر قيام مصر الرسمية بحصار غزة.
الغريب في الأمر أن الأزهر المطبع دخل على الخط من خلال رئيسه المعين من قبل الحكومة بالتجييش واصدار فتوى تقول أن الجدار الفولاذي " حلال شرعا " لكن ما يثلج الصدور هو أن الشيخ الجليل يوسف القرضاوي أصدر الفتوي الصحيحة وهي ان " الجدار الفولاذي حرام شرعا " . ونحن بالسليقة نرجح فتوى القرضاوي لأننا نثق به.
عام 2001 زار الارهابي شارون الصين وكعادة المسؤولين الصينيين اصطحبوه الى سور الصين العظيم وأخبروه ان الأسوار والجدر لم تعد تشكل وسائل حماية في هذا العصر لكن التوريث خالف المنطق وزرع جدارا فولاذيا للموت على حدود غزة .