جائزة .. ومسابقة وبينهما دم !

أ.د. حلمي محمد القاعود

[email protected]

الجائزة للرئيس الفلسطيني محمود عباس ( أبي مازن ).

أما المسابقة فهي لملكة جمال فلسطين في رام الله.

والدم هو الدم الفلسطيني الذي يراق على قارعة الطريق بيد العدو النازي اليهودي ، أو بفعل التعذيب الذي يمارسه المناضلون الأشاوس والنشامي في سجون السلطة الفلسطينية ضد إخوتهم أبناء حماس الفلسطينية .

الجائزة اقترحتها جريدة صهيونية تقديرا لخدمات الرجل( أبي مازن ) للكيان النازي الصهيوني ، وتقديرا له على جهوده من أجل الصهاينة ، وترسيخ وجودهم النازي العدواني في فلسطين المحتلة .  فقد طالبت صحيفة "إسرائيل اليوم" الصهيونية بمنح رئيس السلطة الفلسطينية منتهى الولاية محمود عباس أبي مازن جائزة "إسرائيل" نظير خدماته الجليلة لكيان العدو الصهيوني.وقالت الصحيفة : إن( أبا مازن )  "جدير بالجائزة بفضل رفضه العروض السخية لرئيس الحكومة السابق إيهود أولمرت في أثناء المفاوضات التي أجراها الرجلان".وتشير الصحيفة إلى أنها :"ليست المرة الأولى التي ينقذنا فيها 'العدو' من أنفسنا. لشدة الحظ ، عروض أولمرت ساعدتنا فقط على أن نفهم حيال من نقف". وأضافت: 'الآن يتبين بأن أولمرت عرض على أبي مازن أراضي زراعية تعود إلى كيبوتسات وقرى في منطقة غلاف غزة"، لافتاً إلى أن تلك القرى تعرضت على مدى ثماني سنوات لنار الصواريخ من جانب الفلسطينيين، ـ"جائزة على عدوانهم"، كما قالت.  وبيَّنت  الجريدة :" أن أبا مازن لم يقبل اقتراحات أولمرت لأنه صاحب تجربة ويعرف بأنه إذا رفضها، سيحصل بدلاً منها على اقتراحات أبعد مسافة".وتضيف الجريدة :"وعلي  إسرائيل أن تشكر أبا مازن على قراره ، وأن توضح بأنه من الآن فصاعداً ستتغير قواعد اللعب"، حسب قول الصحيفة.

جائزة أبى مازن تعني أنه قدم للغزاة هدايا برفضه قبول الأراضي التي يسكنها المغتصبون ، وأنها ستظل في قبضتهم ليحققوا مزيدا من تهويد الأرض ! ومنحهم فرصة للعمل والبناء والاستفادة بالوقت في ظلال رفض العروض واستمرار المفاوضات العبثية  والصمت !

أما المسابقة فقد أعلنت عنها شركة  تريب فاشون وهي شركة تجارية محلية تنشط في الضفة الغربية، وقالت إن مسابقة ملكة جمال فلسطين 2009م ، تنطلق لأول مرة في رام الله بمشاركة 58 فتاة فلسطينية من الضفة وعرب 48 حيث كان مقررا تتويج الفائزة ملكة لجمال الوطن السليب !

وطالب البيان منظمي الحفل كما قالت وكالة الأنباء الألمانية 21/12/2009م ، باحترام ذكرى الحرب الصهيونية على غزة التي تتوافق مع الموعد الذي أعلنوه لتتويج ملكة الجمال الجميلة ! وذكر البيان أن قرار المحافظة غير موجه ضد الشركات الخاصة التي تنظم الحدث ، وأضاف البيان أن المحافظة تشجع أفكارا مثل الجمال الملتزم (؟) النابع من العادات والتقاليد الفلسطينية .. شكر الله سعيكم يا محافظة رام الله والبيرة على تشجيعكم للجمال الملتزم – فقط اشرحوا لنا ما هو ؟    

 ولعل منظر الدم الذي سال تحت سيارة مستوطن صهيوني متوحش دهس فلسطينيا بريئا تحت عجلات سيارته ، وتعذيب العشرات من أبناء حماس الفلسطينية في سجون الأشاوس والنشامي من مناضلي السلطة الفلسطينية قد جعل منظمي المسابقة يخجلون بعض الشيء من أنفسهم ، فأعلنوا تأجيل المسابقة  من خلال قرار لمحافظة رام الله والبيرة  نظرا لمقتضيات المصلحة العامة  ...

لقد قام مستوطن من كريات أربع بالمرور بسيارته على الشاب الفلسطيني أسامة مسودة ( 21عاما)من الخليل أكثر من مرة والشرطة الصهيونية تتفرج على دماء الشاب الفلسطيني الذي ينزف دما ، وعظامه تتكسر تحت إطارات السيارة الآثمة ؟ ولا ندري ماذا فعلت السلطة الفلسطينية التي يرأسها الرئيس الفلسطيني محمود عباس من أجل الشاب الذي تم دهسه جهارا نهارا في وحشية بشعة شاهدها العالم كله على شاشات التلفزة !

وفي عدد 19/12/2009م من صحيفة الجارديان البريطانية عرض مفصل لأشكال التعذيب التي تقوم بها أجهزة الأمن الفلسطينية بتوجيه ورعاية المخابرات المركزية الأميركية والجنرال دايتون ، وذكرت الصحيفة أن ثلاثة فلسطينيين من حماس تم قتلهم جراء التعذيب آخرهم هيثم عمرو (33) عاماً من الخليل.

ولست أدري إلى أي مدى يمكن أن تتجه الأمور بعد أن انتهى أمر  القضية الفلسطينية إلى ترك المقاومة المسلحة  إيثارا للمفاوضات العبثية التي تتيح للعدو فرصة أفضل في تهويد البلاد والعباد ، والانصراف إلى نشاطات تافهة وسطحية بل إجرامية مثل مسابقات ملكة الجمال الفلسطينية التي تعني تحويل بناتنا إلى مجرد أجساد تعرض وتباع وتشترى في سوق الرق الجديد ، وكان   الغزاة اليهود القتلة قد قاموا منذ عام 48 باستعراض سوقهم في الرق الجماعي للأرض الفلسطينية ومن عليها ..؟!

ثم إن جرائم التعذيب التي تشرف عليها أميركا تعني أن المستقبل لا يبشر بأي خير . ما الفارق بين التعذيب في سجون الغزاة النازيين القتلة وبين التعذيب في سجون السلطة الفلسطينية ؟ إن الأمر على هذا النحو يؤكد أن محنة الشعب الفلسطيني مركبة بين العدو النازي اليهودي والشقيق الفلسطيني، والشقيق العربي؛  فهؤلاء جميعا اتفقوا على تصفية الإنسان الفلسطيني وبيعه في سوق الرق والنخاسة بأ بخس الأثمان ، أو قتله معنويا وماديا .

لقد تمنيت أن يفعل الرئيس الفلسطيني شيئا يحسب له في التاريخ ، ولكنه لم يفعل ، ويصر ألا يفعل . صحيح أنه ولد لأسرة بهائية ، والبهائية صناعة يهودية صهيونية ، ولا يمكن للمصنوع أن يخالف إرادة الصانع ، ولكن ألا يدفعه الحياء إلى ترك منصبه وحل السلطة وترك الأمر للشعب الفلسطيني ؟ إنه لو فعل سيدخل التاريخ ، وساعتها فإن الأمل في رحمة الله وغفرانه يصبح كبيرا .. ولكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه !