بمناسبة الذكرى الأولى للمحرقة الصهيونية ..
وحتى لا ننسى غزَّة ..
عبد الله خليل شبيب
مسيرة ...على خطى السيرة
لم تكن مجرد مصادفة تسمية المجاهدين في غزة معركتهم الشرسة مع العدو .. بمعركة الفرقان .. تيمنا بمعركة بدر ..أول معركة كبيرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ..والتي انتصر فيها على مشركي قريش ..وسماها الله تعالى – بنفسه – ( يوم الفرقان ) ..:..".. إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان "
.. وبغض النظر عن كمية الخسائر والمكاسب وعدد الشهداء أو قتلى العدو .. فإن النتائج متشابهة !:
.. لقد جاءت قريش – بخيلها وخيلائها وتفوقها في العدد والعدة .. لتحاول إرهاب المسلمين .. والقضاء عليهم ..أوعلى ( خطرهم ) على الأقل .. لتأمين قريش وقوافلها واقتصادها وأفرادها ...فماذا كانت النتيجة ؟ وللقضاء على المقاومة المسلحة التي تشكل خطرا عليها وعلى مصالحها..! وقوام تلك المقاومة المهاجرون الذين طُرِدوا من مكة أو فروا بدينهم تاركين بيوتهم وأملاكهم!
.. وكذلك جاء العدو – قبل عام – شانّاًّ أبشع عدوان – بترسانته الأمريكية الأوروبية وبدعم كل القوى الظالمة الآثمة - على أشباه عُزل .. معلنا أهدافا معينة ..[ القضاء على حماس والمقاومة وخصوصا الإسلامية – وإنقاذ الأسير الفرنسي اليهودي..إلخ ] .. فلم يتحقق له من أهدافه المعلنة شيء يُذكَر – بالرغم من وحشيته وإجرامه العاتي- فالجبان حين يضرب يضرب بلا رحمة حتى لا يُبقى لخصمه قوة يمكن أن تخيفه هو في المستقبل – إن أمكن - ..وما يدري – الجبان الصهيوني أنه بمبالغته في إجرامه .. يزيد من تعبئة الأحقاد ..وتأكيد الإصرار على الانتقام منه..وتأليب الأنصار والمتعاطفين والمتضامنين من كل الملل والنحل والأجناس والأصقاع ... ويجعل كل مسلم في الأرض بل كل إنسان رافض للظلم كاره للباطل والابتزاز والتزوير والعدوان.. ينتظر اليوم والفرصة التي فيها يرد للباطل صاعه بصاعين ..! كما يكشف ذلك العدوان الجبان العاتي مدى هلع العدو نفسه ويعري إجرامه أمام العالَـَم السوي الذي يريد أن يرى ..وليس المعادي المتعامي .. كأكثر النظم الغربية والولايات المتحدة ..التي تؤيد جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية ..بل وتساهم فيها .. وهي تحاول محاسبة غيرها ..على أقل بكثير مما تشجع من جر ائم الصهاينة ..ومما تمارسه مشاركة معهم ..وضد غيرالفلسطينيين كذلك في العراق والأفغان والباكستان وغيرها !!
ولا غرابة .. فماعاد ينطلي على أحد .. كذب تلك القوى الكاذبة الحاقدة وتشدقها بالحضارة والإنسانية والعدالة وحقوق الإنسان – التي تُفَصِّل لها لبوسا خاصا بها وبمن يدور في فلكها .. وتنظر للآخرين نظرة استخفاف بل كأنهم ليسوا من البشر – على نهج وطريقة الصهيونية التلمودية المعروفة !!
الوجه البشع [ الحقيقي ] للحضارة الغربية المتوحشة [ الضارَّة]:!
.. ولتلك [الحضارة الضارّة!] التي ينخدع بها البعض .. ماض أسود قاتم في مجالات الإبادة وكراهية الآخر ومحاولة تدميره ..وما رافق تاريخها المخزي من جرائم ووحشية تقشعر لها الأبدان.. فقد سبق أن صدر أكثر من مؤلف منهم عن بشاعة تصرفاتهم ووحشيتها .. ؟
.. هل نسى التاريخ محاكم التفتيش مثلا ؟! ..
وهل أقام المسلمون - حين فتحهم للأندلس - مذابح ومجازر ومظالم للإسبان [ والقوط الكاثوليك خاصة ] ولليهود .. كما أقامت الكنيسة القوطية مجازر محاكم التفتيش للمسلمين واليهود في احتفالات حرق وتعذيب وقتل جماعي وخوزقة .. لجميع غير أبناء دينهم .. كبارا وصغارا رجالا ونساءً وأطفالا ً-! وأمام جميع أبناء دينهم كذلك كبارا وصغارا رجالا ونساء وأطفالا .. وكانوا يتلذذون بسادية حاقدة وهم يتفرجون على [شي الأحياء وخوزقتهم وتعذيبهم ] وتعلو أصواتهم بالصراخ بهجة ً وتشفيا ووحشية مفرطة ! ويتمتعون بأنين وصُراخ المعذَّبين واستغاثاتهم وتوسلاتهم !
.. وما ذنب المسلمين إلا أنهم نَقلوا إلى مجتمعات الغرب المتوحشة نور الإيمان والتوحيد والحضارة والرقي ..وأخرجوهم من عالم الغاب البدائي الذي كانوا يعيشون فيه .. وعاملوهم بكل إنسانية ورحمة وعدل – وأنقذوا من ظلمهم اليهود والمذاهب المخالفة لهم .. !
.. ولكن لأن المسلمين المتأخرين وملوك الطوائف .. نسوا رسالتهم ..وتجاوزوا حدودهم .. وأفسدهم الترف ومزقتهم الخلافات ..وتباعدواعن نهج الإسلام المستقيم ..وتعاموا عما كان عدوهم يعد لهم من انتقام حاقد ..وكذلك لم يبذل المسلمون وعقلاؤهم وعلماؤهم الجهد في الجهاد وتلافي الفساد .. سلط الله عليهم – بسننه الغالبة – مَن أدَّبَهُم وأزال ترفهم وفسادهم ..وعم الانتقام " واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة " فدالت دولتهم في الأندلس ..
وما من يد إلا يدالله فوقها ولا ظالم إلا سيُبلَََـَى بأظلمِ
فيا ليت قومي يعلمون ...!!
.. وكذلك لم ينس التاريخ ما فعله الغزاة والمكتشفون الغربيون النصارى في أهل البلاد الأصليين ( الذين أسموهم الهنود الحمر ) في الأمريكتين .. مما تقشعر له الأبدان وتكاد تشيب لهول مثله الولدان !!
.. ومن هنا فإنهم ينظرون لما يفعل اليهود المعتدون في فلسطين بالفلسطينيين ..نظرة استمتاع ورضا لأنها إعادة وتمثيل لماضيهم الدموي الوحشي الذي بنوا عليه أسس كياناتهم وحضاراتهم !!! ولعلهم يحنون لماضيهم ذاك ..كالعادة !
وبالمناسبة فقد اعتذر البابا قبل سنوات للهنود الحمر في كندا عن جرائم وإساءات الكنيسة [الغازية ] إليهم ..كما صدر أكثر من اعتذار للهنود الحمر- وقد أصبحوا قلة ذائبة في تلك البلاد ..لا وزن لها...
.. ولكن الحضارة الغربية المتوحشة [ وبابواتها]ترفض حتى الآن الاعتذار عن جرائمها ضد المسلمين ..سواء في مخازي محاكم التفتيش أو في الحروب الصليبية أو غيرها ..أو حتى في جرائم الاستعمار الحديث .. فحتى الآن ترفض فرنسا – مثلا – الاعتذار للجزائر عن مذابحها لشعبها على مدى قرن وثلث ..حيث حصدت الملايين ..وملأت الأرض فسادا وخرابا باسم الحضارة والتحضير ..والفرْنَسَة والتنصير ..إلخ..!!
.. وقس على ذلك جرائم [المتحضرين ] السابقة والحالية والمستقبلة .. حتى يأذن الله [ بتقليم أظفارهم ] وبانكفائهم داخل حدودهم .. وكف شرهم عن الخلق ..!ولعل الله يأذن بهدايتهم .. – على الأقل - ليطبقوا شعاراتهم حقيقة – عليهم وعلى غيرهم ..ويرضوا أن يدخلوا في الأخوة الإنسانية الحقيقية ..التي ترفض الظلم والقتل وإهانة بني الإنسان .. وتقتنع بالقانون الرباني الذي تتميز به الحضارة الإسلامية – لا واقع أدعياء الإسلام – ( ولقد كرمنا بني آدم )..
عسى أن يكف أؤلئك المتحضرون عن سياسة إشعال الحروب والفتن ليبيعوا سلاحا أكثر ويجنوا الأموال الطائلة على حساب [دماء وأرواح الآخرين المزهقة !] وقل مثل ذلك في اختراع الأوبئة ليكسبوا من بيع الأدوية والأمصال كذلك على حساب الأرواح المزهقة .واسألوا [ المتحضر الكبير =الحاقد ديفيد رامسفيلد – وزير الحرب الأمريكي الأسبق ] كم ربح – من [معركة أنفلونزا الطيور ] من أسهمه في شركة الدواء التي باعت الطعم المضاد لها .. ؟ وكم ياترى سيربح هو وأمثاله من [ معركة أنفلونزا الخنازير وما يليها ]؟..
.. لقد ثبت أن تلك الأوبئة غير طبيعية بل صناعية ..ومصنعة في مختبرات الجيش الأمريكي بالذات !! أرأيتم كم هم إنسانيون وحضاريون .. كما انتبهوا أخيرا فصمموا الأمصال المضادة على أن تحدث آثارا أكثر خطورة على المدى البعيد والمتوسط !!!
[ C.I.A ] من أقذر إنجازات تلك الحضارة !!!:
..وأخيرا كشفت صحيفة (لجارديان البريطانية ) في تقرير لها عن تعاون الاستخبارات الأمريكية (c.i.a.) مع عصابة المجرم [ كيث دايتون +عباس فياض + موساد ] مندوب أمريكا في الضفة الفلسطينية في تعذيب المساجين الإسلاميين والمقاومين – وخصوصا من كوادر حماس .. ليستأصلوا أية مقاومة ضد المعتدي اليهودي ..!! مما يفتح ملف ذلك الجهاز الإجرامي – الذي لا يخضع لقوانين ولا لمحاسبات أو حسابات .. ولا لأية شفافية أو مساءلة أوعقاب .. بل اعتادت الإدارة الأمريكية القمعية [ ضد الشعوب الأخرى طبعا ] .. ومنذ عشرات السنين أن تطلق يد ذلك الجهاز [القذر– بكل معنى الكلمة] ..بوسائله وغاياته وكوادره وأجهزته وأدواته..وفعائله ونتائجه ..إلخ .. أن تطلق يده في تدمير حريات الشعوب ..وسحق أحرار العالم وحركات التحرر في العالم الإسلامي وغيره ..
..ولذلك الجهاز كم هائل ..وسِجِلٌّ أسود شديد السواد والبشاعة من الجرائم ضد معظم شعوب البسيطة .. !!
فلا يكاد يكون هناك انقلاب عسكري أو حكم دكتاتوري .. أو عصابات قمع وتعذيب .. ..إلخ ..إلا ولذلك الجهاز [الوسخ ] دور أساسي فيها !
.. اسألوا إن شئتم سلاسل الانقلابات والنظم الدكتاتورية والحزبية والعسكرية والقمعية والسجون الرهيبة .. وأقبية التعذيب العفنة .. في أمريكا اللاتينية والعالم العربي والأفريقي وغيرها !
.. إن ذلك الجهاز القاتل .. ورجالاته [ وأكثرهم يحملون نعومة الأفاعي وخفاءها ] مسؤول عن اختفاء و[ تذويب ]عشرات آلاف الأشخاص في كل أنحاء المعمورة ..وذلك يعنى أن المختفين أُزهقت أرواحهم تحت التعذيب الشديد ..
.. وذلك الجهاز المجرم .. له وسائل رهيبة ومبتكرة ومتطورة في كتم الأنفاس وسحق ومقاومة الحريات وترويج الأكاذيب وقلب الحقائق .. وخداع الشعوب وتدمير مقوماتها وتفريق صفوفها وسرقة إنجازاتها وخيراتها وأمنها !!..وكذلك في [ تعذيب ضحاياه ] واستنطاق حتى الحجر .. ومراقبة وملاحقة حتى النمل !!
.. ولا بد أن تشتمل [القوائم السوداء ] على كل من عمل في ذلك الجهاز الآثم ومن تعاون معه ..ولو بكلمة مقصودة !.. ليلقى الجميع جزاءهم حين تحين ساعة العقاب والحساب !!
ولو لم يكن لتلك الحضارة من وحشية وجرائم إلا ما نعيشه ونشهده وشهدناه .. لكفاها .. وذلك - عدا عما عرفناه كلنا وكل العالم من [ مآثرها في أبو غريب وبوكا وغوانتانمامو وجانجي وبوغرام ..إلخ]-نقصد هنا = جرائمها المنكرة المشهودة المعلنة بكل وقاحة .. في ذلك الحصار الوحشي المجرم ..على شعب غزة لأن فيه فئة تصر على المطالبة بحقها وحق شعبها ..وعدم التنازل عن كرامتها وسلاحها ..وعدم الذوبان في تبعية الآخرين كما تصر على رفض المشاركة في حماية المعتدين والمحتلين ؟؟!!..ولذا يشارك من يسمونه [ المجتمع الدولي = أي دول العدوان الاستعمارية الصليبية ] وحلفها الأطلنطي [ بخيله وخيلائه]في هذا الحصار .. وتجوب بوارج فرنسا والإطلنطي البحر المتوسط قبالة غزة لرصدها ومنع تسلل أي طائر إليها .. فكأنها ألمانيا النازية أو روسيا القيصرية أو الاتحاد السوفييتي .. في زمانها بكل قواتها وجبروتها !!
.. وتطور الأمر لبناء جدار فولاذي [ سمك 50 سنتمترا وعمق 18 مترا ] مجهز بخلايا إلكترونية حساسة منعا من اختراقه! أو تجاوزه ! ومن أهداف هذا السد ..منع حفر الأنفاق وتسرب أي شيء لغزة تهريبا ..ولو كان الدواء والغذاء والضروريات الحياتية اليومية..وتشارك في [صب ونصب ] ذلك [ الستار الحديدي الفعلي ] مع مصر كل من[ أم الحضارة = أمريكا ! وأم الحرية = فرنسا ] إضافة للإشراف المباشر والأوامر الصهيونية ! .. أليس جياع مصر أولى بثمن ونفقات هذا السد [اليأجوجي المأجوجي ]؟!
..ونفس [ المجرمين المتحضرين ] يلاحقون حفاة الأفغان والباكستان ..هنالك في المشارق .. ويشنون على الجميع – مدنيين ومقاومين – حرب إبادة بغارات مستمرة ..وبمشاركة حلف الأطلسي وأوروبا وتوابعها .. ومع ذلك يكادون يقرون بهزائمهم النكراء أمام ثلة من الحفاة الجياع الفقراء !!.. ولكنهم ( أباة أعزة أبطال يرفضون الذل والعدوان والاحتلال) ويقاومونه ..حتى آخر رمق وقطرة دم ..شأن الأحرار الأكرمين البواسل .. ..ولقد اعتادوا أن تكون ( أفغانهم مقبرة للغزاة ) ..فقبل حلف الأطلنطي .. انهزمت وزالت وتفككت الإمبراطورية السوفياتية ..وقبلها الإمبراطورية البريطانية ..وإمبراطوريات أخرى في التاريخ .. تحطمت غطرستها ومظالمها وعنفوانها ..على أقدام الأفغان ..وفي صحاري الأفغان وجبالها !!
حصار الشعب :
ملمح آخر من ملامح التشابه بين الوضع الغزي الراهن والسيرة النبوية .. وهو ذلك الحصار الظالم الذي تفرضه القوى الباغية الظالمة على فئة من المستضعفين .. وهوما أشرنا إليه سابقا ..كمظهر من مظاهر السقوط لهذه الحضارة الكاذبة .. وتفنيد دعاواها الفارغة في الإنسانية وحقوق الإنسان ..وما رادف ذلك من دعوات ظاهرها إنساني ..ولكنها لا تطبق إلا عليهم ونادرا ما يستفيد منها غيرهم ..
وهؤلاء [الوحوش القساة ] يصرون على منع – حتى كثير من المضطرين من أهل غزة للخروج للعلاج أوالتعلم أو للالتحاق بأعمالهم في الخارج التي يتعيشون منها وأسرهم ..أو لصلة الرحم أو جمع الشمل أو مختلف الضرورات الحياتية .. وقد مات مئات نتيجة منعهم من الخروج للعلاج .. وتعلقت [آثام قتلهم برقاب الظالمين من الصهاينة وحلفائهم وعبيدهم الذين لا يجرؤون على رفع الحصار خشية من غضب الأسياد وإقالتهم من مناصبهم ورياساتهم وقطع [ الأمداد الدولارية والشيكلية الحرام عنهم ]!].. ..وأشدهم عذابا أغلظهم رقبة !!!
..كما يمنع الظالمون وعبيدهم..دخول أية مواد بناء لإصلاح وبناء مساكن لألوف (الضاحين =الذين لا يجدون مأوى أو مساكن ) ممن هدمت الغارات الصهيونية المتوحشة بيوتهم على رؤوس أكثرهم ! وتركت بقايا الناجين منهم في العراء ..حتى البيوت الخشبية التي صممها وصنعها بعض الوطنيين الغيورين من أهل مصر ..منعت من العبور إلى الجياع الضاحين ..! فأي ظلم أبشع من هذا ؟! وأي عقاب يستحقه أؤلئك الظالمون القتلة..في الدنيا والآخرة ؟!
.. لقد سبق أن فرضت قريش الكافرة الظالمة حصارا على النبي محمد صلى الله عليه وسلم ..- ومن آمن معه – في شِعب بني هاشم – قرب مكة – بل ودخل معهم في الحصار معظم بني هاشم – وإن لم يكونوا مسلمين حينها – عدا الباغي أبو لهب عم النبي صلى الله عليه وسلم – وعدوه اللدود !
..لقد عانى المسلمون والنبي ومن معهم في حصار الشعب – مدة ثلاث سنين في بعض الروايات -.. من مقاطعة قريش وحصارها .. وقد منعت التعامل معهم ..وحالت بين سائر العرب وبين الاتصال بهم أو بيعهم أو من إيصال أية إمدادات غذائية أو غيرها إليهم ..وقاطعتهم بيعا وشراءً وتعاملا ..حتى بلغ بهم الجَهد مبلغه ..!
..وتُحدِّثنا كتب السيرة عن مدى وشدة ذلك الحصار حتى اضطروا لأكل [ خشاش الأرض] أي الحشرات ولحاء الشجر ( أي قشور جذوع الشجر ) والجلود اليابسة – إن وجدت -!
.. يقول أحد المحاصَرين : ذهبت في الليل لأتبول .. فسمعت تحت البول خشخشة ..فقطعت .. ثم استخرجته من الترب ..فإذا به [سعن = أي قربة جلدية ] قديم بالٍ .. فنظفته وشويته وأكلته !!!
.. وما يحصل بغزة .. فيه ملامح من مثل ذلك الضيق .. والتضييق .. وإجلاب الكفر والنفاق والعدوان .. لمحاولة إهلاك ..أو إذلال أهلها ومقاوميها ..وثنيهم عن عقيدتهم.. لأن التمسك بالسلاح والمقاومة في وجه الظالم المعتدي فريضة .. ترْكُها والتنازل عنها يساوي الكفر والردة وترك الإيمان ومقتضياته ..وهي هي الفتنة عينها( أي الارتداد عن الدين تحت الضغط والترهيب والترغيب !) والتي هي أشد وأكبر من القتل " والفتنة أكبر من القتل ..ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا .. ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأؤلئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأؤلئك أصحاب النار هم فيها خالدون" .. ( سورةالبقرة : 217 )
توازن القوى :
إن أية مقارنة – مادية - بين إمكانات غزة المخنوقة بحصار ظالم آثم..وبين من يحاصرونها ويعادونها ويُجلبون عليها بخيلهم ورجلهم ..وأسلحتهم الهائلة الفتاكة وعَددهم وعُددهم ..إلخ تلك المقارنة – في ظاهر الأمر .. نتائجها محسومة سلفا .. فلا قِبل لهؤلاء الضعفاء المستضعفين ..محدودي العَدد بسيطي العُدد .. بكل تلك السيول الهادرة من الغيلان المتوحشة الكاشرة عن أنيابها المفترسة ..المدججة بكل وسائل القتل والإبادة والتدمير والخراب ..إلخ
..معنى ذلك – ماديا – أن على غزة أن ترفع الراية البيضاء وأن تلُقي السلاح ..وتستسلم للغزاة الظالمين ..وحلفائهم وعبيدهم .. من كل لون ونوع !
فهل هذا هو ما يدور في خَلَد المقاومين ..؟! وإن كانت أحلامه تراود البعض ربما بعض اليائسين في غزة أو أصحاب التنسيق الأمني وشركاء الصهاينة ودايتون في مشارق فلسطين !.. أو حتى [ توهمه وطمع فيه ] الصهاينة وحلف الشر الإطلنطي وتوابعه ..وذيولهم الأخرى
ولكن للبشر حساباتهم .. ولله وللتاريخ وللحرية حسابات أخرى!
..وكما قيل : لو حسبت كل مقاومة وثورة حسابات توازن القوى لما قامت ثورة ضد محتل ..أو ظالم أوغاصب .. ولما تحرر شعب مستعمَر مظلوم ..
.. وما دمنا في ظلال السيرة والمقارنة .. فلنرجع بفكرنا إلى تلك الأيام .. هل كان أحد يتصور أن فردا يخرج في مكة مناديا بالتوحيد والتغيير .. وقلة معه قليلة .. آمنت به ..ثم هاجرت .. وتكون لها تجمع في يثرب .. هل كان أحد يتصور أن هذه (النواة ) يمكن أن تحرر الشعوب المستعبدة تحت نير القياصرة والأكاسرة جميعا .. الذين كانوا يُكَوِّنون القوى الكبرى في ذلك الزمان ..ويخضع الكثيرون لنير سلطانهم ويكتوون بنيران طغيانهم ؟!
واقترب الوعد الحق !:
.. في نظرنا – وحسب التحليل التاريخي والحضاري .. وسنن الله في الكون .. إضافة إلى ما ورد من نصوص ونبوءات سواء في التراث الإسلامي ..أوالعبراني أو غيرهما ..فإن النهاية معلومة والنتيجة محسومة ..والله هو الغالب ..ولن يضيع حق وراءه مطالب !
.. هذا مع حساب الفوارق .. ومحاولة العدوالصهيوني الاستقواء بكل قوى الشر في العالم .. حتى عاد أكثر نفيرا.. وسعيه الدائب في تزييف الحقائق وصوته العالي في إعلامه المضلل وحشد ما يمكنه من طاقات لتأييد باطله الواضح البطلان ..والذي كشف [ عورات أدعياء الحضارة] بتأييدهم الأعمى له ..تلك المواقف التي عرّت سوء طواياهم الدموية ..وحقدهم التاريخي الدفين ضد الإسلام والمسلمين.. وتأييدهم للذبح والإبادات الجماعية وجرائم الحرب ..وتدمير حقوق الإنسان التي يدَّعون الحفاظ عليها والدعوة إليها !!
..هذا إضافة إلى حذر العدو الشديد ..ومحاولته الاستفادة من كل شيء من الواقع والتاريخ ..وضعف النفس الإنسانية وميلها للشهوات واستغلال كل ذلك بمختلف الوسائل ..! وتشبثه بحبال مؤيديه وبحبال القوة الطاغية .. لكنها لن تغير كثيرا من النتيجة ..إلا أنها قد تؤخر المتوقع قليلا ..وقد تزيد عدد الضحايا ( ضحايا التخلص من الوباء السرطاني الصهيوني ) وإراحة العالم من شره الذي لا تكاد تخلو من آثاره بقعة في الأرض أو حدث من الأحداث !
.. لربما بلغ العدو الصهيوني غاية ومنتهى [ العُلُوّ الكبير ] المشار إليه في القرآن ... ولم يبق إلا أن يبدأ العد التنازلي ..
ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقعْ !
وربما بدأ ذلك العد التنازلي ..– وبانحدار شديد – خصوصا بعد انكشاف وحشية العدو الصهيوني وجرائمه في مذبحة ومحرقة غزة .. وغيرها .. ولم يعد ينفعه كثيرا [ العزف على نغمات المسكنة ] حيث كان يوهم العالم أن اليهود المظلومين المساكين .. أصحاب وطن ودولة شرعية !..وهم محاطون بوحوش عربية ومسلمة ..تريد أن تعيد فيهم [ هولوكوست هتلر المزعوم ..والكاذب بالتأكيد ..والمستغـَل أبشع استغلال ..لتهييج الضالين وكسب مناصرتهم للباطل الصهيوني ] وهم في الحقيقة يريدون التخلص من[كابوس النجس اليهودي] الذي عاث فسادا وإفسادا وربا واستغلالا في مجتمعاتهم .. فتخيلوا أنهم يستطيعون التخلص منه على حساب الآخرين..وخصوصا ممن ينظر له كثير منهم أنه عدو تارخي ..منذ حروب الفرنجة الصليبية ..أو قبل ذلك وبعده !
.. ولذا فإن [ تنظيف العالم ] من ذلك الوباء الصهيوني ..هو مهمة مقدسة وخدمة جلى يقدمها – من يفعلها للإنسانية كافة ..!!
...وليس الآن في الأفق من هو مؤهل لذلك ومرشح له .. ومصر عليه.. إلا هذه القلة المجاهدة المحاصرة المرابطة الصابرة في غزة .. وهي الموعودة بالنصر ( في أكناف بيت المقدس .. لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي وعد الله ) وهذا الوعد آت لا محالة .. ومحَقَّق – بإذن الله وأمره – لهم ولإخوانهم وأنصارهم في بيت المقدس وسائر أكنافه وكل فلسطين وما باركه الله مما حول المسجد الأقصى ..وكل المسلمين المتطلعين لليوم الذي يتاح لهم فيه أن يشاركوا في شرف تحرير الأقصى والشهادة في سبيله !.. حيث أنه عقيدة في قلب كل مسلم .. منصوص عليه في القرآن .. ولا يمكن التخلي عنه ما دام كتاب الله يتلى في الأكوان ! وفي ومن كل أهل الإسلام والإيمان !
.. أما الآخرون – ما عدا من يعتنق فكر المقاومة .. ( ومن يجعل البندقية قلبا ..ويطوي عليها شغافه – كما يقول الشاعر مظفر النواب ).. فأؤلئك قوم.. رفعوا أيديهم وأرجلهم .. رضوا بالخيار الاستراتيجي الوحيد .. حتى [ تخلل ] ذلك الخيار .. ولم يجد له سائما !
أما متى يتحقق وعد الله .. فذلك أمر غيب في علم الله .. لكنه كائن واقع حاصل لا محالة ..
فمثل تلك الأحداث الضخام .. والتي لا بد أن تتهيأ لها الأسباب .. وربما بدأت .. وكذلك أعمار الأمم .. لا تقاس بالأيام والشهور .. بل ولا حتى بالسنين .. بل ربما بالعقود ..إلا أن يكون لتسارع الزمان – في ذلك دور كبير .. وإلى الله المصير ..وإلى الله ترجع الأمور.
" ويسألونك متى هو .. قل عسى أن يكون قريبا "