أيها الساقطون .. لا تذبحوا مصر
أيها الساقطون .. لا تذبحوا مصر
أ.د/
جابر قميحةهو صديق زميل لا يخلو قلبه من طيبة، وهو دائمًا هاش باش.. لا تفارقه الابتسامة، كأنما فرضت عليه بقرار من لجنة السياسات بالحزب الوطني الذي ينتسب إليه.
جاءني هذه المرة وابتسامته قد ازدادت اتساعًا حتى غطت مقدمة عنقه، وانطلق هذه المرة كأنه مدفع صوتي.
ـ شفت بقى .. لقد ظهرت نتيجة انتخاب الشورى واكتسحنا الإخوان اكتساحًا .. صاعقًا.. متخطيا خط " الأغلبية " إلى خط" الاكتساح الماحق "، وإذا بنا "الرقم الفلكي" وإذا بالإخوان "صفر على الشمال"، ولاعجب في ذلك، فهي إرادة الشعب.. الذي عبر بمصداقية عن "حجمنا" الحقيقي الساحق، وعبر بمصداقية أيضًا عن "الحجم الإخواني المسحوق". أبعد هذا تشككون في أننا "حزب الأغلبية" ؟.
تزوير وغش وتسويد:
وما ذكره صاحبي صحيح.. بل هو أقل مما كان يجب . وقد رأينا في عهد الميمونة الرقم السحري العجيب 99.999. لأول مرة في تاريخ البشرية. وفي كل العهود الثورية، وخصوصًا عهد مبارك باستفتاءاته وانتخاباته، رأينا صورًا مبتكرة من التزوير : فرأينا التزوير: بالحظر"، أي بمنع المواطنين من الإدلاء بأصواتهم، وخصوصًا في اللجان ذات الكثافة الإخوانية، ثم تسوَّد استمارة التصويت لصالح "الوطني" وتوضع في الصندوق الزجاجي.
هذا ما رأيناه، وسجل، بالصوت، والصورة، والحركة لأحدهم، وهو "يسود" ويضع البطاقات المسودة في الصندوق الزجاجي، ومن حصيلة هذه الصناديق تأتي النتيجة.. النتيجة الغريبة التي تصنع "الأغلبية" السابقة التي لم يعرف لها أحد مثيلاً أو شبيها إلا في عهود الثورة وخصوصًا عهد مبارك.
ولم يكن يستخدم في لجان الانتخابات إلا الصناديق الخشبية، وكان استخدام الصناديق الزجاجية أملاً كبيرًا جدًّا لضمان سلامة العملية الانتخابية، واستخدمت الصناديق الزجاجية، فما منعت تزويرًا وتسويدا، وظل الحال كما هو؛ لأن المسألة ليست مسألة صناديق خشبية، أو حديدية، أو زجاجية، أو حتى ذرية، ولكن مرجع الحماية والنزاهة هو "الضمير" ... الضمير الحي الحريص على قيم العدل، والإنسانية، والموضوعية بعيدًا عن المجاملة والحقد والكراهية، ومن قيمه (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) المائدة8.
إن القيام بهذا التسويد التزويري، أوهذا التزوير التسويدي لايحكم عليه بأنه مجرد "إسقاط" أو "إنجاح" لمرشح لمصلحة الحزب الحاكم، ولكنها عملية "ذبح معنوي" للوطن، والقضاء على ركائزه العقدية والإيمانية، والأخلاقية بحيث يسهل على أعدائه أن ينزلوا به أشد الهزائم، وأنكاها.. هذا من الناحيةالعسكرية، ومن الناحية المعنوية نجده مستسلمًا تابعًا.. طائعًا. كأن كلمة "لا" لا وجود لها في في معجم حياته؛ لأنه لا يملك من مقومات المعارضة والتصدي والتحدي شيئًا، وأصبحنا نعيش عصر "الأمركة والصهينة" : مشيئتهم هي المشيئة، وقرارهم هو القرار؛ لأن يدهم هي العليا، وأيدينا هي السفلى.
أزهى عصور الديمقراطية!!!
لقد دأب أعضاء مدرسة المستنقع من الكُتاب والصحفيين، وحملة القماقم على الزعم بأن مصر تعيش حاليًّا أزهي عصور الديمقراطية.
فكيف يستقيم هذا الزعم وعمليات التزوير والكذب، والخداع، وهتك الأعراض، وضرب نواب الشعب وسحلهم، والقبض على الأبرياء وإلصاق أبشع التهم بهم، وعدم تنفيذ الأحكام القانونية؟
إنه أشد العصور سوادًا، وظلمًا، وقهرًا، ومن حقي ـ وحق كل مواطن مصري ـ أن يقول:
ثـم صـالـتْ عصابةُ الإفكِ فـحـضـرنْـا جَنازةَ النصرِ والقا يـومـهـا مـصر يُتِّمت، وتجلَّتْ .. إذ تَـوَلَّـى الـقـيادَ ظُفْرٌ ونابٌ فتعالَي: بَنُوك ـ يا مصْرُ ـ أضحوا امْـنَـحـيـهـم أثـارةً من حنانٍ وضـيـاءٍ من نور عينيكِ عل ال * * * ويْـحَ قـلـبي لم تعدْ مصرُ مصرًا قـطـعَ الـمـنسَرُ الطريقَ عليها بـدنـانـيـرَ مـن نُضارٍ كذوبٍ والـظـلامُ الـكئيبُ يَروي الحكايا فـشـهـيـدٌ هَـوَى بسوطٍ حقير ذنـبـه أنَّـهُ اسـتـعـاذَ ونادى: وشـهـيـدٌ أبـى الـسجود لطاغٍ وشـهـيـد بـكى لحريةٍ .. مهـ وشـهـيـدٌ لأنـه رفـض القـو والأبـاةُ الأحـياء في ظلمة السجْـ هـل يُـضـامُ الذي يعيشُ على نو | بالغَدْ رِ عـلـى الـحق صولةَ نـونِ والـوعـيِ والـعلا واللسانِ شـمـسُـهـا في الحدادِ والأشجان وسـيـاطٌ وصـولـةُ الـسَّـجَّانِ طُـعْـمـةً بـيـنَ فـكَّي الذوبانِ ولـبـانٍ مـن صـدركِ الحنان نـورَ يـطـفِـي لواعجَ الأحزانِ * * * وهْـي كـانـت كـدَّرةِ الأوطـانِ وشـرَوْهـا لـلـداعِـر القرصانِ بـعـدَ أن غُـمِّـستْ بطينِ الهوان دامـيـاتٍ عـن شـرعةِ الغيلان بـالـتُّـقـى مـقـلـتاهُ ..تلتمعان "ربِّـيَ اللهُ، إنَّـهُ مـسـتـعـاني" وركـوعًـا لـعُـصـبةِ الشيطانِ تـوكـةِ الـعرضِ إذ دعوا للجاني مـيـةَ الـعْـميا .. منهج العميان ـنِ مَـعَ الـنـيِّـرات الـمـثاني رِ الـضـحى والإسراءِ والفرقانِ؟! | الثعبان
ومما يؤسف له أن الإخوان إذا أبدوا رأيًّا في مسألة معينة، أو عارضوا خطأ واضحًا في أي مجال من المجالات (هب المستنقعيون) يقولون لا تتكلموا فأنتم محظورونَ.
والذين يحكمون بالحظٍر, أو الإباحة في مجال الأحزاب يعتمدون علي الظاهر المشهود من التحرك والنشاط والإجازة القانونية. ويغفلون أهم قواعد الثبات والبقاء والتفوق الحزبي. وأعني بها القاعدة النفسية, أي مكان أو مكانة هذا «التنظيم الحزبي» قادة, ومبادئ, وخططا في نفوس أعضائه بخاصة, ونفوس الشعب بعامة, لأن الحظر أو الإجازة لا يكونان بقرار حكومي سلطوي, ولكن بقرار شعبي عملي يصدر بلسان الحال , لا لسان «المقال», ويتمثل في ثلاثية: الحب والاعتناق والالتفاف. أي حب الأعضاء للحزب وإخلاص الود والوفاء له, واعتناق مبادئه والإيمان بها إيمانًا عميقًا, والالتفاف بمعني حماية الحزب, والتضحية في سبيله بالنفس والولد والمال.
ولننظر إلي الحزب الوطني, وترجمته تتمثل مفرداتها فيما يأتي:
1- إمكانات ضخمة من المال والمباني والحراسات وأمن السلطة.
2- أغلبية مدّعاة, قالوا إنها لا تقل عن ثمانين في المائة, وأنها لن تقل عن ذلك في المستقبل, وكل مستقبل, بل ستزيد زيادات مطردة, بذلك صرح الشاذلي ذات يوم لصحفي «بالعربي الناصري» وأقول «قلبك أبيض يا شاذلي... فالغيب لا يعلمه إلا الله».
3- براعة فائقة في فنون تزوير الانتخابات والإرادات, والتأمين «الأمني» المكثف.
4- تقديم أهل الولاء الحزبي علي أصحاب الخبرات والولاء الوطني, بصرف النظر عن مصلحة الشعب, وخصوصًا الطبقات الدنيا.
5- الوعود البراقة التي لم يتحقق منها شيء, بل تحقق بها نقيض المنشود مثل: الوعد.. بل الوعود برفع المعاناة عن المواطنين, والقضاء علي البطالة, والارتفاع بمستوي التعليم والثقافة... إلخ.
وبعد كل أولئك من حقي أن أقول إن هذا الحزب الوطني هو «المحظور» الأول في كل الأحزاب, فهو «المكروه» الأول, وهو «المعزول» الأول, فليس له «قاعدة نفسية» في نفوس الشعب, بل بني كبارهم بينهم وبين قلوب شعبنا المطحون حائطًا خرسانيًا سميكًا متينًا. فإذا سمع أحد المواطنين اسم «الحزب الوطني» قفزت إلي خاطره كلمات النفعية والادعاء والتزوير والبهرجة و«العض» علي الكراسي بأسنان أقوي من حديد «أحمد عز»!