لو كان في بلدي حرية

لصاح الناس يا كذاب

م.نجدت الأصفري

[email protected]

مسكين الشعب السوري المنكوب والمحاصر بين أنياب الأسد ومخالب المخابرات ، يسحب الشعب رغم أنفه كما تغتصب الفتاة العفيفة من ذئب بشري لا يرحم  ، يساق بالعصا ويقاد بالخطام ، تبا لحياة ليس فيها كلمة حرة تقال ، وهامة حرة ترفع ، وكرامة تصان .

دبج في عرس النخاسة مقالة تناوب على كتابتها كل المنافقين ، وكتاب العرائض المشهورين ، وأصحاب الأقلام الصدئة ، وقع عليها الموتورون ،والحاقدون ، وأعداء البشرية أجمعون ، ليلقيها صنمهم على أسماعهم فيصفقون ويضحكون ...أ عليه أم على أنفسهم يضحكون ويستهزؤون ؟

إنه زواج سفاح ، وحفلة اغتصاب ، ومهزلة هابطة . جرى فيها انتهاك القيم ، وجرح المشاعر ، والإستهتار بكل المعايير .

رأيت على الفضائية السورية ما يدمي القلب ، من الطاقم المتسول ، و من الضيوف على حفلة الدعارة يقننها قانون الجريمة المصانة في عرف نظام ضليل ومنافقين مكشوفين .

قابل المذيع الفطحل السيد  مهران للسيد شعبان عزوز رئيس اتحاد نقابات العمال في سوريا  ، فأطنب وأفاض حتى كادت رائحة النفاق التي خرجت من فمه تخرج خارج الشاشة التي ترتجف حنقا لما سمعت من تعابير تصل حد التمسح بالحذاء والتزلف للعواهر .

فيما سمعت في شبابي قصة تنطبق على ما سمعت اليوم ورأيت :

جاء متكلم بارع وممثل حاذق إلى قرية معظم سكانها أنصاف متعلمين والنصف الآخر بلا ألسنة ولا شفاه ، فأصبح النزيل يبرز كفاءآته ومواهبه على الجهلة الأميين ، حتى وضع نفسه في مجال العارف بكل شيء الفاهم في كل مضمار ، لم يسأل عن شيء إلا قرنه بآية اختلقها على عجل وفسرها على الفور بما يريد ، فلما افتتن الرعاع به حدا تجاوز المعقول ، أثار ذلك مجموعة شباب من القرية فقرروا احراجه بسؤال يصيغونه ويركبون كلماته من غوامض ما لم يسمعوه من قبل فاجتمع لديهم كلمة ( الخنفشار ) فذهبوا بها إليه سألوه عن الخنفشار : تنحنح قليلا ثم هدر فقال :

الخنفشار نبات إذا قطعه أحد من غصنه نز حليبا أبيض يستخدم خترة للحليب كي يصبح لبنا ، وقد قال فيه الشاعر بيته المشهور :

عقدت محبتكم بقلبي       كما عقد الحليب الخنفشار

وقال فيه رسول الله حديثا....

قاطعه السائلون غاضبين ، قف لا يصل دجلك للرسول (ص) ولو سمحنا لك بالإسترسال لوصلت إلى كتاب الله ... يا كذاب

تمنيت لو كان في بلدي حرية الكلمة لصاح الناس كفى يا كذاب .

 فقد كان المتحدث يرتعش انفعالا وسرورا مما قاله إلهه الدجال فقال : ماذا أقول وهل بعد كلمة الأسد من كلام ، صدقوني يا أخ مهران فقد استمزجت آراء جميع من قابلت  من  الناس قبل أن آتي لمقابلتكم ، فكان مما سمعته ، اعجابا غير محدود ، وشعورا بالغبطة لم أسمعه وأراه من قبل ، فقد كان حديث ( السيد الرئيس بشار الأسد ) كاملا ، شاملا ،  عاما ،  مفصلا ، أجاب به عن كل ما يريده الشعب بكل فئاته وفصائله ، تمنيت لو أن أحدا وجد ثغرة في الخطاب الجامع الشامل  ولكن هيهات .

ثم انتقل الميكروفون من يد إلى يد ، ومن مجال لآخر ، من العمال ، إلى الإعلام ، إلى رجال الدين ،إلى التجار ...الخ  تصوروا عندما يأتي الحديث إلى رجل دين فيماري فيما يقول ويكذب على ربه ودينه وشعبه ، قال مطران الأرثوذكس في حمص اننا أقمنا الأمة الإسلامية ، ثم جاء شيخ من المنهكين  من حلب الشهباء يطحنه القهر والظلم يعلك الكلام ويرتجف عظمه وبدنه وهو يبحث عن الكلمات التي تمرره من بين حبات الظلم التي تتربص به لو أخطأ ودخل المجال الحرام في خدمة السيد...

ما يؤلم أن الخطاب كان مما لا يوجد به خطأ ولو تعبيريا أو نحويا أو انشائيا أولغويا فقد كان مما لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلف ( أستغفر الله )

أعادوا بث  القسم الكاذب عدة مرات الذي يقول فيه :

أقسم بالله العظيم أن أحافظ على الوطن وأحترم الدستور ، والحرية والديمقراطية .... وأترك لمن يتابع تطبيق الحرية والديمقراطية في سوريا أن يصف هذا الكلام بين الصدق والكذب .. وأراهن بكل ما أملك أن يجد أحد شيئا واحدا صدق به صاحب القسم ..والسجون مليئة ، والأفواه مكممة ، والصحافة معطلة ، والكلام ممنوع ، والإجتماعات محظورة ، والنقد خط أحمر . ونصف الشعب مغيب في السجون أو خلف الحدود ، ونصفه الآخر مسحوب منه هوياته وجنسيته وكرامته فهو سجين في السجن الكبير.

وأكثر ما يستفز المستمع أن الرئيس ختم قسمه بالعمل بلا تهاون وبلا كلل ولا ملل لتحقيق:

 الوحدة .....يمكن مع إيران ، لأنكم تعرفون موقفه من العرب والعروبة الذين وصفهم بأنصاف وأشباه الرجال ، فمن بقي من العرب له عنده حظوة أو تقديرا.هل مع مصر ، السعودية ، دول الخليج ، الأردن ، لبنان ،الفلسطينيين ، العراق ؟؟؟

والحرية ... مع الأموات ، لأنكم ترون كم من الأحياء يملكون الحرية ويستطيعون فتح أفواههم على ما لا يرضيهم ، هل عارف دليلة ، ميشيل كيلو، البني ، اللبواني ، الرستناوي ، العبد الله ، الشباب الأكراد بالمئات... الخ

والإشتراكية ... مع البنوك الغربية ، بينما يشترك جميع المواطنين في الفقر والجوع والمرض .. بل حتى النبش في القمامة لسد رمق العيش .

أريد أن أذكر من لم ينس ، أن أبيه قبله نمق كلاما ، ورص تعابير واستخدم جملا وأدبا جميلا في أربعين سنة وجمع حوله منافقين ومصفقين حتى خطباء المساجد ، خلاصة ما فعله للشعب سجونا ومشانق قتلا وسحلا تشريدا وفقرا مدقعا وتشريدا لمن نجا بأعجوبة من مقصلته .

أما هذا الوريث فلن يكون أفضل من سلفه فمن شب على شيء شاب عليه فهذه طبقات المجتمع المطحون بالفقر ... بينما ماله يتجمع في بضع أياد لا تبتعد عن أيادي العائلة المالكة ، إلا أن يكون من هو في حذاءها يقدم مصلحتها على مصلحة أهله وعياله ليكسب من المال السحت ما ينبت في جسده لحما حراما .

وسؤالي للشعب الصابر :

أيها الأخوة ، رجالا ونساء ، صغارا وكبارا ، عربا وكردا ، مسلمين ومسيحيين ، أصحاء ومرضى ... وكل من يقرأ ويسمع ، يفهم ويعلم .. إلى الجميع أسأل : بعد أن سمعتم الهراء المركز ، والدجل المصنع :

فماذا تنتظرون ... ؟ هل أمريكا ..؟ هل ملائكة من السماء ...؟ هل زوار  من وراء الحدود  لأنقاذ الأهل والوطن ؟ أم لأننا لم نعد نصلح للقيام بما تمليه علينا كرامتنا ووواجباتنا ؟

لا يغرنكم أيام الحفلات وصخب الكلمات ، وزخارف المناسبات .. فقد خسف الله بمن هو أغنى وأقوى منهم ( قارون ) في يوم زينته وبقيت قصته عبرة لنا .

ونحن لقدر الله فيهم لمنتظرون .